راقبتُ النشاط العقلي المجرّد في ميادين لا علاقة لها بعالم الغيب ولا بمصادر المعرفة فيه فأعجبني هذا الجهد المتّصل في دراسة المادة وقواها وأسرارها، واحتفيت بالثمار اليانعة الّتي عاد بها، وقدّمها للنّاس..
وراقبتُ - في الوقت نفسه - هذا النّشاط وهو يدرس (...)
من أخطاء الإنسان أن ينوء في حاضره بأعباء مستقبله الطويل. والمرء حين يؤمل ينطلق تفكيره في خط لا نهاية له، وما أسرع الوساوس والأوهام إلى اعتراض هذا التّفكير المُرسل، ثمّ إلى تحويله همومًا جاثمة، وهواجس مقبضة.
لماذا تخامِرُك الرِّيبة ويخالجك القلق؟! (...)
إن العيش في حدود اليوم لا يعني تجاهل المستقبل، أوترك الإعداد له، فإن اهتمام المرء بغده وتفكيره فيه حصافة وعقل. وهناك فارق بين الاهتمام بالمستقبل والاغتمام به، بين الاستعداد له والاستغراق فيه، بين التيقظ في استغلال اليوم الحاضر وبين التوجس المربك (...)
لقد بات إبعاد الإسلام عن قضية فلسطين جريمة بشعة، وظهر ألاّ نتيجة لذلك إلاّ القضاء على الأمّة العربية كلّها... أفما آن الأوان لإيقاظ الجهاد الإسلامي، وترك المسلمين يعودون إلى قواعده وتعاليمه..؟
عرف هذه الحقيقة سياسي عربي كبير هو الملك فيصل بن عبد (...)
لم يرسل الله أنبياءه ليعلّموا النّاس: كيف يحيون أرضًا مواتًا؟ أو كيف يضاعفون إنتاج أرض صالحة؟ أو كيف ينشئون صناعات خفيفة أو ثقيلة؟ أو كيف يحسنون إدارة الأعمال في أقصر وقت وأقل تكلفة؟ أو كيف يعرفون خصائص النباتات الطبية والعقاقير المشابهة ويقيمون (...)
يشن سماسرة الغزو الثقافي الآن حملة مسعورة على الأقطار الّتي اتّجهت إلى تطبيق شرائع الحدود والقصاص، ويتندّرون بأحكام “العين بالعين والأنف بالأنف” ويلمزون حكومة السودان لأنّها جلّدَت قسيسًا يحمِل مقادير كبيرة من الخمر.
وقد بحثتُ في موضوع القسيس (...)
غير أنّه لم يكد يستمع إلى ما ألقيته من نصوص الحقائق المعروفة حتّى وقف معقّبًا على ذلك بكلّ إنصاف وقال: “إنّ اتّخاذ محمّد هذه الإجراءات الثلاثة منذ مطلع القرن السابع، وفي قلب الجزيرة العربية، حيث لا حضارة ولا دولة، يكفي وحده للدلالة على عظمة مفهوم (...)
ارتقت وسائل الإعلام في العصر الحاضر وقطعت آماداً فسيحة في اجتذاب النفوس وصياغة الأفكار، وتوسلت بها مذاهب مفلسة أتقنت فن الداعية حتى بدت وكأنها في جانب كبير من اليسار..!والغريب أنك تبحث عن الإعلام الإسلامي وسط هذا السباق المحموم فلا تجد إلا نفراً (...)
والنموذج الثاني، فهو ما قد سجّله أحد أساتذتنا في (الحقوق) في جامعة دمشق حول فضائل الحضارة الأوروبية، وخاصة في مفاهيمها الجديدة لما يجب أن تقوم عليه الدولة الحديثة من العناية بالمصالح الاجتماعية كلّما كانت هناك مصلحة راجحة للمجتمع، وذلك بالحدّ بصورة (...)
لنلقي نظرة على جزء من خسائرنا الإسلامية في أعقاب الغزو الثقافي: عنوان “الشغب الطائفي في الهند” تألفه الأعين في صحفنا العربية، وإذا استثنينا ما وقع أخيرًا من قتال بين السيخ والهندوك، فإنّ كلّ المعارك الّتي نشبت يكون المسلمون وحدهم هم ضحاياها. وفي هذه (...)
لستُ أعتقد أنّ المستر دير كسبن هذا، وحيد فريد في هذه الميدان، وإلاّ فكيف يتسنّى لجمعيات خدمة المرضى والفقراء في العالم الثالث، أن تطبع في العام الواحد أكثر من تسعين مليون نسخة من الكتاب المقدس، يما يزيد على مائة لغة، منها جميع اللهجات العربية بين (...)
يقول أبو حامد الغزالي في كتابه الإحياء: “فالداعي إلى محض التقليد مع عزل العقل بالكلية جاهل، والمكتفي بمجرد العقل عن أنوار القرآن والسنة مغرور”. ونقف طويلاً عند الجملة الأخيرة من كلام أبي حامد رضي الله عنه، فبين المثقفين من العرب نفرٌ من حملة الأقلام (...)
كلّ تديُّن مع تبلُّد الفكر والحسّ، فهو موضع نظر، وللعلماء فيه كلام يجب أن يعرف، فإنّ محاربة الغشّ المعنوي أهم من محاربة الغش التجاري!
هناك مَن يؤمن بالله عن تقليد، ما أعمل فكرًا ولا أدار بصرًا!، ما قيمة هذا الإيمان؟ البعض رفضه ولم يمنحه قيمة، والبعض (...)
هل للمسلمين وجود في هذه الميادين؟ أين اختفوا مع أنّ آباءهم قادوا الحياة البشرية دَهْرًا؟ وبماذا يشتغلون؟ الواقع أنّ هناك خطًا أساسيًا في أسلوب تفكيرنا وعبادتنا لربّنا، لأنّنا لم نُعْطِ القدرة المدنية والعسكرية وزنها الصّحيح.
وأغلب العابدين يرجّحون (...)
إنّ الجانب الإلهي في الإسلام والجانب العاطفي في الإسلام ينبغي أن تعاد دراستها على ضوء الكتاب والسُّنَّة، وأظن الّذين حاربوا عِلم الكلام والتصوّف ذكروا بدائل حسنة لما عَدّوه خطأ في هذين العِلمَين، فهل درسنا هذه البدائل؟ إنّ جمهورًا كبيرًا من المنتمين (...)
الإسلام الذي ننتمي إليه سمع وطاعة لله تباركت أسماؤه، ولا بد أن يعتمد على معرفة شديدة الوضوح، وخضوع لا يتخلف في موطن، واستجابة عاجلة لكل نداء.. ولا يتم شيء من هذا إلا إذا كانت المشاعر جياشة، والبواعث حية، والنفس مكتملة القوى في إرضاء الله.
وأي منصف (...)
لعلّ الغزو الأوّل للغزو الثقافي إصابة العلوم الدّينية في مقاتلها بعد إسقاطها عن مكانتها التّقليدية، وترتبط بعلوم الدّين علومُ اللّغة وفنون الأدب، فيجب أن تتضعضع هي الأخرى! ولما كان الإسلام عقيدة وشريعة وتربية وتقاليد، وكانت الثقافة المصاحبة لهذا (...)
لم تكن المعركة سهلة على أي حال، فالمقاومة شديدة، ورجالها مستبسلون، وكلّما ظنّ الغزاة أنّهم انتصروا بدت لهم الغاية أبعد، والعقبات أشد. ولكي يعرف أبناؤنا أبعاد الموقف نذكر لهم هذه الحقائق:
منذ بدأ الإسلام، واليهود النّصارى حاقدون عليه ومعترضون طريقه، (...)
الله المبارك الّذي ينظر إلى نيتي وجهدي علم أنّي بذلتُ كلّ ما عندي ويبارك لي فعلي فأنجح ببركته، بعد أن أدّيت ما عليّ.
إن ثورة الجزائر حقيقة ضحّت وقدّمت أمواجًا من الدم، والله لولا بركات الله عليها ما وصلت إلى التّحرير، لكن الله بترشيده ويده الهامية (...)
الباحثون عن أسرار العظمة في شخص محمّد صلّى الله عليه وسلّم، من كتّاب أوروبا وأمريكا يحدُّقون بأبصارهم في زوايا شتّى من السّيرة النّبويّة ويستخلصون نتائج جديرة بالتأمّل..
وأرى أنّ السّرّ في تلك العظمة القدرة الفريدة على خلق أمّة تطّلع على العالم (...)
عندما يتصدّع بناء قائم فإنّ إعادته إلى قوّته وتماسكه يحتاج إلى مهندس خبير يعرف الدعائم والشّرفات في أصل البناء، ويعرف ما عراها من عطب.. ويعرف كيف يعود بالبناء إلى حالته الأولى.. ليس كلّ امرئ يقدر على بناء الأمم إذا اهتزّ كيانها وتداعت أركانها وأحاط (...)
كنت أقرأ صحيفة “الجزيرة” فاستوقفني عنوان عن القلق والإبداع والأدب المعاصر، وأدهشني وأنا أقرأ أنّ المتنبي ذكر اسمه في سياق واحد مع نزار قباني.. المتنبي الحكيم يقول في تصوير المجد وتكاليفه:
لاَ يُدْرِكُ الْمَجْدُ إلاَّ سَيِّدٌ فَطِنٌ لمَا يَشُقُّ (...)
الإنسان الموصول بالقرآن دقيق النّظر إلى الكون، خبير بازدهار الحضارات وانهيارها، نيِّر الذِّهن بالأسماء الحُسنى والصّفات العُلى، حاضر الحِسّ بمشاهد القيامة وما وراءها، مشدود إلى أركان الأخلاق والسّلوك ومعاقد الإيمان، وذلك كلّه وفق نِسَب لا يطغى بعضها (...)
إنّ المرويات تتعارض في ظاهر الأمر، وهنا يدخل علماء الفقه والأثر للتّنسيق والتّرجيح، وقد يصحّ السّند ولا يصحّ المتن، وقد يصحّان جميعًا ويقع الخلاف في المعنى المراد، وهذا باب واسع جدًّا.. ومنه نشأ ما يسمّى بمدرسة الأثر ومدرسة الرأي، والأولون أقرب إلى (...)
إنّ التعصّب المستغرب لوجهة نظر فرعية لا يبلغ هذا الشّطط، ولكنّه للأسف مسلك ملحوظ على عدد ممّن يشتغلون بأحاديث الآحاد.
ومن نماذج المرويات المتقابلة ما جاء في طريقة البول، فقد وردت آثار بجوازه عن قيام، وجاءت أخرى بمنعه، وروي عن ابن مسعود: ”إنّ من (...)