تشكل الكاوكاوية و هي نوع من الحلويات التي تحضر أساسا من الفول السوداني و التي تعتبر نكهة لا غنى عنها ترافق السهرات الرمضانية بقسنطينة متعة المذاق التي لا تقاوم بمدينة الجسور المعلقة. و لم ينجح تغير بعض العادات الاستهلاكية و ظهور بعض التوجهات الجديدة في إزاحة الكاوكاوية من العرش الذي تعتليه في كل شهر رمضان و ذلك وسط فرحة كبيرة لباعة هذا النوع من الحلويات. لذة المذاق الأصيل بمدينة الجسور المعلقة فبالمدينة العتيقة و بحي "مقعد الحوت" تحديدا المعروف بتمركز ممتهني صنع الكاوكاوية الذين توارثوا هذه المهنة أبا عن جد و بمحل الحاج مسعود عبد الكريم أحد أقدم صانعي الكاوكاوية يجري هذا النشاط على قدم و ساق. إذ يعد رمضان شهر "النشاطات الجيدة و رقم الأعمال المرتفع" حتى و إن كانت الكاوكاوية تباع طوال أيام السنة فبهذا المكان تحضر الكاوكاوية وفق الطريقة القديمة في طنجرة (وعاء كبير) من النحاس و يتم غلي الماء و السكر ثم يخلط معهما الفول السوداني الذي يتم الاحتفاظ بقشوره لأن هذه الأخيرة هي التي ستسمح للكاراميل بتغليف حبات الفول السوداني التي يتم تحميصها قليلا و فرمها خشنة. وشيئا فشيئا يبدأ الخليط الذي يوضع على نار هادئة في التحول إلى كراميل. و يواصل الصانع عملية التحريك حتى تتغلف حبات الفول السوداني بشكل جيد و تكتسب لونا بنيا جميلا ثم يخفف من حركاته قبل بضع دقائق من الطهي التام و ذلك حتى لا يكسر التغليف الذي اكتسبته حبات الفول السوداني. و عندما تنبعث رائحة لذيذة من محل صانع هذا النوع من الحلويات و تعطر المحل كله و تدغدغ أنوف المارة تكون الكاوكاوية قد أصبحت جاهزة حينها يضع الصانع الحرفي العجينة المتماسكة والطرية في آن واحد على صفيحة رخامية قبل أن يقطعها إلى قضبان. و تباع القطعة الواحدة بسعر يتراوح بين 50 و 60 دج فيما يصل سعر الكيلوغرام الواحد من الكاوكاوية إلى غاية 300 دج إذ خلال هذا الشهر المبارك لا تصيب البطالة أبدا صانعي الكاوكاوية بكل من مقعد الحوت و سيدي جليس و كذا السويقة. فقبل حلول منتصف النهار "تباع الكاوكاوية مثل الفول السوداني" حسبما علق عليه بابتسامة عريضة عديد ممتهني صنع هذا النوع من الحلويات. تشكيلة مبتكرة من الحلويات المماثلة للكاوكاوية تقترح في الأسواق و يقترح صانعو الكاوكاوية ضمن عملية تسويقية جد مدرة للأرباح لاسيما خلال الشهر الفضيل تشكيلات متنوعة من هذا النوع من الحلويات فبالاعتماد على نفس خطوات عملية صنع الكاوكاوية ابتكر الصانعون تشكيلات أخرى إذ يعرضون منتجات مماثلة إلا أنها محضرة أساسا من الكاجو و بذور السمسم و اللوز و هي بغرض "التنويع" لا غير حسبما أعرب عنه أحد صانعو الكاوكاوية بحي المنظر الجميل. و لا يبدو أن الفكرة قد أزعجت المستهلكين الذين ينفق الأغلبية منهم دون حساب من أجل اقتناء كميات كبيرة من هذا النوع من الحلويات الشهية. فبقسنطينة يعد رمضان الشهر الذي تستهلك فيه الكاوكاوية بشكل كبير لذا يعيد الكثيرون طرح النقاش حول تاريخ هذا النوع من الحلويات حيث يتفق البعض على أن أصولها تعود للأتراك فيما يرى آخرون شغوفون بتاريخ أكلات سيرتا العتيقة بأن الكاوكاوية محلية أي أنها قسنطينية 100 بالمائة و ذلك باعتبارها ثمرة مهارة عريقة. لكن مع تذوق أولى قطع الكاوكاوية المحضرة بكل دقة يختفي النقاش بسرعة و يضحي مجرد أمر ثانوي.