كرست الانتخابات التشريعية والمحلية التي شهدتها الجزائر سنة 2017 الاستقرار المؤسساتي الذي تجذر في الحقل السياسي والمؤسساتي بشكل تدريجي مع توالي الاستشارات الانتخابية. و يعتبر هذا الاستقرار شرطا ضروريا لتطوير ثقافة ديمقراطية حقيقية و تحقيق التقدم الاقتصادي و الاجتماعي. و تكمن العبر المستخلصة من هذين الاقتراعين و الاقتراعات السابقة أولا في التحكم المتزايد من طرف الادارة في المسار الانتخابي من حيث التنظيم و التسيير سيما تطهير القوائم الانتخابية بشكل مستمر بفضل رقمنة الحالة المدنية و كذا السير الهادئ و المؤمن للتصويت على كامل التراب الوطني. كما تجدر الإشارة الى الضمانات الجديدة الخاصة بالشفافية و النزاهة التي يوفرها قانون الانتخابات و الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات التي أقرها الدستور. و تمثل العبرة الآخرة في تطور الخطاب الانتخابي و بصفة عامة الخطاب السياسي الذي ابتعد, دون تنازلات, عن المبالغة و التهور بحيث أن أحزاب المعارضة كرست اليوم القطيعة من خلال اعتمادها الحوار و مناقشة الأفكار قصد الاقناع و تعميق الاصلاحات على جميع الأصعدة و ابراز وجهات نظرها. وكرست نتائج الانتخابات المحلية مركز كل من حزب جبهة التحرير الوطني و التجمع الوطني الديمقراطي كقوتين سياسيتين أساسيتين مع اعادة رسم معالم المشهد السياسي في ضوء بروز تشكيلات جديدة. فمن مجموع 1541 مجلس شعبي بلدي على المستوى الوطني فاز حزب جبهة التحرير الوطني بأغلبية الاصوات على مستوى 603 بلدية فيما تحصل التجمع الوطني الديمقراطي على 451 مجلس. أما بالنسبة للمجالس الشعبية الولائية فقد فازت التشكيلتان على التوالي ب 711 و 527 مقعد من مجموع 2004 . وأحدثت جبهة المستقبل و هي تشكيلة فتية (14 نائبا على مستوى المجلس الشعبي الوطني) المفاجأة بفوزها ب 71 بلدية. أما أقدم حزب في الجزائر و هو جبهة القوى الاشتراكية ( 14 نائبا بالمجلس الشعبي الوطني) ففاز ب 64 بلدية. و تحصلت حركة مجتمع السلم (ثالث تشكيلة سياسية بالمجلس الشعبي الوطني ب 34 مقعد و المنتمية الى التيار الاسلامي) على الاغلبية في 49 بلدية فيما عادت 8 بلديات الى التحالف الآخر و من نفس التيار عدالة-النهضة-بناء (15 نائبا). و يمنح القانون العضوي المتعلق بالنظام الانتخابي الذي تمت مراجعته في سنة 2016 - احتراما لاختيار الناخبين و تفاديا لأوضاع غير مستقرة و التوقف الذي عرف في السابق- رئاسة المجلس لمتصدر القائمة المتحصل على الأغلبية البسيطة للأصوات و ليس المتحصل على الأغلبية المطلقة.