ينتابنا قليل من الخجل وكثير جدا من الشعور بالمرارة إذ نتحدث عن الدخول الأدبي في الجزائر، وكأنه فعلا حدث من بين أحداث أخرى من غير رياضة كرة القدم لا تشفع لها أي تغطية لأن تبرز أنها استأثرت بالإهتمام· المتتبعون للشأن الثقافي والأدبي من الإعلاميين الجزائريين، وهم في غالبيتهم كتاب، يملكون بنسبة عالية، بحكم تواجدهم في قلب العاصمة، من المؤشرات على ما طرحته دور النشر الجزائرية في سوق الرواية خاصة في العام المنصرم بين شهري سبتمبر وديسمبر· سيكون الأمر مفيدا جدا لو أنهم يكشفون بالأرقام ذلك· كما هم يعرفون نسبة التفاوت الفائقة بين العناوين الصادرة بالعربية وبين تلك الصادرة باللغة الفرنسية، ولكن أيضا الفارق النوعي بينهما في تصور الكتاب وفي إخراجه كما في ترقيته وفي توزيعه؛ ليس لتقاليد مطبعية ونشرية موروثة الرسوخ فحسب ولكن في تقديري ل ''نضالية'' تخوضها شبكة من الناشرين ومن الموزعين ومن المتتبعين في القنوات الإذاعية والتلفزية الجزائرية الباثة باللغة الفرنسية؛ لأنهم يعتمدون على مقروئية فعلا ملموسة حاضرة ومنتشرة· فصدور كتاب بالفرنسية في الجزائر أو عن الجزائر من جزائري أو من غيره، مؤهل لأن يسوق في الجزائر، اعتبر دائما حدثا· وبهذه الصفة يلقى ما لن يلقاه نظيره باللغة العربية· بل إن ذلك الكتاب نفسه إذا ما ترجم إلى العربية في الجزائر لم يحقق المتوقع منه انتشارا ومبيعات· لعل هذا الوضع من بين الأسباب التي دفعت كتابا بالعربية إلى أن يغيروا لغة تعبيرهم أو أن يهاجروا بأنفسهم فإن لم يستطيعوا فبنصوصهم إلى المشرق؛ مع تبعات ذلك السلبية لا محالة على التراكم المنتظر أن تحدثه كتابة الرواية في الجزائر وإسهامها في تشكيل مقروئية على غرار نظيرتها بالفرنسية وبالتقاطع معها بالضرورة، ثم إن أولئك الإعلاميين أنفسهم يستطيعون أن يحسبوا على أصابع أيديهم عدد كتاب الرواية الجزائريين باللغة العربية وبالفرنسية معاً المقيمين في الجزائر الناشرين في دورها وهما معياران يمكن أخذهما في النقاش إذا ما أردنا أن نتحدث عم نوايا دخول أدبي كما يتم في البلدان المطلة علينا من الضفة الأخرى؛ لأن الحلم بتحقيق ذلك لا يزال نائيا· وإذا ما فعلوا فإنهم سيُظهرون، لا محالة، للرأي العام الأدبي أن سنونو ''بُشّيْرة'' واحدة لا تصنع دخولا أدبيا كما هي لا تصنع ربيعا · وبِمَ لا بد أن يتميز دخول أدبي إذا ما أريد له أن يكون حدثا سنويا، في غياب إستراتيجية نشر مدعمة بتحفيزات ضريبية لصالح الناشرين، للتخفيف عنهم من أعباء الكلفة، حسب دفاتر شروط واضحة وقابلة للحياة، تتضمن إنشاء مكتبات في مدن التراب الجزائري كله يتولى تسييرها احترافيون يستفيدون هم أيضا من تحفيزات الدولة، موصولة إلى شبكة توزيع قادرة على نقل الكتاب إلى أقصى نقطة، وعندها سيكون في مقدور الناشرين خاصة الخروج نهائيا من دائرة خوفهم من المجازفة؟ وبِمَ، أيضا، لا بد أن يتميز دخول أدبي إذا ما أريد له أن يكون حدثا سنويا، من غير الوصول إلى خلق جوائز رمزية التقدير لأحسن الأعمال الروائية وأجملها وأبرزها في الإضافة النوعية للمتن الجزائري؛ فذلك أحد العوامل التي تسهم في انتشار الكتاب وفي تطوير الكتابة، ومن ثمة توسيع دائرة المقروئية لإحداث شغف انتظار الدخول الأدبي كل عام؟