إنطلقت، ليلة أول أمس، بالمسرح الروماني كويكول، فعاليات مهرجان جميلة العربي في طبعته السادسة، وقد اختيرت فرقة ''إينانا'' القادمة من سوريا لتنشيط الليلة الأولى التي رحل الجمهور عبرها إلى غسق فجر وردي إستعاد فيه التاريخ ذاكرته في تدمر حيث الطقس الشعبي البهيج وفوضى الحروب والصراعات التي إنتهت بإشراق شمس زنوبيا ملكة الشرق·· فرقة ''إينانا'' التي تزور الجزائر للمرة الثانية واختارت التأريخ لملكة الشرق على ركح المسرح الروماني بجميلة، تمكن عناصرها الذين ينتمون إلى ثلاث أجيال من استقطاب اهتمام الجمهور والعودة به إلى أزيد من 4000 سنة مضت كان الصراع خلالها على أشده بين الإمبراطورية الرومانية وبين الشعوب الضعيفة التي كانت لديها رغبة في التحرر واسترجاع حظيرة تدمر على ضفة الفرات، وبالرغم من أن الزمن غابر، وأحداثه أكل عليها الدهر وشرب، إلا أن الفرقة استطاعات أن تلغي الحدود واسترجاع ما أتت عليه السنون في عمل فني رائع جمعت فيه بين الماضي والحاضر ومع كل لوحة إستعراضية كان عناصرها يحطون الرحال بالجمهور على ضفة من ضفاف الصراع القديم بين العرب والروم عبر لوحات فنية دقيقة في الإخراج، في محاولة منهم للتأكيد بأن هناك عملا دؤوبا وإصرارا على الإبداع ورغبة عارمة لدى كل من شارك فى هذا العمل على أن يتركوا أثرا لا يزول مع الزمن وأنه سيتحول إلى واقع ينتزع غيرة الفرق المسرحية العربية ويدفعها إلى تقديم ما هو جميل ومنافس مستقبلا، وأكثر ما يثيرالانتباه في العرض الذي استمر لحوالي ساعة ونصف من الزمن وقدمه أزيد من 50 راقصا وراقصة ينتمون لثلاث أجيال، هو كيف تسنى لأعضاء الفرقة أن يربطوا الأسطورة والتاريخ بالواقع المعيش فى سلاسة موسيقية ولوحة راقصة جابت الوطن العربى بأشهر الألحان من كل قطر من الشام بكل تنوعه، إلى الخليج، إلى اليمن، وصولا إلى المغرب العربي· كما كان للأزياء الفريدة والقصص المثيرة والمشوقة بالغ الأثر في إحداث عناصر ''إينانا'' للتميز، الشيء الذي جعل الحضور الذي تفاعل كثيرا مع ما شاهده من إبداع يعيش في عالم ساحر، وساهمت القصة التاريخية المشوقة والموسيقى المعبرة في خلق أجواء رائعة واحتفالية مميزة أكدت من جديد أن النهضة الثقافية والفنية التي تشهدها سوريا مهد الحضارة والتي تعتبر عاصمتها دمشق أقدم العواصم في التاريخ وأعرقها تسير في الطريق الصحيح وأنها ستكون بوابة المسرح العربي على العالم· قالوا عن التظاهرة·· خليدة تومي وزيرة الثقافة ''استمرار المهرجان والتطور الذي يشهده من سنة لأخرى هو دليل على العناية الكبيرة التي تولّيها وزارة الثقافة بقطاع الفن في الجزائر وحرصها الشديد على النهوض به نحو الأفضل ··· سنظل دائما السند القوي لمحافظة المهرجان التي أكدت قدرتها على إحداث الاستثناء وتحقيق التطور من سنة لأخرى·· سطيف ولاية يعمل مسؤولوها على تحسينها وتطويرها، وأكيد سنكون بجانبهم دائما، ولأن الفن رسالة ليست لها حدود فأكيد سيكون لمهرجان جميلة الأثر البالغ في التعريف أكثر بالولاية وما تزخر به من مناطق أثرية نادرة وتراث لا نجد له أي أثر في العالم '' لخضر بن تركي مدير الديوان الوطني للإعلام والثقافة ''مهرجان جميلة هو عرس كلّ الجزائريين ونجاحة يعني نجاح الفن في البلد عامة وليس سطيف لوحدها·· نعمل جاهدين كل سنة على بلوغ مستويات أعلى، والشيء المميّز هذه السنة هو عدد المموّلين والمساهمين في مهرجان جميلة الشيء الذي ساعد محافطة المهرجان على جلب أسماء فنية من الوزن الثقيل·· جميلة المنطقة الأثرية التي تميّز ولاية سطيف على نظيرتها في الجزائر والعالم على حدّ سواء تحتاج للاستثمار بها وتطويرها لأن الركح الأثري لوحده لا يكفي، وهو ما يجب أن يوضع في الحسبان مستقبلا إذا أردنا حقيقة بلوغ مستوى باقي المهرجانات العربية والعاليمة ونجعل من مهرجاناتنا مصدرا للإشعاع الفني العربي على أن لا يقتصر على الغناء فقط بل يمتد إلى مجالات أخرى على أن تصل إلى ما نطمح إليه مستقبلا وهو جميلة جامعة للثقافة العربية· نور الدين بدوي / والي ولاية سطيف ''نحاول أن نخلق من جميلة قطبا فنيا جامعا للثقافات العربية على اختلاف أنواعها ومشاربها وهذا لن يتأتى إلاّ بتظافر الجهود ومشاركة الجميع في إحداث النقلة بمنطقة فريدة من نوعها ··لقد قطع مهرجان جميلة أشواطا كبيرة نحو الأمام، وبينما كنا سابقا نترجّى الفنانين لتسجيل حضورهم أصبحوا الآن يتصلون بنا لطلب المشاركة، وهذه خطوة أعطت الكثير للمهرجان وزادتنا قوة نحو المضيّ قدما ·· ارتفاع عدد المموّلين ووصوله إلى 25 مؤسسة قدمت الدعم المالي للمهرجان هو نجاح كذلك وبينما أشكر جميع المساهمين دعوا البقية للمشاركة في دعم الطبعات اللاحقة خاصة أبناء المدينة الذي أحثهم على الالتفاف حول المهرجان لأنه نافذة سطيف على العالم''·