فشلت الحكومة المغربية في احتواء أزمة زلزال الحوز الذي ضرب المنطقة قبل أكثر من 16 شهرا, مما ترك سكانها في معاناة مستمرة وغياب واضح للدعم والمساعدة اللازمة, في الوقت الذي يتم اعتقال كل صوت مندد بهذا الفشل في انتهاك صارخ لحقوق الانسان. وفي هذا السياق, انتقد رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام, محمد الغلوسي, ما أسماه ب"النخبة السياسية التي استولت على مفاصل التدبير العام", مؤكدا أنها ترعرعت في بيئة الفساد, مما يفسر غيابها التام عن محنة سكان الحوز الذين يعانون من تداعيات الزلزال المستمرة. و أشار الغلوسي في تدوينة له على مواقع التواصل الاجتماعي اليوم الثلاثاء, إلى أن هذه النخبة السياسية تستثمر في سوق الانتخابات فقط لضمان السيطرة على المؤسسات وجني المكاسب الشخصية, في وقت يعيش فيه الضحايا في ظروف قاسية من الفقر والإقصاء. و قال: "سكان الحوز يعانون من البؤس ولا يوجد من يوجههم أو يؤطرهم", مشيرا إلى الفراغ الذي تعيشه المنطقة في ظل غياب الدولة وانشغال سماسرة السياسة في الترويج للأوهام خلال فترات الانتخابات ليختفوا بعد ذلك عن الأنظار. و تابع قائلا: "يستمر سكان الحوز في العيش في خيام بلاستيكية في ظل ظروف صعبة للغاية, بينما تواصل طبقة فاسدة من المسؤولين والفاسدين جمع الثروات على حساب معاناتهم. ورغم التقارير الرسمية التي تؤكد هذه المأساة, فإن البعض يستكثر على السكان حقهم في الاحتجاج ورفع أصواتهم ضد الظلم والفساد". وشدد على انه لا يمكن إغفال انتهاكات حقوق الإنسان التي طالما تعرض لها الضحايا في هذه المنطقة. فإضافة إلى المعاناة المعيشية, يعاني المتضررون من نقص الدعم الصحي والخدمات الأساسية, ما يساهم في تفاقم الأزمة الإنسانية وهذه الانتهاكات ليست مقتصرة على غياب الإغاثة, بل تشمل أيضا تجاهل الحكومة لنداءات المواطنين والمجتمع المدني المتواصلة في هذا الشأن. و استمرارا لسياسة تكميم الافواه و استغلال السلطة, صدر أمس الاثنين حكم عن المحكمة الابتدائية بمراكش بإدانة رئيس تنسيقية ضحايا زلزال الحوز, سعيد آيت مهدي, بثلاثة أشهر حبسا نافذا وغرامة مالية, وهو القرار الذي أثار غضبا واسعا بين ضحايا الزلزال والنشطاء الحقوقيين الذين نظموا وقفة احتجاجية للمطالبة بالبراءة له ووقف التهميش المستمر. و عقب اصدار الحكم, غمرت مواقع التواصل الاجتماعي بمنشورات لنشطاء و متضامنين أكدت على أن حكم السجن الذي طال سعيد آيت مهدي لا يعدو كونه رسالة من الحكومة للمواطنين مفادها أن كل من يجرؤ على انتقاد السلطات أو المطالبة بحقوقه, سوف يلاحق ويعاقب, مشددين على أن هذا التوجه يمثل أسوأ أشكال الاستبداد حيث تستخدم القوى الأمنية والقضائية لتشويه صورة النشطاء الذين يعملون بكل جدية من أجل تسليط الضوء على معاناة الشعب, بينما يتم تجاهل آلام هؤلاء الذين يعيشون في الخيام و يواجهون البرد والحر و كل أنواع الاقصاء. و قد تابعت النيابة العامة آيت مهدي على خلفية نشاطه الميداني والاجتماعي بعد الزلزال ووجهت إليه تهما تتعلق بتوزيع ادعاءات كاذبة والتشهير واتهامات أخرى تتعلق بحرية التعبير. هذه المحاكمة جاءت في وقت يتساءل فيه العديد عن جدوى وفاعلية الحكومة في تحمل مسؤولياتها تجاه ضحايا الزلزال الذين لا يزالون يعانون من آثار كارثة طبيعية و لم تجد الدولة حلا جذريا لمعاناتهم.