كنت أستغرب عندما يقال من أن لاعبي المنتخب سيلعبون ''قلب''، فهل الآخرون يلعبون بالمعدة والبنكرياس مثلا؟ والذي يتحدث عن اللعب ''بالقلب'' دون تكتيك وخطة كمن يطلب من سائق غير متمرس أن يشارك في الرالي ويسوق بقلبه، أي بحرارة وتصميم، أو من سباح مبتدئ أن يخوض بحرا هائجا معتمدا على ارادته وقلبه، فمن المؤكد أن السائق والسباح سيموتان، الأول في حادث سير والثاني غرقا، وقد سمعت عددا من المدربين يتحدثون عن ''القلب'' ويقولون أن المنتخب سيفوز إذا لعب بقلبه، أي بتصميم وعزم، وقد حزنت عندما سمعت اللاعب صايفي يقول أن عناصر الفريق لن يلعبوا بخطة أو تكتيك، إنما ''سيلعبون قلب ورب''، حسب تعبيره، وقد دخل صايفي إلى الملعب بقلبه لكنه شوهد مثل التائه في الصحراء لا يعرف إلى أين يذهب وأي مسلك يأخذ، وخرج لسانه من فمه وهو يلهث، ولم ينفعه قلبه النابض، وتساءلت كيف يقول لاعب محترف مثل هذا الكلام، لأن المنطق والعقل يقولان أنه إذا لم تكن تدربت بشكل جيد ولديك خطة جيدة وتعرف خصمك بشكل جيد، فإنك سوف تخسر، وإذا فزت فإن الفضل يعود إلى ضربة حظ فقط وليس إلى ''القلب''· لكن علي أن أعترف بأنني عدلت موقفي هذا، عدلته وليس غيرته، بسبب ما قرأت وشاهدت وسمعت عن لاعبي المنتخب الفرنسي لكرة القدم، وأحسست بأن هؤلاء لا يلعبون ''بقلب'' ولا بنكرياس ولا معدة ولا إرادة وعزم، وقد قرأت تحليلا في صحيفة فرنسية في بداية المونديال قال فيه كاتبه أن لاعبي المنتخب الفرنسي لا يلعبون بحرارة مثل لاعبي الفريق المكسيكي أو لاعبي المنتخب الجزائري، وعبر عن دهشته من ذلك· وقال أنه لا يعرف السبب، لكن الآن عرفنا، وإذا عرف السبب بطل العجب· أحد لاعبي المنتخب الفرنسي طلب من الاتحادية الفرنسية لكرة القدم أن ترسل له طبيب أسنانه الخاص إلى تونس، أين كان الفريق يتربص، على متن طائرة خاصة، لأن ضرسه آلمه، و جاءه طبيبه في بداية الليل، لكن الطبيب لم يفحص اللاعب إلا في صباح الغد بعد تناول فطور الصباح ·· وبلغت قيمة الرحلة 25 ألف أورو· وبعض اللاعبين القدامى، مثل ريبيري وأونري وإيفرا القائد المتمرد، كانوا يسخرون من اللاعب الصاعد والوسيم كوركوف، وكان عندما يمر أمامهم في الفندق أو الحافلة يسخرون منه غيرة وحسدا، حسب اعترافات بعضهم، وقد هبطت معنويات لاعبيهم، وكانوا يحسدون بعضهم في الملعب ولا يمررون الكرة لبعضهم البعض حقدا وغلا وحسدا·· وقد كانت المشاركة الفرنسية في المونديال خيبة كبيرة وفضيحة مدوية· وتذكرت عناصر المنتخب الجزائري، وكيف لعب لموشية ورفيق حليش و''رؤوسهم مفتوحة'' في القاهرة، وتذكرت كيف لعب عبد القادر غزال ورأسه مفتوحة هو الآخر في أنغولا، ولم يطلبوا طائرات خاصة ولا أطباء متخصصين، وربما وضعوا على جروحهم شيئا من القهوى ودخلوا الملعب· أحسست وأنا أقرأ، قرأته عن الفرنسيين، بأن اللعب بالقلب ممكن، وقد لعب الجزائريون بقلوبهم، وأن اللعب بغير ''قلب'' ممكن أيضا وقد فعلها الفرنسيون ولعبوا بدون ''قلب''، فتحية إلى حليش وغزال، وكذلك لموشية الذي سال دمه من أجل الفريق ثم أبعدوه لسبب لم يقولوه بشكل رسمي وعلني· أحيي هؤلاء جميعا ·· ومن القلب أيضا ·