تشهد تجارة بيع التوابل والأعشاب المستعملة في الطهي مع اقتراب حلول شهر رمضان الفضيل رواجا كبيرا عبر مختلف المحلات المنتشرة بمنطقة غرداية، والتي تجتاحها أفواج من الزبائن سيما من العنصر النسوي. و عادة ما تشرع العائلات الغرداوية خلال النصف الثاني من شهر شعبان ( التقويم الهجري) تحضيراتها لشهر الرحمة لاسيما ما تعلق منه بشراء المكونات الأساسية لتحضير الأطباق الأكثر استهلاكا خلال هذا الشهر المعظم. وتتدفق أفواج من الزبائن على محلات بيع التوابل والأعشاب الرحيقية المنتشرة عبر الأزقة الضيقة لمدينة غرداية وسوقها من أجل اقتناء التوابل و الأعشاب العطرية الأخرى المستعملة في طهي الأطباق والتي لا يستغني عنها المطبخ الجزائري. و تشهد التوابل و أعشاب الطبخ وهي منتجات من أصل نباتي تهافتا كبيرا عليها بالنظر لنوعيتها ولقيمتها العطرية وما تضفيه تلك البهارات من نكهة على مختلف مواصفات الأطباق والأكلات التي ترصع المائدة الرمضانية ، كما أوضح أحد بائعي التوابل بحي ثنية المخزن الشعبي بغرداية. ولا يتوانى هذا التاجر وهو السيد بومدين جبريط بدكانه الذي تنبعث منه روائح طيبة في الترويج لتوابله ، و التعريف أيضا بالفوائد العلاجية لبعض أنواعها. ويسجل خلال السنوات الأخيرة انتشارا "كبيرا " لبائعي أعشاب الطهي بغرداية ، كما ذكر السيد عيسي مسير محل لبيع التوابل ، مشيرا بالمناسبة أنه من بين التوابل التي يقبل عليها الزبائن تحسبا لشهر رمضان الفضيل خلطة "رأس الحانوت" ، وهو مزيج من حوالي عشرين نوعا من البهارات ، متبوعا " بالقرتوفة" ( أوراق البابونج البري) المشهور بالجنوب الجزائري بالإضافة إلى خليط من النباتات العطرية التي تحضر منها ما يسمى محليا ب" تاكروايت" وهو مشروب تقليدي ذي نكهة ومذاق لذيذ. ارتفاع في أسعار التوابل و بهارات الطهي يسجل سعر بهار "قرتوفة" ارتفاعا كبيرا يصل إلى 2.000 دج للكيلوغرام الواحد، حيث تمس زيادة في الأسعار تصل في بعض الأحيان 200 بالمائة عديد أنواع التوابل وأغلبها مستوردة . ويقول أحد أصحاب محلات بيع الأعشاب بسوق غرداية "نحن نعتمد على الخارج فيما تعلق بالتوابل" لافتا إلى " أن إنتاج النباتات العطرية و الطبية (التي تنبت لوحدها أو المزروعة طازجة أو مجففة ) التي تغطي احتياجات العشابين و الناشطين في القطاع الصناعي الغذائي "ضعيف جدا" و لا يلبي حاجيات السوق الوطنية. و بالنسبة للمسؤولين المحليين في قطاع الفلاحة فإن شعبة النباتات العطرية و الطبية تعد موردا هاما و مصدرا ذا قيمة مضافة ، يمكن أن تساهم في تحسين مستوى معيشة السكان في الوسط الريفي لاسيما بالمناطق الجافة و الشبه جافة بالوطن. كما تتوفر الجزائر û حسب ذات المسؤولين -- على ثروة نباتية غنية و متنوعة عبر مختلف المناطق و هي مؤهلات تنتظر استغلالها. وتمكنت التوابل و البهارات التي يشتهر بها الطبخ المغاربي أن تحتل مكانة عبر التاريخ في ثقافات الطهي المختلفة. و تشتهر هذه التوابل بخصائصها الذوقية و العلاجية ، كما تتميز بالقدرة على الرفع من شهية التذوق حتى و أن استعملت بكميات قليلة. و تعد الحاجة فطيمة وهي ربة منزل، واحدة من تلك الفئة المتذوقة للطبخ ، حيث تقوم مع اقتراب كل شهر رمضان المعظم أو عيد بالتسوق من محلات سوق غرداية حتى لا تفوت الفرصة لاقتناء أي نوع من التوابل. وصرحت : " أفضل أن أحضر خلطة رأس الحانوت بنفسي لكي أرفع من درجة مذاق أطباق رمضان "مؤكدة على أنها تشتري أزيد من 15 نوعا من البهارات من أجل تحضيره حتى تضمن مزيدا من اللذة والنكهة للأطباق الرمضانية وبفضل خبرتها في هذا المجال فإن الحاجة فطيمة باستطاعتها ومن خلال رائحة التوابل تحديد الفروق بين نوع وآخر ، جديدة أو تعود إلى السنة الفارطة. "وذكرت بالمناسبة أنه توجد وصفات عديدة لرأس الحانوت المسحوق الذي هو عبارة عن خلطة مشكلة من كميات قليلة من عدة أنواع من البهارات، حسب الاستعمال بالنسبة للصلصات الحمراء أو البيضاء وكذا الفترة الفصلية ( شتاء أو صيف)"، مضيفة "بأن رأس الحانوت يضفي نكهة سحرية على الأطباق وحتى على بعض الحلويات الشرقية المعدة عندنا". ويعرف سوق التوابل و البهارات و الأعشاب العطرية الأخرى و الأعشاب المجففة بمنطقة غرداية نموا كبيرا ضمن خارطة التجارة العمومية ، كما أكد عديد التجار بالمنطقة. و يفضل عديد السكان الأصليين بغرداية أو القاطنين بمدن أخرى و كذا الزوار إلى المنطقة اقتناء التوابل و البهارات من سوق غرداية ، كما لوحظ. و قد أصبح شهر رمضان المبارك û كما يرى عديد سكان المنطقة-- "نعمة لكل أولئك الذين يبحثون عن الثراء السريع "، حيث يسجل تدفقا يوميا ومكثفا للزبائن على الأسواق لاسيما بدكاكين التوابل. و تقوم مصالح مراقبة النوعية التابعة لمديرية التجارة بغرداية بتدخلات في أوساط التجار من أجل تفادي بيع منتجات مضرة بصحة المستهلك .