اعتبر رئيس الدبلوماسية السابق الأخضر الإبراهيمي يوم الخميس بوهران أن المنطقة العربية تمر" بأصعب المراحل في تاريخها" بالنظر إلى ما تسببت فيه الفتنة بين الطوائف من نزاعات وحروب فيها. واعتبر وزير الخارجية والوسيط الأممي السابق في تدخله خلال حفل نظم بمناسبة تسليمه شهادة الدكتوراه الفخرية من جامعة وهران 1 "أحمد بن بلة" أن العديد من بلدان المنطقة العربية خاصة تلك المتواجدة بآسيا تمر بمرحلة جد عصيبة من تاريخها تسببت فيها الفتنة بين السنة و الشيعة التي اشتعلت نارها في سوريا و العراق و اليمن. وفي هذا الصدد أشار إلى أن هذه المنطقة أصبحت من أكثر المناطق فقدانا للأمن والإستقرار ف"سوريا تتحطم يوما بعد يوم ونصف شعبها بين نازح ولاجيء و هذا العراق بعد التدخل الأمريكي في 2003 قسم إلى فئات عرقية متنازعة ومتحاربة أحيانا وهذه اليمن التي تعاني حربا أهلية طاحنة فرضت عليها وجعلت أهلها في بؤس كبير". وقد أنجر عن هذه الفتن تدخلات أجنبية ففي سوريا دخلت بعض الدول الغربية وتركيا إلى جانب المعارضة بهدف انهاء الوجود الإيراني و تدخلت روسيا إلى جانب النظام السوري "إلا أن نتيجة ما حدث أن الدور الإيراني في المنطقة تضاعف مرات و مرات وكل ذلك على حساب الشعب السوري" يضيف الدبلوماسي الجزائري. وأصبح الخلاف الشيعي-السني -حسبه- "فتنة جديدة كبرى عرفنا متى بدأت و لا نعرف متى و لا كيف ستنتهي" محذرا في هذا الصدد من انتشار هذه الفتنة إلى أماكن أخرى منها بعض دول شمال إفريقيا بأشكال جديدة. وعلى الرغم من أن منطقة شمال إفريقيا لا يوجد فيها شيعة و ليست طرفا مباشرا في الخلاف يضيف نفس المتحدث إلا أن "نار الفتنة ستلحقنا ولو بأشكال جديدة إن لم نعالج الأمور بشكل صحيح وندرس حقيقة الخلافات بين الدول العربية و هي مهمة الجامعيين فيجب دراسة هذه الظاهرة دراسات وافية حتى نجد لها حلولا ناجعة" على حد تعبيره. فليبيا البلد العربي و الإفريقي الكبير و جارة الجزائر تتعرض-حسب السيد الإبراهيمي- "لغزو من نوع آخر سمح بتقسيم البلاد لقبائل ونحل متناحرة وسمح فيه بتدخل الأجنبي والعربي في صراع الإخوة و هو الشيء الذي أطال في عمر هذا الصراع و أكثر من ضحاياه". وتخوف السيد الإبراهيمي من أن يطال الصراع البلدان المغاربية و منها الجزائر و المغرب و تونس مطالبا بالمزيد من الحذر في هذا الصدد. وفي تطرقه لما تعيشه مصر من أزمات سببها التطرف الديني خاصة الاعتداء على الكنائس أكد الدبلوماسي أن مصر قادرة على تجاوزها عبر الالتحام و التسامح بين المسلمين و المسيحيين الذي كان يميزها. وذكر انه من المستحيل له تصديق ما يحدث في مصر من اعتداءات على المسيحيين باسم الدين الإسلامي و هو منها بريء. "فخلال سبعة سنوات قضيتها في القاهرة سفيرا للجزائر خلال حكم الرئيس عبد الناصر لم أكن أستطيع التفريق بين المسيحي والمسلم إذ كان هناك تعايش حقيقي بينهم ولم أتصور ليوم من الأيام أن يحدث ما يحدث حاليا". "وهو الشيء الذي حدث أيضا في العراق حيث قتل المسيحيون و هجروا عن منازلهم و أراضيهم باسم الدين الإسلامي و هو شيء لا يقبله لا عقل و لا منطق و لا دين" يردف الإبراهيمي معطيا مثلا عن مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة الأمير عبد القادر عندما دافع عن المسيحيين بكل ما أوتي من قوة. و في تنديده بالتفجير الأخير الذي حدث بمدينة مانشستر الإنجليزية اعتبر الإبراهيمي أنه "لا بد أن نرفع أصواتنا جميعا لنقول بأننا لا نقبل بالغلو في الدين و أن التطرف و الإرهاب ليسا من الدين الإسلامي في شيء". وخلال مراسيم اعطاء الدكتوراه الفخرية لرئيس الدبلوماسية الجزائرية السابق ذكر عميد جامعة وهران 1 "أحمد بن بلة" السيد سنوسي محمد أن الرجل "مثال للجزائري المتألق بفكره و عبقريته و حكمته و قد لقب ب"رسول المحبة و جسر السلام". واعتبر أن تشربه بروح النضال و الثورة في صفوف جبهة التحرير الوطني في ريعان شبابه جعلوه يفكر و يعمل دوما على إحلال السلم و السلام في مختلف المناطق التي عمل فيها ويشهد له التاريخ أنه كان ثاني شخصية جزائرية بعد الامير عبد القادر في حقن الدماء في بلاد الشام وذلك بإشرافه على اتفاق الطائف سنة 1989 الذي انهى 15 سنة من الحرب الأهلية في لبنان. ومن جانبه اعتبر والي وهران عبد الغني زعلان ان الأخضر الإبراهيمي "كان رجل مبادئ لذا رأت فيه المجموعة الدولية مواصفات الرجل الذي يؤمن بالقضايا الدولية خاصة حقن الدماء و تقرير مصير الشعوب و هو ما أهله ليكون مبعوثا أمميا في العديد من المناطق على غرار جنوب إفريقيا وأفغانستان و هايتي واليمن و سوريا". وقد نظمت مراسم التكريم بمدرج "تلاحيت" بمجمع "طالب سليم" بجامعة وهران 1 بحضور السلطات الولائية المدنية والعسكرية ورؤساء جامعات وهران والأسرة الجامعية والطلبة. وتم بالمناسبة عرض فيلم وثائقي من تنفيذ طالب في علوم الإعلام و الاتصال حول مسار الدبلوماسي الجزائري خلال الثورة التحريرية والمهام التي أوكلت لها بعدها في وزارة الخارجية وهيئة الأممالمتحدة.