يعيش معظم مهنيو الحلاقة بمدينة وهران على غرار الكثير من المدن الجزائرية في المدة الأخيرة على وقع تحد جديد ألا وهو تلبية رغبة الشباب في الحصول على تسريحة كتلك التي يظهر بها مشاهير ونجوم كرة القدم لا سيما بالنوادي الأوروبية. ويتفق الكثير من الحلاقين الذين التقت بهم وأج على أن سنة 2014 عرفت تغيرا شبه كليا في المهنة نتيجة إلحاح الزبائن ومعظمهم من الشباب على طلب تسريحات صعبة وبعضها "معقدة" تتطلب جهد مضني حتى تكون مطابقة تماما لتسريحة "كرسيتيانو رونالدو أو أحد نجوم نوادي ريال مدريد وبرشلونة ولا تليتيكو وغيرهم. "في بعض الأحيان يسيل من وجهي العرق البارد حتى أشبع رغبة زبوني في الحصول على تسريحة التي يرسمها في خياله قبل القعود على كرسي الحلاقة والذي لا يتركه حتى يراها مطابقة تماما في المرآة" يقول أسامة وهو حلاق حي "عدل" شرق مدينة وهران. وأضاف يقول " لقد أرغمتنا الحاجة إلى كسب القوت على مسايرة هذه المتطلبات الجديدة التي تعرفها مهنتنا بالرغم من الإحساس بالعجز في بعض الحالات عن انجاز تسريحات تشبه في بعض الأحيان فن الزخرفة والتي لا يوفق حتى الزبون في التعبير عنها الأمر الذي ينجم عنه ارتكاب أخطاء في التسريحة تؤدي بالزبون إلى نزع المئزر وهو غير راض عن الأداء". أما زميله محمد فيروي طرائف عديدة في هذا المجال مثل تلك الحالة "التي جاءني فيها زبون وسألني بعد أن جلس على مقعد الحلاقة إن كنت قد شاهدت في الليلة المنصرمة لقاء باريس سان جارمان أمام نادي الايطالي أنتار ميلان ". ويواصل الحلاق "وعندما أجبته بالنفي تأسف الزبون لأنه كان يريد أن أنجز له نفس التسريحة الجديدة لأحد لاعبي النادي الباريسي ". "لقد أصبحت كتلك الماكنة التي تستعمل في نسخ الوثائق بعد أن أضحى الزبائن الشباب يقبلون على محلي للحلاقة حاملين صور مقصوصة من مجلات رياضة كرة القدم وأخرى للموضة والتي تظهر نجوم الليغا بتسريحاتهم التي لا تشبه تماما التسريحات التقليدية التي تابعنا تكوينا لتعلمها" على حد تعبير الحلاق عبد الغفار وهو صاحب محل بقلب مدينة وهران. ويضيف عبد الغفار المعروف باستقطابه لبعض فنانين ولاعبي قرة القدم بوهران " لم يعد الأمر كسابق عهده حيث تأخذ بعض التسريحات ساعة من الزمن أو أكثر فيما كانت التسريحات العادية لا تتجاوز مدة انجازها ربع ساعة". "تتطلب تسريحات الموضة الجديدة حوار مستمر مع الزبون خلال عملية الحلاقة حيث يرغب في وضع خطوط ورسومات على الشعر وترك بعض الأجزاء الطويلة وجزر أخرى كلية. كما يطالب في بعض الأحيان ومع نهاية التسريحة تغيير الخطة للحصول على لوحة مختلفة على رأسه مما يؤدي بي إلى الشعور بالتعب إلى حد الإرهاق" حسبما أوضحه المتحدث. ويرى علي وهو حلاق بحي أيسطو "أن مناقشة بعض التسريحات بات يجلب لي الدوار كون البعض منها تحتاج إلى الدقة والتأني إلى درجة الإصابة بالقلق والهوس . ودفعني هذا الامر إلى وضع بعض التدابير لاجتناب مثل هؤلاء الزبائن كرفع تسعيرة هذا النوع من التسريحات ورفض الزبائن الذين يرجعون في اليوم أو اليومين المواليين للقيام ببعض الروتوشات". "لطالما يغادر الكثير من الزبائن الكبار بسبب وجود الكثير من الشباب في مقاعد الانتظار إلا أن غالبية هؤلاء الشباب ينتظرون فقط الدور من أجل روتوشات بسيطة لتسريحاتهم المنجزة قبل يوم أو يومين مثل إعادة إبراز خط من الخطوط أو رسم من الرسومات" يضيف نفس المتحدث وهو يشتكي من التعب الناجم عن صعوبة إسدال ستار المحل إلا بعد العاشرة ليلا بفعل إلحاح الزبائن. وفعلا يلاحظ الكثير من المواطنين خاصة في المدة الأخيرة تلك الطوابير التي تكاد تكون غير منتهية لدى محلات الحلاقة التي تشهد إقبالا كبيرا خاصة من قبل الشباب محبي موضة الحلاقة. "أعيش رفقة زملائي وأصدقائي جوا من المنافسة يطبعها شعور من البهجة لإظهار أي منا يوفق في الحصول على واحدة من تسريحات مشاهير عالم كرة القدم" يقول نسيم ذي ال 19 ربيعا وهو طالب بجامعة العلوم والتكنولوجيا "محمد بوضياف" بوهران. ويضيف المتحدث لوأج داخل محل حلاقة قريب من نفس الجامعة " بالرغم من أن الأمر يتطلب ميزانية أكبر بكثير من ميزانية الحلاقة في السابق إلا أنني أجد في الحصول على هذه التسريحة متعة وأناقة تجعلني مندمجا أكثر ضمن كوكبة الأصدقاء المحيط". ويشاطره زميله سفيان (20 سنة) الرأي الذي أكد بأن هذه التسريحة من خصوصيات العصر وتداعيات تطور المجتمع وتغيره في خضم الثورة التكنولوجية التي أحدثها مجال الإعلام والاتصال والمواقع الاجتماعية والتي لقي فيها الجيل الجديد ضالته.