أجمع يوم السبت بقسنطينة مشاركون في ملتقى دولي حول الثقافة الصوفية بعنوان "على خطى سيدي بومدين" أن سيدي بومدين الذي يعد أحد أعلام التصوف في المغرب العربي استطاع التأليف بين جميع الروافد بشكل طابق صوفيا بين العلم و الفلسفة و الفقه. و في هذا الشأن تحدثت الدكتورة بوبة مجاني أستاذة بقسم التاريخ بجامعة قسنطينة 2 أمام حضور يتكون من أتباع الطرق الصوفية و أساتذة مختصين و باحثين في مجال التصوف عن الآثار و الفضائل التي تركها سيدي بومدين الذي اقترن اسمه بمدينة تلمسان العريقة و ترك مصنفات و مؤلفات لم يذكر المؤرخون منها إلا كتابين هما "أنس الوحيد و نزهة المريد" و "مفاتيح الغيب لإزالة الريب و ستر العيب" إلى جانب مجموعة من الأشعار الخالدة و الأدعية المتميزة و غيرها من إبداعات الشاعر التي تم إنشادها في محافل الذكر. و أفادت بأن اقتفاء أثر "سيدي بومدين" ليس بالأمر "الهين" حيث يتطلب -حسبها- آليات و مراجع ما تزال تحتاج إلى تمحيص من طرف الدارسين لكون الأمر لا يتعلق فقط باقتفاء الأثر الجغرافي فقط و إنما "الروحاني" أيضا. و تطرقت في هذا الشأن إلى أول رحالة اقتفى أثر سيدي بومدين و هو "ابن قنفذ القسنطيني" و تحدثت عن رحلته "الزيارية" إلى المغرب العربي و التي دامت حسبها 18 سنة علاوة على مراحل تطور الحركة الصوفية بقسنطينة. من جهتها قدمت الباحثة صفاء باتي من جامعة تونس دراسة معمقة حول سيدي بومدين الذي يعد -حسبها- مؤسس أهم مدرسة صوفية في العهد الموحدي شكلت "لقاء" بين عدة تيارات نابعة من المغرب العربي و وافدة من بلاد الأندلس مضيفة أن مدرسة بجاية تصدرت التصوف تحت قيادة شيخ الشيوخ سيدي بومدين مرتحلة فيما بعد بالحضور إلى عالم التوصف ببلدها تونس. و خلال كلمته الافتتاحية أوضح الدكتور علي حكمت صاري أستاذ الأدب المقارن بجامعة تلمسان و مؤسس و رئيس نادي الثقافة الصوفية المبادر لتنظيم هذا الملتقى بالتعاون مع وكالة جول للأسفار "تلمسان" أن هذا الملتقى المنظم بمناسبة المئوية التاسعة لميلاد سيدي بومدين الملقب ب"شيخ الشيوخ" بالنظر للعدد الكبير لتلامذته يستهدف بالدرجة الأولى نشر الثقافة الصوفية و الدعوة إلى رحلات ثقافية صوفية "سبقنا إليها واحد من أبناء قسنطينة هو ابن قنفذ". وإعتبر بأن هذا الملتقى الذي يعد أيضا فرصة لتكريم ذاكرة ابن قنفذ هو تمهيد لملتقيات و لقاءات أخرى على غرار تنظيم "عما قريب" ملتقى حول "حوار الديانات"بعنابة و "المرأة و الصوفية" بتيبازة و "التفكير العلوي" بمستغانم معلنا في ذات السياق عن القيام برحلة ثقافية صوفية قريبا نحو مدينة قونية التركية. و في إطار ذات المناسبة تم تنظيم معرض بيع بالإهداء لمجموعة من كتب الدكتور علي حكمت صاري التي خصصها لسيدي بومدين و فكره و أتباعه. و اختتم هذا الملتقى بوصلة غنائية عيساوية أداها أعضاء من الزاوية الرحمانية و التي أمتعت الحضور.