يقول أبو حامد الغزالي في كتابه الإحياء: “فالداعي إلى محض التقليد مع عزل العقل بالكلية جاهل، والمكتفي بمجرد العقل عن أنوار القرآن والسنة مغرور”. ونقف طويلاً عند الجملة الأخيرة من كلام أبي حامد رضي الله عنه، فبين المثقفين من العرب نفرٌ من حملة الأقلام تعجب لمواقفهم وما يحفها من تناقض.. تسمعهم يدعون للديمقراطية فتقول: نزعة إنسانية مقدورة، ما الديمقراطية؟ أن يحكم الشعب نفسه بنفسه. حسنًا نحن نريد ذلك. تفاجأ بأنه إذا كان الشعب مسلمًا، ويريد أن يحتكم إلى شرائع الله اختفت الديمقراطية المنشودة، وقيل للمسلمين أنتم رجعيون تستحقون المطاردة! وهؤلاء محررون علمانيون يتغامزون على الدين وأهله. ولا بأس عندهم بهذا السلوك ما دام يقوم على النيل من علماء الدين المسلمين! أما إذا كانت القضية لكاهن من اليهود أو النصارى، فإن الشيوعي يتأدب، والهازل يجد، والعلماني يصطنع الرقة والاحتشام، ويجيد عبارات الإطراء والزلفى! ولنذكر هنا ما نشرته جريدة الراية في 20/03/1984 تحت عنوان “عبرة لمن يتفكرون” بقلم الأستاذ درويش مصطفى الفار قال: أمامي قصاصة من جريدة “ستار” الصادرة في جوهانسبرغ محو إفريقيا بتاريخ 03/03/1984. أنقل منها للقارئ العزيز خبرًا أذاعته وكالتا أنباء رويترز وسبأ للأنباء يقول: وتبرع المحسن الهولندي الكبير “بيت دير كسبن” بمبلغ مائة وثمانية وسبعين مليون دولار (178 مليون دولار) للمشاريع التبشيرية في العالم الثالث لخدمة المرضى والفقراء. وكان ذلك إثر مقابلته “الأم تيريزا” الراهبة الكاثوليكية الشهيرة التي وقفت حياتها للعناية بأطفال الهند، والتي منحوها جائزة نوبل للسلام سنة 1979. ويبلغ المستر دير كسبن من العمر إحدى وسبعين سنة وهو أب لأربعة أولاد، ويتمتع بصحة جيدة، وهو صاحب شركة لبيع أدوات الألعاب الرياضية وإنشاء المعسكرات الترويحية في هولندا وبلجيكا. يقول المستر دير كسبن إنه يؤمن ككاثوليكي ملتزم بأن الرب قد أنعم عليه بثروة جمعها بالكفاح الشاق، لا لكي يضيعها في ملذات الدنيا، ولكن لكي يبذلها طائعًا مختارًا في سبيل نشر كلمة الرب عبر المؤسسات التبشيرية العاملة في الدول النامية، وأنه حين اهتدى إلى فكرة التبرع شعر بأن طوقًا من الحجر الثقيل قد انزاح عن عنقه، وأخذ يصيح فرحًا كالأطفال حينما قرر وقف تلك الملايين لخدمة كلمة الرب. ويمتلك المستر دير كسبن مجموعة نادرة من التحف الفنية سوف يطرحها في المزاد العلني ليضيف ثمنها أيضًا إلى تبرعه لنشر كلمة الرب.