تشدك تلك اللافتة الكبيرة التي يضعها أمام محله، ذاك المحل الذي تعود عليه الكثيرون كونه مختص في بيع مشتقات الحليب الطبيعية، غير أنه بمجرد حلول شهر رمضان يعرف المحل تغييرات جذرية، فبالإضافة إلى الإقبال الكبير الذي يشهده والطوابير الطويلة الراغبة في الحصول على ''لبن الحقيقي بالزبدة الطبيعية'' لا يمكن لأي زبون أن يغادر المحل من دون الحصول على بضعة أرطال من الزلابية عملا باللافتة الموضوعة على مدخل المحل: ''الزلابية الدزيرية الحقانية''· هي زلابية من نوع خاص يؤكد لك سيد أحمد أنه الوحيد الذي يعرف وصفتها بعدما تكرمت والدته على مقاسمته إياها هذه الخلطة السرية والسحرية التي يقول عنها: ''النكهة العاصمية التي يسعى الجميع للحصول عليها، هي وصفة يعرفها قدامى الصنعة الذين تربوا على أيدي العجائز ممن حفظنها أبا عن جد''· أما سيد أحمد فيقول عن زلابية بوفاريك التي يتغنى بها الجميع، إنها زلابية البلاد الحقانية، غير أن الفارق مع الزلابية التي يصنعها رفقة والدته تكمن في الطريقة، حيث أن زلابية بوفاريك يتم إعدادها وفقا لتحضير تجاري أو صناعي يستجيب للطلب الكبير، في حين أن زلابية والدته، الحاجة يامنة فتقوم على الإعداد البيتي، إذ بالرغم من تجاوزها العقد السبعين إلا أنها تصر على الاستمرار في تحضير الخلطة كل يوم من أجل إرضاء الزبائن، مع العلم أن الكميات فعلا محدودة ولا يمكن أن يتوقع الزبون الحصول ولو على عينة بعد تجاوز منتصف النهار· بهذا الخصوص يقول سيد أحمد: ''صناعة الزلابية بالنسبة لي بمثابة الهواية، فنحن معروفون بتجارة مشتقات الحليب الطبيعية، غير أنه في رمضان نحيي هذه العادة من خلال مشاركة الهواية مع الوالدة· والحق أن الكثيرين باتوا مدمنين على هذا النوع من الزلابية بطعم المكسرات والأعشاب المنكهة التي لن تعرف سر تحضيرها مهما حاولت التحايل على سيد أحمد، الذي ينتهي بالقول إن السر الحقيقي في يد والدته، على اعتبار أنه بالرغم من حصوله على الوصفة الحقيقية، إلا أن ما يحضره لا يرقى لما تحضره الحاجة يامنة. والواقع أن كثيرين ممن يقصدون المحل بشارع الزواوة بالشراقة، إنما يقصدونه لتبادل الحديث مع الحاجة المرحة، التي تقول لك إن الزلابية هي من ساهمت في بناء المنزل العائلي بعد وفاة زوجها وتحملها مسؤولية أطفالها ليصبحوا اليوم من ميسوري الحال بفضل الزلابية·