أثارت مبادرة وزير الخارجية الأمريكي ريك تيلرسن بعقد محادثات "مباشرة و دون شروط مسبقة" مع كوريا الشمالية بشأن برنامجها النووي, و الذي بعث من خلاله رسالة بإمكانية اذابة الجليد في العلاقات المتوترة بين البلدين و انهاء حالة الاحتقان في منطقة شبه الجزيرة الكورية, ردود فعل معارضة داخل الولاياتالمتحدة, بينما رحبت كل من روسيا و الصين, بهذا الموقف الذي من شأنه أن يساهم في تحقيق النتائج التي تتطلع إليها دول المنطقة وهي نزع السلاح النووي بها. و كان وزير الخارجية الأمريكي عرض, أمس الاربعاء, بدء محادثات مباشرة مع كوريا الشمالية "دون شروط", في سابقة هي الاولى في العلاقات بين البلدين, التي ساءت منذ اعتراف كوريا الشمالية قبل سنوات بأنها تطور برنامجا نوويا و صاروخيا. و قال تيلرسن في تدخله خلال منتدى سياسات المجلس الأطلسي, وهو مركز أبحاث بواشنطن "لنجتمع فقط ونستطيع أن نتحدث عن الأجواء إذا أردتم", مشددا بقوله : "أهم شيء أن نبدأ", في اشارة الى المحادثات بشأن نزع سلاح كوريا الشمالية الذي تطالبها به واشنطن و طوكيو الى جانب الدول الاوروبية. وألح تيلرسون بقوله في المنتدى "هل نستطيع على الأقل الجلوس ورؤية وجوه بعضنا البعض ومن ثم نستطيع وضع خارطة طريق لما سنستطيع العمل من أجله؟" و رمى الكرة في ملعب كوريا الشمالية, مضيفا إنه "يمكن عقد حوار عندما تكون بيونغ يانغ مستعدة". وجاءت تصريحات تيلرسون, التي اعتبرها المراقبون بمثابة ليونة في الموقف الامريكي, في اطار المساعي التي يبذلها وزير الخارجية الامريكي في الآونة الاخيرة للوصول إلى حل سلمي للملف النووي لكوريا الشمالية ووسط تصاعد حدة التوترات في شبه الجزيرة كما تأتي بعد أسبوعين من الاختبار الناجح الذي أجرته بيونغ يانغ لصاروخ باليستي جديد عابر للقارات تم تطويره حديثا. - الادارة الامريكية تتنصل من مبادرة تيلرسن و تتمسك بموقفها الصارم اتجاه كوريا الشمالية - و خلافا لموقف تيلرسن, أبقت الادارة الامريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب على موقها الحازم تجاه بيونغ يانغ التي تعتبرها "دولة راعية للإرهاب" على خلفية تجاربها النووية واطلاقها صواريخ باليستية في اطار التجارب النووية التي كثفت منها في السنوات القليلة الماضية حتى بلغت ست تجارب وأثارت قلقا لدى دول المنطقة و الولاياتالمتحدة. وردا على تصريحات تيلرسون قالت المتحدة باسم البيت الابيض سارة ساندرز إنه "لا يوجد تغير في السياسة الامريكية بشأن كوريا الشمالية", مضيفة في بيان نشرته أن "وجهة نظر الرئيس حول كوريا الشمالية لم تتغير". ويختلف الرئيس الامريكي بشكل واضح مع وزير خارجيته حول كيفية معالجة البرنامج النووي لكوريا الشمالية حيث وبخ ترامب قبل شهرين تيلرسن عندما حاول التواصل مع بيونغ يانغ لبدء حوار و طالب الادارة الامريكية ب"تهدئة" مواقفها ازاء بيونغ يانغ وهو ما اعتبره ترامب بمثابة "تحدي لسياسته" العدائية تجاه كوريا الشمالية. وكتب ترامب على حسابه على تويتر "حافظ على طاقتك يا ريكس" فى اشارة الى تيلرسن. و منذ توليه سدة الحكم أبدى الرئيس ترامب موقفا عدائيا كبيرا اتجاه كوريا الشمالية وازدادت حدة المواجهة والحرب الكلامية بين رئيسي البلدين وفرضت الادارة الامريكية مزيدا من العقوبات على بيونغ يانغ التي هددت من جهتها بضرب عمق الاراضي الامريكية بصواريخها المتطورة. من جانبها تبرأت وزارة الخارجية الأمريكية من تصريحات تيلرسن عبر المتحدث باسمها هيثر نويرت الذي سارع الى عقد ندوة صحفية عقب عرض المحادثات الذي اقترحه المسؤول الاول على الوزارة على بيونغ يانغ و أكدت أن سياستها تجاه كوريا الشمالية "باقية على ما هي عليه من قبل", معتبرة أن الوقت "غير مناسب حاليا" لبدء محادثات مع كوريا الشمالية. و قالت المتحدثة باسم الوزارة "نحن مازلنا منفتحين على الحوار لكن عندما ترغب كوريا الشمالية في إجراء حوار صادق" حول نزع السلاح النووي لشبه الجزيرة الكورية. وأصرت على أن تيلرسون لم "يخلق أي سياسة جديدة" متهمة كوريا الشمالية بأنها "لا تبدى أي اهتمام أو جدية أو رغبة في الجلوس الى طاولة الحوار" و الذي "هو غير مناسب في الوقت الحالي" كما قالت. وتصر الولاياتالمتحدة على أن أي مفاوضات مع كوريا الشمالية "ينبغي أن تقوم على نزع السلاح النووي" لهذا البلد. - روسيا و الصين تشيدان بعرض تيلرسن التفاوض مع كوريا الشمالية بدون شروط مسبقة - على الصعيد الخارجي أشادت كل من روسيا و الصين بعرض وزير الخارجية الامريكي لكوريا الشمالية القاضي بالدخول في حوار مباشر و بدون شروط مسبقة والتواصل للبحث عن تسوية للبرنامج النووي الكوري الشمالي الذي تطالب واشنطن بوقفه. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لو كانغ "لقد لاحظنا هذه التصريحات. وإن موقف الحكومة الصينية ثابت بشأن حل قضية شبه الجزيرة الكورية بشكل سلمي من خلال الحوار والمفاوضات", مضيفا أن "الصين ترحب بجميع الجهود المبذولة لتخفيف حدة التوترات ودعم الحوار لحل هذه المشكلة". وأعرب المتحدث عن أمل بلاده في أن " تلتقي الولاياتالمتحدةوكوريا الشمالية في منتصف الطريق وتتخذ كلاهما خطوة مهمة للمشاركة في الحوار والتواصل" لتحقيق حل سلمي و انهاء التوتر في شبه الجزيرة الكورية. من جهته وصف المتحدث باسم القصر الرئاسي الروسي (الكرملين), ديمتري بيسكوف في تصريح له بيان تيلرسون بشأن بيونغ يانغ بأنه "بناء وأفضل من بيانات واشنطن التصادمية السابقة", مؤكدا ترحيب موسكو بمثل هذه البيانات التي تتفق مع موقف روسيا بشأن ضرورة إجراء المحادثات لتقريب وجهات النظر ونزع فتيل الأزمة في شبه الجزيرة الكورية.