لنلقي نظرة على جزء من خسائرنا الإسلامية في أعقاب الغزو الثقافي: عنوان “الشغب الطائفي في الهند” تألفه الأعين في صحفنا العربية، وإذا استثنينا ما وقع أخيرًا من قتال بين السيخ والهندوك، فإنّ كلّ المعارك الّتي نشبت يكون المسلمون وحدهم هم ضحاياها. وفي هذه الأيّام، اشتدّ الشغب في بومباي وقتل كثيرون من المسلمين فيه، وكنتُ أعرف السبب المباشر، فإنّ قرى كبيرة من المنبوذين الهنادك آثرت الإسلام ودخلت فيه أفواجًا، حتّى بلغ المسلمون الجدد ألوفًا، تبعتها ألوف، ولم لا يؤثرون الإسلام وقد شعروا فيه بإنسانيتهم كاملة غير منقوصة، آنسهم شعور الإخاء الّذي لم يذوقوا طعمه يومًا، وشعروا بالدهشة والفرحة معًا لما وجدوا مَن يصافحهم ويعانقهم ويبتسم لهم ويزور مريضهم ويعنى بشأنهم! إلخ. لقد كانوا قبل ذلك أنجاسًا منبوذين! فماذا يفعل الهنود الوثنيون لوقف هذا التيار؟ هجموا بأسلحتهم المتوفرة على المسلمين حيث كانوا، وكأنّما بدأوا حرب إبادة. وقاوم المؤمنون العزل جهد الطّاقة، بيد أنّ الخسائر كانت جسيمة! ذكّرتني بما وقع من شغب آخر شرقي الهند تحت هتاف مطاردة الغرباء، كانت جثت الضحايا فيه –كما نقلتها الصور- كأوراق الشجر في فصل الخريف.. ونظرت للقرّاء الّذين يطالعون الصحف، والجمهور الّذي يسمع الإذاعة، فما وجدتُ جبينًا مقطبًا ولا عينا دامعة ولا تعليقًا محزونًا! إنّهم يقرؤون أخبارًا لسكان كوكب آخر! إنّ الغزو الثقافي نجح أتمّ نجاح في إماتة الأخوة الإسلامية وإهالة التراب عليه... فلنترك الهند ولنذهب إلى إفريقيا، أخبار نيجيريا تهمّني، فنيجيريا يسكنها ثماني مليون مسلم، والدسائس لتدويخها لا تنقطع.. من عدّة شهور قرأتُ أنباء فتنة دينية حول “كانو” من معاقل الإسلام، هناك قتل في هذه الفتنة بضعة ألوف من المسلمين. وخمدت نار الفتنة لتشتعل مرّة أخرى تاركة وراءها آلاف القتلى كذلك. سبحان الله ما أرخص هذه الدماء المُراقة سدى! وسألتُ: ما سبب هذه المذابح؟ ماذا يطلب المتمرّدون؟ لماذا تسفك الدماء بهذه الغزارة؟ أما من ضوء يكشف لنا أسرار هذه المحن؟ ووجدتُ أنّ أحدًا لا يعرف، ولا يريد أن يعرف ماذا يعنيه؟ تقول: الأخوة الإسلامية؟ يهزّ رأسه ويحملق فيك بغباء شديد، ويمضي لشأنه.