اختار القائمون على فعاليات مهرجان ''جميلة'' في طبعته السادسة أن تكون الانطلاقة دمشقية شامية بفسيفساء تاريخية رومانسية، فكانت فرقة ''إينانا'' السورية صورة أحيت الحارة الرومانية من على مسرح ''سيبتيم'' بمنطقة ''جميلة'' الأثرية وأعادت إلى الوجود الحضارة التدمرية بعمل فني مسرحي راقص جسده على الركح 50 دمشقيا استطاعوا في لوحة ساحرة إعادة الأيام الجميلة لملكة تدمر ''زنوبيا'' من ربيع عمرها إلى بلوغها سدة الحكم بعد أيام من الحب الجميل مع الملك ''أذينة'' والصراع العاطفي القائم بين ''زنوبيا'' و''السبية آمبش'' لخطف ود الملك بعد سلسلة من المعاناة من بطش ''الساسانيين'' قبل التطرق إلى الانقلاب الذي قام به الساسة بروما عاصمة الحضارة وإسقاطهم للملك ''أذينة'' في مملكة ما بين دجلة والفرات. وركز العمل على فترة حكم ''زنوبيا'' التي حققت انتصارات عجز عنها كبار الساسة في الإمبراطورية الرومانية آنذاك وما تبعه من وبال بعدما قرر الملك ''تيلينبينيو'' الثأر لابنته ''آميش السبية'' عند التدمريين وهو ما أتى بعد حرب ضروس أسقطت فيه ''الحضارة الزنوبية'' كما يحلو للبعض تسميتها، واقتيدت ''زنوبيا'' أسيرة إلى ''تيلينبينو'' ما أفقدها السيطرة على نفسها خصوصا بعدما قرر الملك الزواج بها لتقرر هي إنهاء حياتها. وعلى الرغم من تعدد الروايات بشأن نهاية ''زنوبيا'' انتحارا بالسم أو بالطعن أو الشنق؛ إلا أن العمل المسرحي المقدم ب''جميلة'' أشار إلى أنها طعنت نفسها كون الفرقة لم ترد تكرار مقطع السم باعتبار أن الملك ''أذينة'' سقط مقتولا بالسم. أما عن قضية الشنق فلم ترد في كتب التاريخ سوى في عدد قليل جدا منها؛ وبالتالي فلم تعتمد الفرقة على هذه الأخيرة في أعمالها. وتفنن المخرج جهاد مفلح في هذا العرض المسرحي الافتتاحي، خلال إعطاء الأبعاد التاريخية ومزجها بين المؤثرات والأزياء؛ ما أعطى العمل بعدا آخر خاصة في المقاطع الحربية والرومانسية، إلى جانب تركيز التقنيين على الموسيقى الحزينة تارة والهادئة المعبرة عن الفرح تارة أخرى، مع إعطاء شارات من الموسيقى والألحان الخاصة بإعلان الحرب والانتصارات.