رحبت العديد من دول العالم بإعلان اللجنة الرباعية الدولية والإدارة الأمريكية استئناف المفاوضات المباشرة بداية شهر سبتمبر المقبل إلا أن الآمال الفلسطينية الكبيرة المعقودة على المحادثات تواجه سيلا من المخاوف من احتمال اصطدامها من جديد بسياسة المراوغات والتسويفات المعهودة على المفاوض الإسرائيلي وتنصله من استحقاقات السلام مع الفلسطينيين . فقد بادرت عدة دول بالاشادة باعلان الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي قبولهما الدعوة الامريكية لاستئناف المفاوضات المباشرة الا أنها رأت بالمقابل استمرار التحدي ورهنته بالقدرة على تحقيق فعلا تقدما في هذه المفاوضات تقدما يرتكز أساسا على كيفية تعامل المفاوض الاسرائيلي معها وقدرة الرئيس الامريكي باراك أوباما في التقريب بين الجانبين للتوصل الى حل يضمن للشعب الفلسطيني دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف . وأكدت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وهي تعلن عن قبولها للدعوة الامريكية على ضرورة وقف الاستيطان وان غير ذلك سينعكس لامحالة سلبا على المفاوضات فيما رأت فصائل فلسطينية أخرى وفي مقدمتها حماس في الدعوة الامريكية "خداع جديد تجاه الشعب الفلسطيني". وقال مدير المركز الإعلامي الحكومى الفلسطيني غسان الخطيب أن تضمين الدعوة الأمريكية سقفا زمنيا بعام واحد يعد أمرا ايجابيا جدا لانه كان احد المطالب الفلسطينية من اجل استئناف المفاوضات الا انه شدد على ان هناك قضايا اخرى ينبغى بحثها مثل موضوع الاستيطان لانه كان احد العوائق الأساسية أمام استئناف المفاوضات. من جهته، أعلن حنا عميرة عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية اليوم السبت أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس يعتزم الانسحاب الفوري من المفاوضات المباشرة مع إسرائيل في حال استمرار الاستيطان. وشدد عميرة على وجود إجماع داخل القيادة الفلسطينية بأن الاستيطان ومفاوضات السلام لا يمكن أن يتزامنان بأي حال من الأحوال منتقدا في هذا السياق عدم تطرق بيان اللجنة الرباعية الدولية الذي صدر أمس لقضية الاستيطان. وكانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أعلنت أمس الجمعة أن المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين ستستأنف في الثاني من سبتمبر المقبل. يذكر أن اللجنة الرباعية الدولية للسلام في الشرق الأوسط التي تضم الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة كانت قد دعت إسرائيل والفلسطينيين إلى بدء مفاوضات سلام مباشرة في واشنطن في الثاني من سبتمبر المقبل . وفي حالة انطلاقها في الثاني سبتمبر القادم دون عوائق ستحل المفاوضات المباشرة محل المفاوضات غير المباشرة التي استمرت لأربعة أشهر . وستجري المفاوضات تحت إشراف الرئيس أوباما وبمشاركة الرئيس المصري حسني مبارك والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني. ولم يجر الفلسطينيون والإسرائيليون أي مفاوضات مباشرة للسلام منذ ديسمبر 2008 أثر الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ووصول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى سدة الحكم. و من جهتها، رفضت حركة حماس دعوة الإدارة الأمريكية لاستئناف المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين واعتبرتها "محاولة خداع جديدة" للشعب الفلسطيني. جاء ذلك على لسان سامي أبوزهري الناطق باسم حماس الذي اكد ان "الشعب الفلسطيني غير ملتزم بالنتائج التي يمكن أن تخرج بها هذه الدعوة" مضيفا أن هذه الاخيرة "تجاهلت شرط وقف الاستيطان مما يجعل المفاوضات في ظل هذا الوضع هي شرعنة للاستيطان وقبول باستمراريته". كما اتخذت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين الموقف نفسه ورفضت بشكل قاطع مسألة الدخول في مفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي وقالت على لسان احد قياديها البارزين الشيخ خالد البطش انها ترى في الدعوة "تكريس للهيمنة الأمريكية وسياسة فرض الأمر الواقع من قبل الإدارة الأمريكية المنحازة للاحتلال الإسرائيلى والحريصة على رعاية مصالحه". وأكد خالد البطش أن "الاحتلال يستغل المفاوضات في إضاعة الوقت وارتكاب الجرائم ضد شعبنا". دوليا فقد تضمنت اشادة العديد من دول العالم دعوات إلى إسرائيل بضرورة المضي قدما ودون عوائق نحو تحقيق السلام . فقد أعرب البيت الابيض الامريكي عن امله في نجاح المفاوضات المباشرة واكد ان الرئيس أوباما وإدارته يأملان في أن تبقى الأطراف على التزامها. من جهته، وصف وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ امس موافقة الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي على بدء المفاوضات المباشرة ب"الخطوة الشجاعة" مشددا على ضرورة إحراز تقدم عاجل وداعيا في الوقت نفسه جميع الأطراف إلى الامتناع عن أي "نشاط يمكن أن يقوض المفاوضات". ايطاليا وعلى لسان وزيرها للخارجية فرانكو فراتيني ثمنت قبول الجانبين استئناف المفاوضات واعتبرته "تطورا إيجابيا بالغ الأهمية". من جهتها، أشادت فرنسا باعتزام فلسطين واسرائيل استئناف مفاوضات السلام المباشرة لوضع نهاية لعملية السلام المتجمدة في الشرق والاوسط متعهدة بتقديم مزيد من التبرعات لدعم إنشاء دولة فلسطينية.