دعا الأمين العام للجامعة العربية، نبيل العربي، اليوم الخميس بالقاهرة إلى بلورة استراتيجية شاملة في مواجهة التطرف الفكري والإرهاب الذي بات يهدد استقرار دول المنطقة وذلك بمناسبة إشرافه على افتتاح الملتقى العربي الأول للشباب والرواد لمواجهة الإرهاب. وقال العربي في كلمته أمام الملتقى الذي استضافته الجامعة العربية تحت شعار : "وسطية الإسلام ..غايتنا" بحضور لفيف من رجال الدين والسياسة والشباب إن "ما تشهده بعض دول الوطن العربي من تداعيات كبرى تمثل تهديدا لكيانها وهويتها وتنوعها يتطلب مراجعة شاملة لكل مسارات الحياة الاجتماعية على اتساعها لتدبر ولمعرفة أسباب هذه الظاهرة". ونبه العربي إلى أن ثقافة التطرف والأصولية التي تؤدي إلى إشاعة العنف الدموي وما تحمله من مخاطر وتهديد للأمن القومي العربي تفرض إعادة النظر في المنظومة الفكرية العربية بأسرها بما في ذلك الفقه والاجتهاد والثقافة والتعليم والإعلام والفنون والآداب ووضع المقاربات التي تكفل تحرير هذه المنظومة مما علق بها من غلو وتطرف أسهما على نحو غير مسبوق في تكريس آليات التخلف والتقهقر الثقافي الأمر الذي يتطلب ضرورة إحياء منظومة فكرية جديدة تتسم بالقدرة على التنوير والتفاعل مع روح العصر. ولفت إلى أن "الغلو الديني والتطرف الفكري أصبحا يمثلان إحدى أكثر القضايا التي تؤرق المجتمعات العربية وتشكل تهديدا خطيرا لنمائها واستقرارها وتطورها وتقدمها وهو ما يجب مواجهته وإحباطه وعكس مساراته" مشددا على أن الغلو الديني والتطرف الفكري من المصادر الأساسية لتفكك المجتمعات وتمزيق النسيج الاجتماعي ومن أهم المنابع للعنف والإرهاب وتكريس آليات التخلف عبر التاريخ. ودعا إلى إسهام كافة القوى الحية في المجتمع لمواجهة الحركات الإرهابية في المنطقة العربية من خلال حوار واسع تشارك فيه المؤسسات الحكومية المعنية والمنظمات والمفكرين ورجال الدين والخبراء والسياسيين لبحث أفضل السبل لصياغة إستراتيجية شاملة للمواجهة وتحديد أولوياتها وأهدافها. وأعرب عن أمله في وضع معالم جديدة لصياغة "مشروع نهوضي شامل لا يفصل الفكري عن السياسي والثقافي عن الاجتماعي ويدعو إلى قيم العدالة والإنصاف والمساواة والمواطنة وصولا إلى القواعد الأساسية للحكم الرشيد وإعادة الاعتبار لمكارم الأخلاق التي تمثل الأساس المتين والجوهر الكامل للرسالة الإسلامية السامية". ونوه الأمين العام بقرار مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية في دورته 142 في سبتمبر الماضي والذي تضمن اتخاذ الإجراءات اللازمة والتدابير الكفيلة بحماية الأمن القومي العربي والتصدي للمنظمات الإرهابية ولجميع أشكال التطرف مشيرا إلى أن الجامعة العربية أعدت مع عدد من الخبراء من الدول العربية دراسة تضمنت تحليلا معمقا لظاهرة الإرهاب في الوطن العربي تضمنت اقتراحات محددة لدحر الإرهاب. وقال انه سوف يتم بلورة ما تضمنته الدراسة خلال اجتماع الأسبوع المقبل لباحثين من مراكز البحث ومعاهد الدراسات في الدول العربية لتعرض على مجلس الجامعة في دورته العادية المقبلة في مارس القادم. وشدد العربي على أن محاربة الإرهاب تتطلب إلى جانب العمل العسكري والأمني المباشر معالجة المسببات العميقة والعديدة التي تؤدي إلى هذه الحالة الخطيرة ويكون ذلك من خلال التسويات السياسية للنزاعات وإحقاق العدالة والأمن والاستقرار للجميع. ومن جانبه حذر ممثل الأزهر من خطورة الجرائم التي ترتكب من قبل "فصائل طارئة على الحضارة ولا تمت بصلة للدين الإسلامي وتتجاوز الأعراف والإنسانية وتستهدف إظهار الإسلام في أبشع صوره وتزعم الأباطيل والأكاذيب باسم الدين الإسلامي الذي هو دين التسامح والوسطية" مشددا على أن المسلمين ما حملوا السلاح إلا تصديا للعدوان. ودعا لصياغة خطاب ديني وسطي معتدل يخاطب العقل الرشيد ويسهم في إحلال السلام العادل. ويناقش الملتقى على مدى خمسة أيام، دور الأزهر و الإعلام العربي في مواجهة الفكر التطرف ومهام التوعية والتوجيه للمجتمعات العربية في مواجهة الإرهاب وتشويه الإسلام كما يتم بحث عقد الملتقى سنويا في دول عربية وإسلامية وإيجاد آليات للتحاور مع الشباب ومعرفة أسباب انجذاب بعضهم لهذه الجماعات المتطرفة ووضع الشباب أمام الرؤية الصحيحة بين ما تمارسه الجماعات الإرهابية والإسلام السمح.