هوس بعض الشباب الجزائري بنجوم الأندية الأوربية لكرة القدم وببعض المغنين الأجانب، دفعهم إلى الاقتداء بهم، فبعدما كان التقليد محصورا في اللباس تعداه إلى طريقة الحلاقة بغضّ النظر عن نوعها وشكلها وما إذا كانت تناسبهم أم لا، المهم عندهم هو الظهور بمظهر مختلف، ضاربين بذلك عرض الحائط تقاليد المجتمع وخصوصياته! شباب في مقتبل العمر اختاروا الظهور بشكل مختلف، لا يشعرون مطلقا بالحرج أو الخجل من شكل شعرهم، الذي يتفنون في إظهاره في أغرب حلة، مستعينين في ذلك بآخر صيحات الموضة من صبغ، وترطيب، يمشون في الشوارع بفخر... ويلتحقون بمدارسهم أو جامعاتهم بكل ثقة؛ لأنهم، ببساطة، ينطلقون من قاعدة «حرية الشخصية»، وهي أول عبارة صدرت من الشاب رضا، الذي التقيناه بمحطة شوفالي. وعن الطريقة الغريبة التي حلق بها شعره قال: «أنا من أشد المعجبين باللاعب كريستيانو، من أجل هذا قررت أن أحلق مثله بعدما اقتنيت قميصه». وعن خصلات شعره المصبوغة بالأصفر قال: «وجدت اعتراضا من عائلتي، غير أني لا آبه بذلك؛ لأن الحلاقة اليوم تعرف تطورا كبيرا، كما أن وضع «ليماش» لم يعد حكرا على النساء؛ كون محلات الحلاقة للرجال تؤمّنها لنا اليوم، فلِم لا نخرج عن المألوف ونواكب الموضة!». اختار محمد من الأبيار بائع بمحل للعطور حلاقة «المارينز»، إذ حلق محيط رأسه بالكامل، وأبقى على ما يغطي أعلى الرأس، وتفنن في رفع الخصلات وصبغها باللونين الأبيض والأصفر، وعن هذه الموضة حدّثنا قائلا: «إلى وقت قريب كنت أتبع موضة تطويل الشعر وشده، ولكن مع تقدمي في العمر قررت أن أبحث عن حلاقة تغير من مظهري لأبدو أصغر سنا، فقصدت الحلاق الذي نصحني بهذا اللوك، وبعد أن جربته لقي إعجابي». وعن الألوان علّق قائلا: «القليل من التجديد لا يضر، خاصة أن محلات الحلاقة للرجال أضحت تؤمّن للزبون الطلة بآخر صيحات الموضة، لِم لا نستغل الأمر ونخرج عن المألوف؟!». ونحن نتحدث إلى محمد دخل المحل شاب في مرحلة المراهقة، خُيل إلينا أننا ننظر إلى إينشتاين؛ نموذج مصغّر؛ كون شعره كان كثيفا ومنتوفا إلى درجة أني لم أنتبه إلى وجهه الذي غطاه الشعر المتدلي، حاولت الحديث إليه لمعرفة اسم التسريحة التي يعتمدها، فردّ قائلا: «لم أَسلم من التعليقات حتى بالمحل، أنا حر في شعري أفعل به ما أريد»، بعدها خرج من المحل والغضب يتملّكه. وإذا كان أبطال كرة القدم قد أحدثوا ثورة في عالم الحلاقة بابتكارهم لنماذج جديدة في عالم الحلاقة غزت عقول المراهقين من شبابنا، فإن الموسيقى هي الأخرى كان لها أثر كبير في إدخال هذه الظاهرة على مجتمعنا، ونخص بالتحديد أغاني الروك الصاخبة، التي يتشبه فيها المغنون الغربيون بالشياطين! غير أن شبابنا، من منطلق البحث عن التجديد، يقلّدون حتى وإن كان ذلك التقليد لا يتناسب مع شكلهم وطبيعة مجتمعهم ودينهم أيضا.
نزولاً عند رغبة الزبون قصدنا محل علي بولمهد حلاق لما يزيد عن عشر سنوات ببوزريعة، وعن آخر صيحات الحلاقة حدّثنا قائلا: «قديما كان الزبون يطلب منا أن نحلق شعره فقط؛ بناء على شكل وجهه، ويخرج من المحل راضيا، أما اليوم فقد انقلبت الآية؛ حيث أصبح الشباب والمراهقون بمجرد دخولهم يفرضون علينا نوع التسريحة التي يرغبون فيها حتى وإن كانت لا تناسبهم، بل يقصدنا بعض المراهقين وهم يحملون صورا للشخصيات التي يرغبون في التشبه بها». وأردف قائلا: « لا يخفى عليكم أن الحلاقة تخضع لمعيار الوجه، فمثلا تسريحة «المارينز» لا تناسب أصحاب الوجه الدائري أو الهلالي، كما أن نوعية الشعر هي الأخرى لديها أثرها في تحديد نوعية القَصة، وهو ما يجهله الزبائن الباحثون عن مواكبة الموضة فحسب. من جهته، حدّثنا كمال حلاق بالأبيار عن التغيرات التي طرأت على حِلاقة الرجال فقال: «كل شيء تغير في مجتمعنا بما في ذلك الحلاقة التي أُدخلت عليها العديد من التغيرات سواء من حيث قصات الشعر أو الصبغات المستعملة، إذ لم نعد نمارس الحلاقة الكلاسيكية أو حلاقة «رازوار» أو التسريحة بالمكيف الهوائي، بل اتجهنا نحو الحلاقة المعاصرة التي فرضها علينا أبطال كرة القدم، على غرار قَصة كريستيانو وبعض المغنين المشهورين، وبتنا نعتمد على الديفريزاج «المرطب «وصبغ الشعر «ليماش»، هذه الأخيرة التي كانت حكرا على النساء. وعلى العموم، نحن كحلاقين ملزَمون بتلبية رغبة الزبون حتى وإن كانت الحلاقة لا تناسبه؛ لأنه مَلك وله أن يطلب ما يشاء». وعن الأثمان قال بأن سعر بعض القصات قد يصل إلى 700 دج.
كيف ينظر علم الاجتماع إلى موضة الشعر الجديدة أرجع ياسين مشة أستاذ بعلم الاجتماع بجامعة الجزائر «2»، انتشار ظاهرة حلاقة وتمشيط الشعر الغربية عند المراهقين، إلى التقليد الأعمى للغرب في غياب القدوة الحسنة؛ حيث قال: «تسمى ظاهرة التقليد الأعمى لكل ما يروّج له المجتمع الغربي بظاهرة الاستهواء، بمعنى تتبع كل ما يقع عليه بصر بعض الشباب؛ سواء في اللباس أو الشعر أو حتى الكلام، ولعل ما وسّع من دائرة التقليد في مجتمعنا وجعل شبابنا يظهرون بمظاهر تغيّب صفات الرجولة لديهم افتقارُهم للنموذج المثالي، فبعدما كانت الشخصيات الثورية وعمداء الحركة الكشفية والمعلمون والأئمة وحتى الأولياء، نموذجا يتطلع إليه الشباب في مرحلة الطفولة، اختفت لتحل محلها نماذج غربية لا علاقة لها بمجتمعنا، أطلق عليها البعض اصطلاحا «مواكبة الموضة». وأردف قائلا: «هنالك العديد من الاختلالات الوظيفية في مجتمعنا، وبما أن الطبيعة تأبى الفراغ حلت محلها الوسائط الإليكترونية والفضائيات، التي روّجت لبعض المظاهر تحت اسم الموضة، وفي ظل افتقار شبابنا للتوجيه من المؤسسة الأولى، وهي العائلة، نجدهم يسارعون في تقمّص تلك الموضة حتى وإن كانت لا تتلاءم مع شخصيتهم أو انتمائهم الاجتماعي، وعليه يضيف المتحدث «أعتقد أن استرجاع الشباب وحمايتهم من التقليد لا يتحقق إلا بتعزيز مؤسسات التنمية الاجتماعية؛ بدءا من العائلة ووصولا إلى المدرسة والمسجد، الذي لم يعد يلعب دوره كما يجب». رشيدة بلالشباب في مقتبل العمر اختاروا الظهور بشكل مختلف، لا يشعرون مطلقا بالحرج أو الخجل من شكل شعرهم، الذي يتفنون في إظهاره في أغرب حلة، مستعينين في ذلك بآخر صيحات الموضة من صبغ، وترطيب، يمشون في الشوارع بفخر... ويلتحقون بمدارسهم أو جامعاتهم بكل ثقة؛ لأنهم، ببساطة، ينطلقون من قاعدة «حرية الشخصية»، وهي أول عبارة صدرت من الشاب رضا، الذي التقيناه بمحطة شوفالي. وعن الطريقة الغريبة التي حلق بها شعره قال: «أنا من أشد المعجبين باللاعب كريستيانو، من أجل هذا قررت أن أحلق مثله بعدما اقتنيت قميصه». وعن خصلات شعره المصبوغة بالأصفر قال: «وجدت اعتراضا من عائلتي، غير أني لا آبه بذلك؛ لأن الحلاقة اليوم تعرف تطورا كبيرا، كما أن وضع «ليماش» لم يعد حكرا على النساء؛ كون محلات الحلاقة للرجال تؤمّنها لنا اليوم، فلِم لا نخرج عن المألوف ونواكب الموضة!». اختار محمد من الأبيار بائع بمحل للعطور حلاقة «المارينز»، إذ حلق محيط رأسه بالكامل، وأبقى على ما يغطي أعلى الرأس، وتفنن في رفع الخصلات وصبغها باللونين الأبيض والأصفر، وعن هذه الموضة حدّثنا قائلا: «إلى وقت قريب كنت أتبع موضة تطويل الشعر وشده، ولكن مع تقدمي في العمر قررت أن أبحث عن حلاقة تغير من مظهري لأبدو أصغر سنا، فقصدت الحلاق الذي نصحني بهذا اللوك، وبعد أن جربته لقي إعجابي». وعن الألوان علّق قائلا: «القليل من التجديد لا يضر، خاصة أن محلات الحلاقة للرجال أضحت تؤمّن للزبون الطلة بآخر صيحات الموضة، لِم لا نستغل الأمر ونخرج عن المألوف؟!». ونحن نتحدث إلى محمد دخل المحل شاب في مرحلة المراهقة، خُيل إلينا أننا ننظر إلى إينشتاين؛ نموذج مصغّر؛ كون شعره كان كثيفا ومنتوفا إلى درجة أني لم أنتبه إلى وجهه الذي غطاه الشعر المتدلي، حاولت الحديث إليه لمعرفة اسم التسريحة التي يعتمدها، فردّ قائلا: «لم أَسلم من التعليقات حتى بالمحل، أنا حر في شعري أفعل به ما أريد»، بعدها خرج من المحل والغضب يتملّكه. وإذا كان أبطال كرة القدم قد أحدثوا ثورة في عالم الحلاقة بابتكارهم لنماذج جديدة في عالم الحلاقة غزت عقول المراهقين من شبابنا، فإن الموسيقى هي الأخرى كان لها أثر كبير في إدخال هذه الظاهرة على مجتمعنا، ونخص بالتحديد أغاني الروك الصاخبة، التي يتشبه فيها المغنون الغربيون بالشياطين! غير أن شبابنا، من منطلق البحث عن التجديد، يقلّدون حتى وإن كان ذلك التقليد لا يتناسب مع شكلهم وطبيعة مجتمعهم ودينهم أيضا. نزولاً عند رغبة الزبون.