في الحديث عن العولمة وعن سماتها، كثيراً ما يقع استخدام بعض التّعبيرات أو التّسميّات من قبيل «اقتصاد العولمة» و«سياسات العولمة»، وما على شاكلتها من الأوصاف، تمييزاً لها عمّا سبقها من محطّاتٍ في التّطوّر الاقتصاديّ والسّياسيّ في العالم كان للاقتصاد (...)
في زمنٍ قريبٍ مضى، قد يكون قبل بضعة عقود، كان للمثقّفين العرب اتّصال وثيق – بل شديدُ الوَثاقة – بالشّأن العامّ. حينها، كان حمَلةُ الأقلام من الكتّاب الأدباء والباحثين قد دخلوا، على الحقيقة، في زمرة المثقّفين؛ أي في عداد تلك الفئة من الكتّاب التي لا (...)
نجحت أمريكا، شماليُّها والجنوب، في أن تقيم بلدانَ هجرةٍ من الطّراز الفريد في العالم الحديث والمعاصر، أو في أن تنشئ مجتمعات تتغذّى، ديمغرافيّاً، من موجات المهاجرين إليها.
فيما ظلّت أصقاع أخرى من الأرض – خاصّةً من بلدان الغرب – تحصر الهجرة في يدٍ (...)
من النّافل القول إنّ وراء الثّقافة والفكر فاعلٌ صانع لا يَكون أيٌّ منهما من دونه، هو المثقّف الأديب أو الفنّان والباحث أو المفكّر.
إذا عدم وجود هذا الفاعل أو شَحَبَتْ صورتُه، لا تكون ثقافةٌ ومعرفة أو، إنْ كانت، تنتحي ركناً هامشيّاً من الاجتماع. (...)
لم تُحْدِث حالةَ الاضطراب في النّظام الدّولي ثنائيِّ القطبيّة المنصرم سوى ظاهرةُ سباق التّسلّح، التي بدتْ محمومةً بين الدّولتين الكبيرتيْن في ذلك الإبّان، والتي ظلّت تهدّد بتحويل الحرب الباردة بين الغرب والشّرق إلى حربٍ ساخنة، على الرّغم من أنّ (...)
دفعت ألمانيا غالياً ثمن مغامرة النّظام النّازيّ الذي قام فيها وأدار السّلطة وأشعل الحروب في أوروبا.
دفعتهُ ألمانيا الدّولة والمجتمع والكيان ولم يدفعه النّظام النّازيّ حصراً. كان ثمناً باهظ الكلفة على الصُّعد كافّة: البشريّة، والاقتصاديّة، وعلى صعيد (...)
لم تتوقّف إيديولوجيا الفرد ومركزيّتُه عن التّعبير عن نفسها، في حقبة ما بعد الأنوار، في الخطاب الفلسفيّ اللّيبراليّ على الرّغم من موجة النّقد الحادّ التي أطلقتها الهيغيليّة والماركسيّة للمفهوم، وللمنوال السّياسيّ الذي يحتلّ فيه الفرد مكانة (...)
فكرة المساواة هي ما أسّس للفكرة الجمهوريّة في الفكر السّياسيّ الحديث وفي النّظام السّياسيّ الحديث. وهي نفسُها ثمرةٌ لفكرة السّيادة الشّعبيّة التي عليها مبنى الدّولة الحديثة.
إذا كان الشّعب مصدر السّلطة وصاحب السّيادة، في هذا المنظور الجمهوريّ (...)
إذا كان النّظام الدّيمقراطيّ نقيضَ نظامَ الاستبداد، فلأنّه يَفْصل بين ما يجتمع في نظام الاستبداد: السُّلطات الثّلاث، ويعيد توزيعها بما يحقِّق التّوازن في عملها ويمنع الاستئثار بها جميعِها من قِبَلِ مركز واحد.
لهذا يُعَدّ الفصل بين السّلطات أظْهَر (...)
لدى كلّ إنسان قدْرٌ من الاعتداد بالنّفس يزيد أو ينقُص تبعاً لتكوين وعيه، أو لمؤثّرات المحيط الاجتماعيّ الذي يعيش فيه.
وبمقدار ما يجوز أن يُحسَب الاعتداد الذّاتيّ ذاك في جملة ما هو جِبِليّ – حيث الأنانيّةُ، في جزءٍ كبير منها، معطًى طبيعيٌّ- يمكن أن (...)
على مثال الخلط بين مفاهيم الثّقافة والمعرفة والإيديولوجيا، لدى كثيرين ممّن يستخدمونها في الكتابة ويتداولونها في المناقشات، يقع خلطٌ ورديف بين مفاهيم المثقّف والكاتب والإيديولوجيّ والعارف (أو منتج المعرفة/الباحث)، فيُعَبَّر بها، أحيانًا، وكأنّها (...)
من تحصيل الحاصل أنّ السّلطة التي تتمتّع بالشّرعيّة في عيون المواطنين – سواءٌ كانت شرعيّة ديمقراطيّة أو شرعيّة وطنيّة أو شرعيّةَ إنجاز- هي أعلى شأناً وشأواً من السّلطة المطعون في شرعيّتها (سلطةً انقلابيّة كانت أو استبداديّة أو فاسدة)، ذلك أنّ معيار (...)
الثّقافة، شأنُها في الطّبيعة شأن العمل وتدبير الأشياء والعلاقات، فعاليّة أو بُعدٌ من أبعاد الفعاليّة الإنسانيّة. يمتنع افتراض وجودٍ إنسانيّ أو حياةٍ إنسانيّة من دون تَبَدٍّ لهذه الفعاليّة شكلاً مّا من أشكال التّبدّي.
وهي، بهذا المعنى، تجسيدٌ للَحظةِ (...)
هل يَسَعنا أن نشهد قريباً، أو في زمنٍ منظور، على شكلٍ مّا من تبديد حالِ العداء بين الغرب والإسلام (والعرب استطراداً)، أو من انفراجةٍ لحال التأزّم في العلاقة بينهما، على النّحو الذي تستقيم فيه تلك العلاقة وتنجلي عنها أسباب الاضطراب؟
يحتمل السّؤال هذا (...)
الاعتقاد السّائد لدى من يتمسَّكون بمبدأ الفصل بين السّلطات – ونحن ممّن يتمسّك به- أنّ نقض هذا المبدأ يسود، حصراً، في الأنظمة الطّغيانيّة؛ الاستبداديّة، والدّكتاتوريّة، والفاشيّة، والأوليغارشيّة، والأوتوقراطيّة، والكلاّنيّة (التّوتاليتاريّة).
فكثير (...)
من تحصيل الحاصل أنّ السّلطة التي تتمتّع بالشّرعيّة في عيون المواطنين – سواءٌ كانت شرعيّة ديمقراطيّة أو شرعيّة وطنيّة أو شرعيّةَ إنجاز – هي أعلى شأناً وشأواً من السّلطة المطعون في شرعيّتها (سلطةً انقلابيّة كانت أو استبداديّة أو فاسدة).
ذلك أنّ معيار (...)
لو تمتّع النّظام الصّحيّ في العالم بالتّأهيل الماديّ والتقنيّ والبشريّ واللّوجيستيّ الكامل، لَمَا أمكن لجائحة كورونا أن تأتيَ على البشريّة بوخيم العَقَابيل.
نعم، كان يمكن لضرباتها أن تكون موجعة، وأن تُخلّف من الخسائر ما خلَّفَتْه جوائح أخرى سابقة، (...)
بين التّعليم والمعرفة والثّقافة أوْطدُ العلاقات. ما من حدٍّ من الحدود الثّلاثة هذه يستغني عن غيره ويكتفي بنفسه؛ إذِ الواحدُ منها يقوم بغيره، وبغيره ينفسح له إمكانُ أداء وظائفه الإنسانيّة والاجتماعيّة. بعضُ هذه الحدود مادّةٌ، وبعضُها وسيلةٌ حاملةٌ (...)
لم تُصبِ الدّيمقراطيّة نجاحاً في تنظيم التّوازن بين مصالح القوى الاجتماعيّة المُتباينة، داخل إطار الدّولة الوطنيّة الحديثة، إلاّ لأنّ مبْناها كان على أساس العقلانيّة السّياسيّة.
ولم تُخفِق البشريّةُ في الاهتداء إلى قواعدَ ثابتة لتنظيم المنازعات بين (...)
في ثقافة أيّ مجتمع أو جماعةٍ قوميّة صُوَرٌ نمطيّة عن مجتمعات أخرى غيرها تصير، بمفعول نظرتها تلك، آخَراً لها يقابلها ويقابل المجتمع الذي تنشأ فيه وتعبِّر عنه.
وأكثر الحالات التي تتولّد فيها تلك الصّور النَّمطيّة وتُتَبادَل هي الحالات التي تقع فيها (...)
يكشف استمرار ظاهرة الحرب في الحياة الإنسانيّة، وفي العلاقات بين الأمم وبين الدول، عن صعوبة القول – بل استحالته – بمحاربة العنف للسّياسة أو استواء هذه على قواعد أخرى، غير العنف، مثل السّلم والتعاون والتنافس النظيف.
ولأنّ الحرب ظاهرة سياسيّة فهي لذلك (...)
تُعلِّمنا تجارب التاريخ أنّ أبناء كلِّ مدنيّةٍ يحملون الاعتقاد أنّ مدنيَّتهم تتفوَّق على غيرها من المدنيَّات السابقة أو المعاصرة لها.
والاعتقاد والشعور بذلك طبيعي لأنه ينبع من الأنا الجَمْعيّة، ومن نظرتها إلى نفسها بوصفها المصدر الذي لا مصدر غيرَهُ (...)
قد يخال المرء، من فرط معاينته للصراعات الطائفية والمذهبية والعرقية في البلاد العربية، أن المجتمعات العربية والإسلامية، وبعضاً من تلك التي تشبهها في الجنوب، وحدها تتفرد ببنية اجتماعية فسيفسائية غير اندماجية، وأن البنية هذه هي التي تقود اجتماعياتها (...)