يلجأ بعض التجار المتخصصين في بيع المواد الغذائية بمختلف أنواعها إلى مخالفة القواعد المطلوبة في سلسلة التبريد لحفظ المواد السريعة التلف مما يعرض صحة المواطن للخطر الذي قد يصل في بعض الأحيان إلى الوفاة خصوصا في فصل الصيف. انتشرت بعض السلوكات المخالفة للضمير لدى بعض التجار الذين أصبحوا يتعمدون إيقاف المبردات في الفترة المسائية اقتصادا للكهرباء مغفلين حق المواطن في الحصول على سلع صحية مقابل المال الذي يدفعه لقاء ذلك. و تظهر نتائج هذا السلوك الأناني لبعض تجار المواد الغذائية خاصة اللحوم بأنواعها و الحليب و المنتجات المشتقة منه في فصل الصيف خصوصا نظرا لارتفاع درجات الحرارة التي تؤثر مباشرة على سلامة المنتوجات التي لا تكون معروضة وفق الشروط التي يحددها القانون. وعادة ما يصادف المواطنون هذا النوع من التصرفات لدى اقتنائهم السلع الغذائية الحساسة و في هذا السياق أكدت سليمة (38 سنة) ل (واج) أنها تفضل اقتناء المنتوجات المشتقة من الحليب في فصل الصيف من محل تعودت على الشراء منه لأنها تضمن عدم اطفائه للمبرد أثناء الليل. و قالت "اكتسبت هذه العادة منذ سنوات بعد أن أصبت بتسسم حاد اثر تناولي للياغورت و لم أتفطن بأنه لم يعد صالحا للأكل رغم أن التاريخ المحدد على العلبة كان يبين أنه صالح للاستهلاك فتأكدت ان صاحب المحل لا يحترم شروط التبريد". و نفس الرأي عبر عنه محمد (23 سنة) الذي قال انه يتفادى تناول المواد المشتقة من الحليب في فصل الصيف لأنه يعرف جد المعرفة ان الكثير من اصحاب المحلات يعزلون المبردات عن التيار الكهربائي اثناء الليل "و هذه حقيقة وقفت عليها عندما اشتغلت لدى عدة تجار للمواد الغذائية". أما نوال (35 سنة) فأكدت أنها تعرضت تكرارا لهذا الموقف خصوصا في الصباح "مرة سألت صاحب احدى المساحات الكبرى ببئر مراد رايس هل كان المبرد غير مشغل عندما أحسست ان المنتوج لم يكن باردا الا أنه أنكر بشدة و راح يروي أشياء لا علاقة لها بالحقيقة ليبعدني عن صلب الموضوع" و اضافت "و من الامور التي صادفتها عند هؤلاء التجار فاقدي الضمير هي عدم اكتراثهم بشكوى الزبائن في حال اقتنائهم لمواد فاسدة و أظن أن ذلك يعود إلى عدم صرامة العقوبات". كما طرح حسان (55 سنة) مشكل غياب الوعي الاستهلاكي لدى المواطن الذي يتسامح مع هذا النوع من التجار الذين لا يراعون حقه في الحصول على سلعة نظيفة خالية من العيوب التي قد تودي بحياته و حياة ابنائه. و من المهم أيضا الاشارة إلى أن المستهلك الجزائري لا يجد من يعرفه بحقوقه في هذا المجال "ما دامت الجمعيات المتخصصة في حمايته لا نجد لها أثرا في الميدان" كما أوضح مسؤول بمكتب النشاطات التجارية بمديرية التجارة لولاية الجزائر. و في هذا السياق قال مسؤول مكتب النوعية بالمديرية اسماعيل بوعلجة أن عدم احترام شروط التبريد سلوك سائد في أوساط التجار و لذلك جهزت فرق المراقبة التي تعمل في ميدان مكافحة الغش بآليات للتأكد من احترام درجات الحرارة ابتداء من نقلها إلى غاية عرضها للاستهلاك مشيرا إلى أن عمل هذه الفرق يبدأ من استيراد المواد الغذائية حيث يصعدون فور وصول السلعة المستوردة على متن المركبة المجهزة بآلة التبريد للتأكد من تشغيلها أثناء مدة الرحلة. و عندما يلجأ صاحب السلعة إلى توقيف المبرد أثناء مشوار الرحلة فإن أعوان المراقبة يتمكنون من ضبط تلك المخالفة بوسائل تقنية متطورة تقطع الطريق أمام المتلاعبين بصحة المواطن. إلا أن المشكل المطروح هو أن قطع التيار الكهربائي يتم في الفترة المسائية لدى توقف التجار عن النشاط و هو الوقت الذي يتوقف فيه أعوان المراقبة و مكافحة الغش عن العمل ايضا و هو ما يمنعهم من ترصد هذه المخالفات و هو فراغ استغله هؤلاء التجار المتلاعبين. و في هذا الإطار أشار بوعلجة إلى أنه في الكثير من المرات ترسل المديرية اعوانها للعمل في الصباح الباكر لترصد هذا النوع من المخالفات الا ان الامكانيات المتاحة و توقيت العمل لا يسمح لهم بتكرار هذه الخرجات بصفة دورية. و القانون من جهته لم يغفل هذا الجانب فسلط عقوبات صارمة ضد من يتلاعبون بصحة المواطن من خلال القرار الوزاري المشترك المتعلق بدرجة حرارة المنتوجات الغذائية بحيث تقضي المادة 13 و 22 من المرسوم التنفيذي 91-53 المتعلق بشروط عرض المواد الغذائية للاستهلاك و كذلك المادة 6 و 7 من القانون 9-3 المؤرخ في 2009 بتسليط غرامة مالية تتراوح بين 50 ألف دينار إلى غاية مليون دينار ضد المخالفين. وتجدر الإشارة إلى أن فرق المراقبة التابعة لمديرية التجارة لولاية الجزائر قامت بإصدار 1016 محضرا شفهيا ضد التجار الذين ارتكبوا مخالفات متعلقة بالأمن الغذائي خلال شهر جوان 2010 و ذلك بعد قيام الأعوان ب3631 تدخلا و تم اقتراح غلق 21 محلا تجاريا خصوصا المطاعم و المحلات المتخصصة في بيع اللحوم و مشتقاتها و المخابز.