تنطلق يوم الخميس بمقر وزارة الخارجية الأمريكية جولة المفاوضات المباشرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي والتي تعقد تحت إشراف أمريكي وتهدف إلى التوصل إلى اتفاق سلام عادل حقيقي وشامل يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة. وستجري المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين بحضور الرئيس المصري حسنى مبارك و العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني وسط ترقب فلسطيني ودولي لما يمكن أن ينبثق عنها لصالح السلام بالمنطقة وتحقيق هدفها القاضي بوضع حد للاحتلال الأرض الفلسطينية. ومن المقرر إعلان إطلاق المفاوضات المباشرة خلال مأدبة الإفطار التي سيقيمها الرئيس الأمريكي باراك أوباما مساء يوم الأربعاء بالبيت الأبيض على شرف الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو والرئيس حسني مبارك والملك عبد الله الثاني. وتنطلق المفاوضات المباشرة غدا بعد توقف دام 20 شهرا بناء على بيان اللجنة الرباعية الدولية للسلام في الشرق الأوسط الصادر في 21 أوت الماضي بهدف التوصل إلى اتفاق خلال عام. وعشية انطلاق المفاوضات أكد أمين عام مجلس الوزراء الفلسطيني أن مشاركة الفلسطينيين فى جولة جديدة من المفاوضات المباشرة مع الإسرائيليين "تؤكد تمسكهم بموقفهم فى استرداد حقوقهم المشروعة وإقامة الدولة الفلسطينية مهما طال الزمن أو تعددت أساليب المماطلة والتهرب من استحقاقات السلام التى تتبعها الحكومة الإسرائيلية". ويظل مصير مفاوضات واشنطن مرهون بمدى جدية إسرائيل فيها لتحقيق السلام مع الفلسطينيين والى أي حد يمكن أن تتمسك فيه الإدارة الأمريكية بالتزامها تجاه تحقيق هذا السلام باعتباره "هدف يتقدم كافة أولويات الرئيس الأمريكي باراك اوباما" مثلما أكد عليه هذا الأخير مرارا. وبخصوص هذا الالتزام أعلن الموفد الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل أمس بالبيت الأبيض أنه سيكون لواشنطن وجود فعال وداعم خلال المفاوضات المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين مؤكدا أن " للرئيس أوباما الكثير من الالتزامات المهمة ولكن سلاما كاملا في الشرق الأوسط يشكل أولية كبرى له". وأكد المبعوث الأمريكي أن المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية المباشرة "تتيح نافذة جديدة للأمل في التوصل الى حل الدولتين". ويرى المتتبعون أن محادثات يوم غد بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي تواجه عدة عقبات تتمادى سلطات الاحتلال في فرضها على أرض الواقع منها مواصلتها لعملية قضم الأراضي الفلسطينية من خلال تشييد بؤر استيطانية جديدة الى جانب انعدام أي ضمانات أمريكية للفلسطينين ماعدا تصريحات ووعود بتحقيق السلام. وقد صرح المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية أن الرئيس محمود عباس سيلتقي في واشنطن اليوم الأربعاء كلا من الرئيس باراك أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بشكل منفصل وأكد أن الأسابيع القادمة ستكون "حاسمة" لمعرفة مدى مصداقية وجدية إسرائيل في السير في مفاوضات تشمل كافة قضايا الوضع النهائي بما فيها وقف الاستيطان. وكان الرئيس الفلسطيني الذي وصل يوم الثلاثاء إلى واشنطن للمشاركة في إطلاق المفاوضات المباشرة قد صرح بأنه سيطلب من الولاياتالمتحدة أن تمارس "وساطة فعالة" في تلك المفاوضات وشدد على انه لن يتردد في الانسحاب من المفاوضات إذا لم تجدد إسرائيل تجميد البناء في المستوطنات. كما رفض الرئيس عباس العودة إلى نقطة "الصفر" في المفاوضات وقال انه لم يعد هناك مجال لإعادة طرح الأمور من جديد, "فالوقت أصبح للقرارات وليس للمفاوضات". وأوضح أنه في حال توفرت النوايا الحسنة فإنه يمكن حسم كافة القضايا النهائية خلال سنة مضيفا قوله "ما يهمني أن تبدأ المفاوضات المباشرة لمناقشة قضايا المرحلة النهائية, وعدم الانجرار إلى قضايا أخرى وحتى تكون مفاوضات جدية نطالب إسرائيل أن تمدد تجميد الاستيطان الذي سينتهي في 26 سبتمبر الجاري". وتزامنا مع تصريحات الرئيس محمود عباس هذه وعشية انطلاق المفاوضات استأنفت إسرائيل نشاطاتها الاستيطانية في موقعين في قضاء نابلس وأمرت بهدم منازل فلسطينيين في أكثر من موقع. للإشارة أن الحكومة الإسرائيلية أعلنت أنها تشارك في المفاوضات باعتبار أنها جاءت بدعوة أمريكية ولكن بدون شروط مما يعني حسب المتتبعين شرط وقف الاستيطان والمرجعيات المتفق عليها من مؤتمر مدريد وحتى قبل مدريد. للتذكير فقد عقدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون عدة اجتماعات تمهيدية جانبية الليلة الماضية مع الأطراف المعنية قبل انطلاق المفاوضات ا. في غضون ذلك دعت روسيا -إحدى أقطاب اللجنة الرباعية الرباعية المعنية بالتسوية في الشرق الأوسط- يوم الأربعاء على لسان وزيرها للخارجية سيرغي لافروف أطراف النزاع في الشرق الأوسط إلى الاتفاق واستشراف المستقبل مشيرا إلى أن "استئناف المباحثات المباشرة بين الجانبين بمثابة فرصة لتحقيق ذلك". وستكون هذه هي المرة الأولى التي يجرى الفلسطينيون والإسرائيليون مفاوضات مباشرة للسلام منذ عشرين شهرا علما أن الإدارة الأمريكية أطلقت في 9 ماي الماضي مفاوضات غير مباشرة لأربعة شهور لم تحقق تقدما.