يواصل المبعوث الأممي والعربي المشترك إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي مساعيه لحشد الجهود الرامية لإنجاح مؤتمر جنيف 2 المعني بحل الأزمة السورية حيث إلتقى اليوم الأربعاء الرئيس السوري بشار الأسد وذلك لإيجاد "الحد الأدنى" من التوافق في وجهات النظر بين النظام والمعارضة في الداخل لإيقاف الأزمة التي تعصف بالبلاد منذ أزيد من سنتين. وبدأ الرئيس بشار الأسد اليوم مشاوراته مع الأخضر الإبراهيمي الذي وصل يوم الاثنين الى دمشق في إطار الجولة الإقليمية التي يقوم بها تحضيرا لعقد مؤتمر جنيف 2 في أحسن الظروف وبمشاركة كل الأطراف المعنية بحل الازمة السورية. وقد إلتقى الإبراهيمي منذ وصوله إلى دمشق في زيارة هى الأولي خلال السنة الجارية مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم الذي أكد تمسك النظام السوري بمشاركته في المؤتمر "انطلاقا من حق الشعب في رسم مستقبله بعيدا عن أي تدخل خارجي". وأوضح المعلم في هذا السياق أن الحوار في جنيف 2 سيجمع السوريين بقيادة سورية معتبرا أن "بيان لندن وغيره من التصريحات التي تقصي الأسد من أي خريطة طريق لمستقبل البلاد هي بمثابة اعتداء على حق الشعب في تقرير مصيره واستباق لنتائج حوار لم يبدأ بعد". وكان الإبراهيمي قد توجه حتى الآن إلى كل من إيران و تركيا و الأردن والعراق ومصر و الكويت و سلطنة عمان و قطر ساعيا لحشد الدعم الإقليمي لعقد مؤتمر جنيف 2 المزمع عقده في شهر نوفمبر المقبل حيث دعا خلال زيارته إلى بغداد "جميع الدول ذات النفوذ " إلى المشاركة في المؤتمر. الإبراهيمي يشدد على دور السوريين في حل أزمتهم ولم يقص الإبراهيمي دور الرئيس بشار الأسد في المرحلة الانتقالية نحو سوريا الجديدة مؤكدا أن "السوريين هم الذين سيحددون تلك المرحلة" محذرا من أن "الخطر الحقيقي هو تدهور الوضع في سوريا بصيغة أعمق و أطول مما شهدناه في الصومال". غير أن (الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية) يشترط أن تتمحور أي مفاوضات حول مرحلة انتقالية ديموقراطية في سوريا بمنأىعن الأسد وهو ما قد يجهض كل الجهود الرامية إلى إيجاد حل سياسي سريع لهذه الأزمة . ويعتبر الائتلاف تصريحات الإبراهيمي بشأن دور مفترض للأسد في المرحلة المقبلة إلى جانب مشاركة إيران في المؤتمر الدولي "تجاوزا واضحا لموقف الدول الصديقة للشعب السوري". كما تعارض كل من فرنسا والسعودية مشاركة إيران في المؤتمر بحجة انها "حليفا للنظام السوري وطرف في النزاع المسلح" وهو ذات القول الذي ذهبت إليه المعارضة السورية ممثلة في الإئتلاف المعارض الذي إتهم طهران "بإرسال ميليشيات مسلحة للمشاركة إلى جانب النظام السوري في القتال". ويرى محللون أن الأرضية الأساسية الوحيدة التي تجمع طرفي الصراع في سوريا هي ضرورة وقف دوامة العنف واحترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها وهو ما يمكن إعتباره كمبادئ أساسية لنجاح مؤتمر الحوار السوري بجنيف. المعارضة تنتقد الإبراهيمي والنظام يطالبه بالإلتزام بمهامه الأممية وبشأن جولة الإبراهيمي يعقد وزراء الخارجية العرب إجتماعا يوم الاحد المقبل في مقر الجامعة العربية بالقاهرة بناءا على طلب من المعارضة السورية لمناقشة آخر التطورات المتعلقة بالأزمة و نتائج جولة الإبراهيمي وترتيبات مؤتمر جنيف 2 . وسبقت زيارة الإبراهيمي إلى سوريا إنتقادات من المعارضة والنظام حيث إشترط الأسد للتعامل مع الإبراهيمي عدم الخروج عن إطار المهام الموكلة إليه و طالبه بإلتزام الحياد في حين تتهم المعارضة المسلحة الإبراهيمي بالموالاة لنظام الأسد. وحتى الآن لم تتضح المواقف النهائية لطرفي الصراع الأساسيين (النظام و المعارضة) من هذا المؤتمر الذي طرحت موسكو وواشنطن فكرته في ماي 2012 فبينما يؤكد "الجيش الحر" رفضه الجلوس على طاولة الحوار مع النظام تؤكد "الجبهة الشعبية للتحرير والتغيير" أن "مهمة مؤتمر جنيف 2 هي منع التدخل الخارجي والتأسيس لحوار سوري - سوري بإشراف دولي ". ويعتبر "الجيش الحر" أن صيغة جنيف 2 " تفتقر إلى كل ما يوحي بإمكانية التوصل إلى نتائج ملموسة" مشددا على ضرورة وضع جدول زمني محدد لكل مراحل التفاوض مع إدراج بنود ملزمة للطرفين للتطبيق تحت طائلة الفصل السابع لميثاق الاممالمتحدة". خطورة الوضع الأمنى و الإنساني يعقد من الأزمة السورية وفي غضون ذلك يزداد الوضع الأمني في البلاد تأزما حيث قتل 15 مدنيا على الأقل اليوم الأربعاء إثر مجزرة ارتكبها مسلحون متشددون اقتحموا قرية "شلوح" شمال "تلكلخ" في ريف حمص " لترتفع الحصيلة إلى أكثر من 115 الف قتيل منذ إندلاع الأزمة في البلاد في مارس 2011. وأوضحت مصادر اعلامية أن "المسلحين اقتحموا القرية بدوافع طائفية وارتكبوا مجازر بحق أهلها حيث سقط عدد من الشهداء من النساء والأطفال نتيجة المجزرة " وأن المسلحين حرقوا منازل القرية فيما نقلت جثامين القتلى إلى محافظة "طرطوس". يأتى هذا بعد أيام من التحذيرات التي أطلقتها مساعدة الأمين العام للشؤون الإنسانية فاليري آموس بشأن خطورة الوضع في البلاد مؤكدة إنه يوجد في سوريا 2000 جماعة معارضة مسلحة تتصادم فيما بينها مما جعل الوضع أكثر صعوبة أمام موظفي الإغاثة الانسانية الدولية للعمل في الدولة الممزقة بسبب الحرب. وأكدت أن "ما نراه هناك هي أزمة مستفحلة يتضرر بسببها المزيد والمزيد من الأشخاص وقد أعربت بشكل خاص عن قلقي إزاء الطبيعة العنيفة والوحشية للغاية لهذا النزاع". نفس التحذيرات أطلقها رئيس الحكومة السورية وائل الحلقى يوم الاثنين حيث أكد أن "تجنيد الارهابيين للاطفال وزجهم فى الاعمال القتالية هو انتهاك صارخ للأعراف الدولية" كما طالب بتحقيق التعاون مع مختلف المنظمات الدولية العاملة في سوريا لاعادة تأهيل وصيانة المدارس المتضررة التى بلغ عددها نحو 4 الاف مدرسة نتيجة قيام المجموعات الارهابية المسلحة باستهداف هذا القطاع الحيوي الهام.