من موقعهن كصاحبات للأرض ومنظمات للعرس الافريقي, تسعى سيدات المنتخب الكونغولي لكرة اليد, بمناسبة احتضان بلادها للطبعة ال23 من كأس أمم افريقيا من 2 الى 12 ديسمبر بالعاصمة برازافيل, الى اعتلاء منصة التتويج وتحدي عمالقة اللعبة على المستوى القاري, على رأسهم أنغولا. وتنشط فعاليات هذه الدورة التي تحمل اسم "لوسي-بونغو" من قبل عشرة منتخبات افريقية جلها متعودة على التواجد في كل الدورات باستثناء الغياب البارز لنيجيريا المتوج بلقب 1991 بالقاهرة, ليكون بذلك الصراع على أشده بين ثلاثة فرق قوية للتتويج بالتاج وهي انغولا و الكونغو و السنغال. وينفرد المنتخب الانغولي بكونه الفريق المتوج بأكبر عدد من الالقاب (12) منها ثمانية متتالية, ليستحق بذلك صفة الفريق المرشح أكثر لخلافة نفسه على العرش القاري. فبشكل أقل ما يقال عنه انه كان ملفت و باهر, نجحت بطلات افريقيا منذ سنة 1998 من مواصلة المشوار و السيطرة على الساحة القارية من خلال تتوجيها بجميع الالقاب لغاية الدورة ال22 التي جرت بأرضها سنة 2016, باستثناء نسخة 2014 التي توقف فيها مشوار الفريق في الدور نصف النهائي على يد المنتخب التونسي, الذي سقط بعد سنتين من هذا التاريخ امام نفس الفريق في نهائي سنة 2016 بنتيجة ساحقة (36-17). ومدرجا في المجموعة الثانية رفقة منتخبات كل من الكونغو و غينيا و جمهورية الكونغو الديمقراطية و المغرب, من المتوقع ان لا يجد منتخب انغولا اي صعوبة تذكر في تجاوز هذه المرحلة و التأهل الى الدور ربع النهائي. وتحسبا للموعد القاري, اجرت الكتيبة الانغولية تربصا اعداديا بالدانمارك, لعبت خلاله عدة مقابلات ودية ضد فرق قوية على الساحة العالمية منها هولاندا, نائبة بطل العالم و الدانمارك و كوبا و ألمانيا, علما ان هذا التربص جاء مباشرة بعد الدورة الدولية التي جرت بالكونغو شهر يوليو المنصرم وعاد فيها الفوز بسهولة للانغوليات. وتجدر الاشارة في هذا السياق ان المنتخب الانغولي يتشكل في غالبيته من لاعبات ينشطن في الفريقين الاشهر في البلاد (بريميرو دي اغوستو و بيترو اتليتيكو), علما ان التشكيلة عرفت في الآونة الاخيرة ضخ دماء جديدة قادمة هي الاخرى من الفرق السابقة الذكر, منهن اللاعبتين البارزتين كلوداث جوزي (21 سنة) و جيرانا كوستا (22 سنة) العازمتين على تقديم الاضافة اللازمة للفريق. ويبقى المنافس الاكبر للانغوليات هو منتخب الكونغو الذي سبق له التتويج باللقب الافريقي في اربع دورات متتالية (1979 و 1981 و 1983 و 1985) والحريص كل الحرص هذه المرة على وضع حد لفترات عجاف استمرت ل 33 سنة كاملة وأكثر من هذا توقيف الآلة الانغولية التي فرضت سيطرتها مطولا على الساحة. ومن أجل تحقيق هذا المسعى, حدد المنتخب الكونغولي تحت قيادة المدرب الفرنسي تييري فانسون هدف الصعود الى أعلى درجة في منصة التتويج, بدليل دخوله في تربص طويل المدى منذ شهر يوليو المنصرم تخلله اجراء دورة دولية بمشاركة أنغولا و الجارة جمهورية الكونغو الديمقراطية التي هزمها في مناسبتين (30-21 و 24-14). واكمل المنتخب الكونغولي تحضيراته بفرنسا بمشاركة اللاعبات المحليات و اللائي تنشطن بالخارج. وتجدر الاشارة هنا ان المنتخب الكونغولي الذي سيكون مدعوما بشعب بأكمله, يملك سجلا محترما في هذه المنافسة القارية التي سبق له التتويج بأربعة من ألقابها و احتل المراتب الثلاث الاولى فيها في 13 دورة. من جهته, يحرص المنتخب السنغالي, -المتواجد في المجموعة الاولى رفقة تونس و الكاميرون و كوت ديفوار و الجزائر-, والذي لم يتجرع بعد كيفية خروجه من كأس أمم افريقيا 2016 عقب الطعن المقدم ضده من طرف تونس بسبب اشراكه للاعبة دونغو كامارا التي لعبت تحت ألوان المنتخب الفرنسي في مونديال-2014 للوسطيات, ليقصى رغم فوزه في الدور نصف النهائي على تونس (26-20), فاتحا المجال لهذه الأخيرة لمواجهة انغولا في نهائي دورة عادت فيها الميدالية البرونزية للتشكيلة الكاميرونية بدون أن تلعب المباراة الترتيبية. وتحسبا للمنافسة الافريقية, عاد التقني الفرنسي فريديريك بوجيون, الذي يشرف هذا الموسم على نادي روستوف الروسي, الى السنغال لتدريب المنتخب المحلي قبل الانتقال الموسم المقبل لقيادة نادي نانت الفرنسي. ويعقد المنتخب السنغالي الذي صعد الى منصة التتويج مرة واحد فقط في تاريخه, خلال دورة 1974 التي انهاها في المركز الثاني, عزيمة كبيرة على قول كلمته, في طريقة منه للثأر من الاقصاء المرّ الذي لحق به في 2016 بسبب قضية دونغو كامارا. وقد شرع المنتخب السنغالي في الاعداد للمنافسة القارية منذ بداية شهر يونيو الماضي, حيث شارك في الدورة الدولية لمدينة بوسان (كوريا الجنوبية) التي انهاها في المركز الثاني, علما ان الفريق سيكون مبتورا في دورة برازافيل من خدمات نجمته دونغو بسبب اصابة على مستوى الركبة. ويبقى الهدف الرئيسي للقائمين على شؤون الكرة الصغيرة بالسنغال و المنهمكين حاليا في الاعداد لكأس امم افريقيا المقررة بدكار سنة 2022, هو اقتطاع تأشيرة مونديال-2019 المقرر في الفترة الممتدة من 30 نوفمبر الى 15 ديسمبر باليابان. --تونس و الكاميرون.. من أجل تحدي العمالقة و قلب الحسابات بالإضافة الى الثلاثي المحوري المشكل من انغولا و الكونغو و السنغال, يملك منتخبا تونس و الكاميرون المؤهلات و الادوات لقلب كل الحسابات في منافسة قارية واعدة. فالمنتخب التونسي الذي يملك سجلا محترما, مزينا بثلاثة تتويجات (1974 و 1976 و 2014), بالإضافة الى تواجده فوق منصة التتويج 10 مرات, سيعتمد في هذه الدورة كثيرا على ميزة الاستقرار التي يعرفها على مستوى التشكيلة و أكثر من هذا الخبرة التي اكتسبها على الصعيدين القاري و الدولي. وبعد تجرعهن لمرارة الهزيمة في نهائي الدورة السابقة, تتسلح فتيات تونس بعزيمة كبيرة من أجل الصعود الى منصة التتويج للمرة ال11 في تاريخهن, وذلك بالرغم من التحضيرات المتواضعة لهذا الموعد القاري, على حد تقدير المتتبعين. من جهتها, ستحرص سيدات الكاميرون اللائي لم يسبق لهن التتويج باللقب القاري اي مرة و اكتفت في تاريخ مشاركاتها بتنشيط ثلاثة نهائيات (1979 و 1987 و 2004), على تحقيق نتيجة جيدة ترقى الى طموحات القائمين على الكرة الصغيرة النسوية بالبلاد, ومن ثم تأكيد المركز الثالث في الطبعة السابقة عقب اقصاء المنتخب السنغالي. وتحسبا للموعد القاري, اكتفت الكاميرونيات تحت قيادة المدرب سيمون بوشار مانغاند بإجراء تربصات اعدادية بياوندي و قامت خلالها بلعب عدة مقابلات ودية ضد اندية محلية اسفرت واحدة منها على هزيمة ثقيلة امام نادي يوك ياوندي (18-27). -- تجنب الإقصاء في الدور الاول.. الهدف المشترك للرباعي الجزائر-المغرب-الكونغو الديمقراطية-غينيا وبواقعية كبيرة و خلافا لطموحات المنتخبات التي تملك مكانتها على الساحة الافريقية, يبقى الهدف الاكبر للرباعي الجزائر و المغرب و جمهورية الكونغو الديمقراطية و غينيا, هو تجنب احتلال المركز الخامس في المجموعة المرادف للإقصاء المبكر من المنافسة. ويبقى المنتخب الجزائري المتواجد في المجموعة الاولى رفقة اربعة منتخبات قوية من بين اكثر الفرق المعنية بهاجس الاقصاء المبكر, خاصة وأن القرعة لم تكن رحيمة بتشكيلة كانت شبه غائبة عن الساحة لفترة قاربت السنتين و عادت للتدرب في شهر سبتمبر الماضي تحت اشراف المدرب الجديد عبد الكريم بن جميل. وقد اعترف المدرب الوطني في تصريح ادلى به ل"واج" ان "الهدف الاساسي من المشاركة في هذه المنافسة القارية هو وضع اللبنة لإعادة بعث الفريق على الساحة و كذا تقييم مستوى النخبة الوطنية مقارنة بنظيراتها في افريقيا التي ما فتئت الرياضة النسوية فيها تشهد تقدما ملحوظا من سنة لأخرى", مضيفا ان "دورة برازافيل ستعطينا فكرة اولية عن المجموعة التي سيمكننا الارتكاز عليها لتشكيل المنتخب الذي نتوسم فيه القدرة على تمثيل الجزائر في المواعيد التنافسية في المستقبل". بالمقابل, تبقى حظوظ منتخب جمهورية الكونغو الديمقراطية الذي سبق له صعود منصة التتويج لمرتين (المركز الثاني و الثالث), و الذي اجرى تحضيراته بالمغرب, في رواق مناسب للمرور الى الدور ربع النهائي على حساب كل من المغرب و غينيا اللذان لم يحققا اي نتيجة تستحق الذكر في تاريخ مشاركتيهما في العرس القاري, ما يعطي مؤشرا واضحا على ان الصراع سيكون مباشرا بين هاتين التشكيلتين من اجل تجنب المركز الخامس و الاخير في مجموعتهما. تجدر الاشارة في الاخير ان المنتخب الغيني, تحت قيادة مدربه الفرنسي كليمون بوتي, قد استفاد من تربص تحضيري ما قبل تنافسي بفرنسا التي تنشط فيها ثلاث لاعباته و يتعلق الأمر بعيساتو كوياتي (بيسانسو) و جينيبي تانجان (تولون) و دياكينبا نيانه (ايفري).