يحيي الفلسطينيون في كافة أرجاء العالم وفي ظرف خاص جدا هذه السنة, اليوم الوطني للأسير الفلسطيني -الذي يصادف 17 أبريل من كل عام - انطلاقا من بيوتهم بسبب الحجر الصحي الذي فرضه تفشي وباء كورونا, وهم كلهم أمل في رؤية أسراهم القابعين في سجون الاحتلال منذ سنوات، أحرار طلقاء. و على غير العادة, سيكون احياء هذا اليوم هذه السنة جد رمزي، دون تنظيم فعاليات ولا مظاهرات ولا تجمعات في المدن الفلسطينية أو أمام مقر المنظمات الدولية في الاراضي الفلسطينية التي تقود معركة أخرى- الى جانب معركة التحرير- ممثلة في مواجهة فيروس كورونا المستجد و الذي تفشى في هذه الاراضى منذ شهر مارس المنصرم. و بمناسبة احياء هذا اليوم الذي يصادف غدا الجمعة (17 أبريل), ينحني الشعب الفلسطيني و معه القوى المتضامنة المحبة للسلام, امام بنضال وشجاعة آلاف الاسرى الفلسطينيين القابعين في سجون اسرائيل على اختلاف انتماءاتهم و شرائحم, من نشطاء و مناضلين و ساسة و نواب و مدنيين ورجال و نساء و أطفال و الشيوخ, والذين يواجهون بشكل يومي انتهاكات متعددة الاشكال و الاساليب تمارس بحقهم من قبل ادارة سجون الاحتلال في خرق صارخ للقانون الدولي الذي يقر بأن "اعتقالهم غير شرعي", كما أكد لوأج الاستاذ والبحث الجامعي بجامعة الاقصى في غزة, زياد مدوخ. ففي هذا اليوم يتذكر كل الفلسطينيون بشكل خاص هؤلاء الاسرى الذين يعيشون أوضاعا "مأسوية و مقلقة" نظرا لما يكابدونه من معاناة وممارسات لا انسانية تتراوح بين التعذيب و العنف الجسدي و النفسي و الاهمال الطبي و الحرمان من الحق في الزيارة الى غير ذلك من الانتهاكات التي يكتفي المجتمع الدولي و المؤسسات الحقوقية بإدانتها دون التدخل بشكل ملموس لدفع الاحتلال الى وقفها. ويقول الباحث و الكاتب زياد مدوخ أن ظروف اعتقال الاسرى الفلسطينيين ازدادت في الاسابيع القليلة الماضية سوءا مع تأكد اصابة أربعة منهم بفيروس كورونا المستجد /كوفيد 19/ في سجن /عوفر/ مطلع ابريل الجاري, وسط مخاوف وقلق من أن يتفشى المرض في أوساط باقي الاسرى خاصة وأن ادارة سجون الاحتلال لم تتخذ أية اجراءات لمنع انتشار الفيروس في السجن المذكور و باقي السجون لحماية قرابة 7000 أسير فلسطيني يكتظون في زنزاناتها, حسب نادي الاسير الفلسطيني. وفي هذا السياق يؤكد السيد مدوخ في تصريحه لوأج أن وضعية الاسرى " تتدهور يوما بعد يوم وأن السلطات الاسرائيلية تزيد من معاناتهم باتخاذها اجراءات غير شرعية و ممارستها للاستفزازات بحقهم بشكل يومي و متكرر". و بالمقابل يحذر نادي الاسير الفلسطيني من أن "الموت البطيء" يتربص بهؤلاء الاسرى خاصة منهم الاشخاص الذين هم أكثر عرضة للاصابة بالفيروس على غرار الاطفال و النساء و المسنين و المرضى و الجرحى وذلك بسبب الاكتظاظ في السجون و انعدام النظافة وسوء التغذية ما يجعل السجون مكانا خطيرا لتفشي الفيروس. الى ذلك ترفض ادارة سجون الاحتلال دخول مواد التنظيف و التطهير و الدواء للاسرى, كما يؤكده أيضا الاعلام الفلسطيني استنادا الى تقارير هيئات و منظمات دولية. وأمام هذا الوضع, أطلقت منظمة الصحة العالمية و هيئة الصليب الاحمر الدولي نداء لسلطات الاحتلال الاسرائيلية في أواخر مارس الماضي من أجل التدخل قصد "عزل السجناء الفلسطينيين الذي يتكدسون بالعشرات في زنزانات ضيقة وهم على احتكاك مستمر فيما بينهم مع مخاطر من نقل عدوى كورونا لأسرى آخرين", داعيتين الى تحسين عملية التشخيص و كذا الظروف الصحية للسجناء. و يشتكى الاسرى الفلسطينيون من تعرضهم للإهمال الطبي المتعمد كما أنهم يتلقون الدواء في وقت جد متأخر وان عددا كبيرا من الاسرى المرضى و كبار السن هم على وشك الموت في ظل غياب التشخيص لمرضهم بشكل متعمد من قبل ادارة السجون حيث سجل وفيات خلال سنة 2019 داخل زنزانات الاحتلال بسبب الاهمال الطبي المتعمد, كما تأسف له الباحث الجامعي والمناضل زياد مدوخ. ووصف الاستاذ مدوخ هذه الممارسات الاسرائيلية ازاء الاسرى الفلسطينيين بأنها "ترقى الى +أبارتايد (ميز عنصري)+ في ظل ترك هؤلاء المعتقلين يموتون ببطء". و حسب منظمة "الضمير" التي تعنى بشؤون بالاسرى الفلسطينيين فان قوات الاحتلال اعتقلت 96 فلسطينيا في الفترة من 10 مارس الى 15 ابريل 2020 بينهم 14 طفلا و خمس نساء مشيرة الى أن هذه الاعتقالات العشوائية ترفع عدد الاسرى في سجون الاحتلال. و أمام القمع الاسرائيلي المستمر , أبدى الاسرى الفلسطينيون مقاومة و شجاعة و اصرار منقطع النظير جعلهم يحظون باشادة و تقدير و تضامن دولي كبير من قبل القوى المحبة للسلام التي حيت فيهم " نموذجا للصبر و الاستمرار في النضال و التمسك بالعدالة" , حسب الاعلام الفلسطيني. و تؤكد المصادر ذاتها أنه بالرغم من وحشية الاحتلال وصمت المجتمع الدولي الرسمي ووسائل الاعلام وغياب الضغط من قبل منظمات حقوق الانسان على السلطة القائمة بالاحتلال, فان نضال الاسرى سيستمر الى غاية تحقيق الهدف المنشود في الحرية و العدالة. و بمناسبة حلول يوم الاسير الفلسطيني هذه السنة, يتمسك الأسرى بمواصلة كفاحهم على غرار السنوات الماضية من أجل اسماع صوتهم قصد الضغط على القوة القائمة بالاحتلال لتحسين أوضاعهم, مدعمين في ذلك من قبل الشعب و القيادة الفلسطينية التي تعتبر قضية الاسرى "قضية وطنية و تحظى بالاولوية".