تقتصر للأسف مهنة الساعاجي وهي فن متوارث أبا عن جد على تصليح و بيع الساعات و المنبهات غير أنها لا تزال تقاوم عوارض الدهر و تبقى حرفة تستدعي إعادة الإعتبار. و ما يضمن ديمومة الحرفة مفاهيم مثل الاستيقاظ في الوقت و معرفة الوقت و امتلاك ساعة جميلة و تزيين البيت بساعة جدراية بالرغم من نقص فادح في المصلحين لأن "الشباب يفضلون الربح السريع" حسب حرفي بالعاصمة. و تعرف هذه الحرفة الدقيقة التي تتطلب مهارة و تركيزا كبيرين و غالبا ما "تعلم" بورشات عائلية عزوفا من قبل الشباب حتى و إن كانوا ينتمون إلى عائلات صانعي الساعات لأنهم يعتبرونها "غير مربحة" مقابل الجهود الكبيرة التي يبذلونها. و أجمع صانعو ساعات التقت بهم وأج على القول أن غياب مدارس مختصة و أحداث سنوية مخصصة لهذه الحرفة قللت من شأن هذه الأخيرة في نظر الأجيال الصاعدة بالرغم من توفر الأدوات المستعلمة في صناعة الساعات. و حتى و إن كانوا يعترفون بغياب صناعة الساعات كفن في الجزائر و لكنها مخصصة لتركيب و تصليح و بيع الساعات إلا أنهم يأملون في تنظيم صالونات و معارض حول هذا الفن من أجل رد الإعتبار له و تعزيز العلاقات بين صانعي الساعات. غير أن هذه الحرفة لا زالت تستقطب بعض الشباب و أحسن مثال على ذلك محمد الهادي و زميله يعملان جنبا إلى جنب و أمامهما العديد من القطع و الأدوات في محل صغير بمحمد بلوزداد. و يبدو أن محمد الهادي الذي يمارس هذه الحرفة منذ اثنين و عشرين سنة في هذا المحل الذي فتح في 1976 فخورا بمهنته حتى و إن كان يسجل بعض التذبذب في تطورها خاصة مع ظهور الساعات ذات الصناعة الأسياوية و الهواتف المحمولة. و أوضح لوأج أن "هذا الوضع قلل من اهتمام الناس باقتناء منتوجات تحمل علامات معروفة بحيث يفضلون امتلاك ساعات بأسعار معقولة أو استعمال هواتفهم لمعرفة الوقت الأمر الذي "ألحق أضرارا بالمهنة بين 1996 و 2003". و في هذا الصدد أكد عبد المجيد بوغديري حرفي اكتسب المهارة على يد خاله منذ سبع و ثلاثين عاما أن صانعي الساعات الذي لا يتعدى عددهم المئة عبر كامل التراب الوطني "قد يزولون خلال هذه الفترة". و يرى أن "الكثير من الناس يهتمون اليوم بامتلاك ساعة تحمل علامة معروفة حتى و إن كانت باهضة الثمن" مما بعث من جديد صناعة الساعات. و أعرب عن ارتياحه لزوال "الأثر الذي تركه وصول الساعات الأسياوية على حساب الساعات الميكانيكية" مرافعا من أجل انشاء مركز تكوين مختص في صناعة الساعات و كذا جمعية لصانعي الساعات الجزائريين حرصا على الحفاظ على الحرفة و نقلها. كما أعرب هذا الحرفي "المولوع" بصناعة الساعات عن أمله في وضع ترتيبات جمركة السلع المستوردة خاصة للحرفيين لأن "صانع الساعات ملزم بتطبيق ترتيبات المستورد". و في انتظار إعادة الاعتبار لصناعة الساعات كفن يبدي هؤلاء الحرفيين "المحافظين" تفاؤلا كبيرا بشأن ديمومة هذه الحرفة و ازدهارها. و تبقى هذه الديمومة مرهونة بإطار أفضل لتكوين مصلحين شباب و منهج فعال لحثهم على الخوض في هذا المجال.