فاجأني الصديق احميدة العياشي عندما طلب مني أن أكتب ل ''الجزائر نيوز'' انطباعاتي ''عن مباريات كأس العالم وما يحيط بها من أشياء وأحداث وأشخاص، وعنصر المفاجأة، مثلما يقول معلقو كرة القدم، هو أنني لست متخصصا في الشأن الرياضي، ولا أفهم في تقنيات وفنيات كرة القدم وخطط مدربيها وبرامجهم، والشيء الوحيد الذي يجمعني حاليا بالرياضة، هو أنني أمارس رياضة الركض في غابة بوشاوي مرة أو مرتين في الأسبوع، ليس حبا في الرياضة نفسها، بل تنفيذا لنصائح الأطباء وخوفا من عواقب الكهولة· وترددت في البداية، فأنا، لا أحب أن أحشر أنفي في المسائل التي لا أعرفها، مثلما يفعل بائعو الماء المبتدئين في ساحات السقائين، أو أدلي بدلوي فيما لا يعنيني أو يستهويني·· لكنني تراجعت ووافقت، بعدما تمكن العياشي، كريما وفاضلا، بإقناعي وتحفيزي، ونحن نتناول العشاء ونتابع مباراة الإنجليز والأمريكان، العدوين اللدودين لمحاربي الصحراء، في مطعم جميل في أعالي العاصمة· قلت للعياشي ''أنا لاعب كرة سابق، وكنت قائدا لفريق جندل للأصاغر، حيث تحصلنا في الموسم الوحيد الذي لعبت فيه، على المركز الثاني في البطولة، وسجلت فيه 11 هدفا، واحد منها بالضربة المقصية، وكنت أضع على ذراعي شارة القيادة، وهي المنديل الشخصي للمدرب. وأحيانا، عندما ينسى المدرب منديله في بيته أضع على ذراعي قطعة قماش، لا أدري من يأتي بها حارس الملعب، وكنت أقلد اللاعب الكبير الأخضر بلومي، حيث أوجه رأسي إلى اليسار عندما أريد تمرير الكرة نحو اليمين، أو العكس، أو أرفع رأسي مزهوا وأنا أوزع الكرات وأصنع اللعب وأساهم في تسجيل الأهداف·· وقد تفاجأ العياشي بما كنت أسرده، مثلما تفاجأت أنا بطلبه، وربما شكك في أقوالي، ورآها عارية من الصحة، مثلما يقولون في مهنة المتاعب· لقد كانت كرة القدم في الماضي متعة خالصة، لكنها تحوّلت منذ سنوات إلى كوكتيل حقيقي، فيه شيء من المتعة وشيء من البزنس وشيء من السياسة، وتدور حولها قصص وحكايات وروايات، وتتداخل فيها حكومات ودول وشخصيات، ولهذا أحسست أنني أستطيع أن أكتب وأعبر عن رأيي من خلال المونديال· لكن الشيء الممتع يطغى على غيره من الأشياء، وربما ستكون هذه الأيام ممتعة، خاصة وأن المونديال يجري في بلد نيلسون مانديلا، الشخصية التاريخية والرجل السياسي، ورمز الأمل، وهذا وحده قد يجعل من المونديال متعة حقيقية·