تروي شهادات حية لمجاهدين من الرعيل الأول للثورة التحريرية بمنطقة الأوراس بأن قرية كيمل الواقعة على بعد حوالي 95 كلم عن مدينة باتنة شكلت بغابتها الكثيفة حصنا منيعا للثورة التحريرية في بداياتها. وكان أب الثورة مصطفى بن بولعيد حسب ذات الشهادات يقصد كيمل كثيرا قبيل وبعد اندلاع الثورة التحريرية لأنها كانت منطقة آمنة وبعيدة عن الأعين نظرا لكثافة غابتها مما جعلها منطقة خلفية للثورة فيما بعد يلجأ إليها المجاهدون . ويقول المجاهد لخضر أوصيف بأن الشهيد مصطفى بن بولعيد بعد توزيع الأسلحة على أفواج المجاهدين ليلة الفاتح من نوفمبر 1954 بدشرة أولاد موسى توجه إلى منزل بوستة مصطفى بمنطقة الهارة بضواحي تكوت ثم إلى كيمل ومنه بدأ يتفقد الأفواج ليعود إلى غابتها مرات كثيرة بعد ذلك. لكن أنظار العدو يضيف المتحدث توجهت إلى هذا الحصن بعد أحداث معركة تبابوشت الشهيرة التي جرت ما بين 27 نوفمبر و7 ديسمبر من سنة 1954 (تعذر على المجاهدين تحديد التاريخ بالضبط ) وتكبدت فيها فرنسا خسائر فادحة مما جعلها تعمد إلى تهجير قاطنيها إلى محتشدات بشناورة بتكوت وكذا ببوحمامة. أول سجن للنساء بالدرمون في الأسابيع الأولى من نوفمبر1954 وبعد أن أحرقت قوات الاحتلال يضيف المجاهد أوصيف 40 دشرة بكيمل تتكون كل واحدة من 100 إلى 150 دارا أغلبها لتخزين المؤونة عمدت إلى إنشاء أول سجن لنساء المجاهدين الذين التحقوا بالثورة التحريرية كان عبارة عن محتشد كبير ضم حتى الأطفال . لكن تضيف شهادات أخرى لمجاهدين أحياء أن السجينات بالمحتشد بدأن يتسللن الواحدة تلو الأخرى ليلا رفقة أبنائهن إلى الغابة الكثيفة ويفضلنها على الرحيل إلى المحتشدات بالمناطق المجاورة ليتكفل بهم جيش التحرير بعدها ويعشن بغابة كيمل إلى غاية الاستقلال. ومن هنا يضيف ذات المجاهد جاءت تسمية المتسللين التي أطلقت على أهالي كيمل من مختلف القرى الذين رفضوا الانقياد إلى المحتشدات وانضموا إلى جيش التحرير منذ الأسبوع الأول من الثورة وبقوا في الغابة إلى غاية 1962 حيث ازداد عددهم من 45 امرأة إلى حوالي 3 آلاف شخص لكنهم لم يستفيدوا من أية عضوية في الثورة إلى حد الآن. خرجت فرنسا لكنها لم تستطع اقتحام مناطق من غابة كيمل وتفيد الكثير من الشهادات بأن غابة كيمل الشهيرة ذات الأحراش الكثيفة ظلت صامدة لأكثر من سنة أمام قوات الاحتلال التي خرجت في 1962 من الجزائر لكنها لم تستطع اقتحام مناطق من الغابة رغم أنها أفرغت كيمل من المدنيين في الأسابيع الأولى التي تلت تفجير الثورة التحريرية. فكيمل التي شاركت في هجومات الفاتح من نوفمبر 1954 بأكبر فوج قدم إلى دشرة أولاد موسى ليلة الفاتح من نوفمبر 1954 يضم 64 مجاهدا محملين بالأسلحة حسب ما ورد في شهادات مجاهدي المنطقة ومنهم لخضر أوصيف ومحمد جرمون ومحمد بن عمر بيوش كانت منطقة محرمة حيث أعطت قوات الاحتلال أوامر لضرب كل من يتحرك فيها فيما أطلق عليها جيش التحرير تسمية "خط النار" . وصرح المجاهد جودي كيور لوأج بأن الحياة بغابة كيمل لمن بقى فيها من الأهالي الذين فضلوا الانضمام إلى الثورة كانت تدب فيها الحياة في الليل فقط خوفا من طائرات العدو التي كانت تترصد كل حركة بالجهة . ومازال كل شبر من كيمل وغابتها التي روعت الاستعمار إبان الثورة التحريرية يحتفظ حسب ما وقفت لاحظته "وأج" مؤخرا بذكريات خالدة وهي التي احتضنت أكبر مستشفى عسكري لإجراء العمليات الجراحية للمجاهدين كما انطلقت منها حسب الشهادات أول رحلة لمجاهدين من الداخل إلى الخارج باتجاه ليبيا ثم إلى مصر و ذلك لجلب الأسلحة للثوار.