لماذا لم ينتبهْ أحد إلى تفوقّنا في مسابقات ''تكريم الموتى''، ويقوم بتكريمنا؟!!·· إننا بحاجة حقا لهذا الاعتراف حتى ننغّص على قلوب المناوئين لنا ونشرّف المتحالفين معنا· عظيماتنا وعظماؤنا يشعرون بالعزلة والتهميش فيفكرون كالأطفال في لفْت انتباهنا· إنهم مجانين حقا!!·· قد يُضربون عن الكلام كما فعل في الماضي، الصامت الكبير، العاشق الراحل ''مالك حداد''·· أو يدفنون أشعارهم في قبر كما فعل قبل أشهر قليلة ''المتوفى شعريا'' عادل صياد·· يا لشقاوتهم!!·· إنهم مميزون ومحتالون حقا!!·· لهذا فلن ننتبه إليهم·· سندعهم على هذا الحال·· نمعن في تجاهلهم··· وهكذا يتعلمون أن يتخذوا قرارات أكثر جدية·· وإن منهم من يفعل ذلك ولا يهاب، بل إن بعضهم يلجأ إلى أخطر مما نتصور، فيقرر أن يموت (ليشعرَ) باهتمامنا به وينسى في الوقت ذاته أن الموت لن يسمح له بهذا الشعور ولا برؤيتنا ونحن نبكيه ونكرمه اعترافا له بجميل ما فعل·· لقد مات··· وهكذا كان الأمر مع الكبير ''الطاهر وطار''، وبعده المفكر العالمي ''محمد أركون''··· وبعده··· وبعده··· هيا يا جماعة نضع القبور على باقات ورودهم·· ونلقي كلمة مؤثرة ننهيها بعبارة: ''شكرا لكم على كل هذا الموت في هذا الوقت·· إنكم تضحون بأنفسكم لتعطونا فرصة للتعبير عن موهبتنا الفذة في تكريم الموتى· لكن للأسف لا أحد يعترف بتفوقنا في هذا الميدان· والمفارقة أننا قد نضطر نحن أيضا للقيام بأي حماقة نلفت بها انتباه الآخرين إلينا حتى ينصفونا ويكرمونا·· هه·· ما رأيكم لو نغمض أعيننا على كل شيء وندعي أننا موتى· دعونا نرجع بالذاكرة إلى فيفري ,2004 عندما أعلنت وزيرة الثقافة السيدة خليدة تومي، عن ميلاد مشروع ''بيت الترجمة''، بمناسبة ذكرى أربعينية الراحل ''أبو العيد دودو''· ويومها قامت الوزيرة بإبرام اتفاقية مع أسرة (الفقيد) لاستغلال كل كتب ومخطوطات الراحل أو إعادة طبعها، وبدا أن الأمور تسير على ما يرام··· في الصباح أشادت الصحف بمبادرة الوزيرة وعلق الصحفيون على مشروع ''بيت الترجمة'' واستبشروا خيرا بالأسماء التي قالت الوزيرة إنها تعوّل عليها لتفعيل نشاط الدار حتى تكبر وتصبح مجلسا للترجمة··· أسماء من الوزن لصيقة دائما بنشاطات شتى إلا فيما يخص ''بيت الترجمة'' هذا· إنني أتكلم عن: (رشيد بوجدرة، جيلالي خلاص، ميلود حكيم، عاشور فني، إنعام بيوض وسعيد بوطاجين)، الذين أسماؤهم أمامي الآن في مقال، للصحفية ''نبيلة سنجاق''، تناولت فيه هذا الموضوع وغطت جميع جوانبه بما في ذلك ''مأدبة العشاء التي تحوّلت إلى حلبة لاقتناص الملاعق والصحون''···/·· جريدة ''الجريدة'' صفحة 19 بتاريخ الأحد 29 فيفري .2004 و·· اليوم يسأل سائل: أين ''بيت الترجمة'' وأين القائمون عليه وماذا يفعلون؟ ما هي إصداراته ونشاطاته ومشاريعه في الماضي والحاضر والمستقبل؟ كم صرفت عليه من الأموال؟ و··الأكثر من كل هذا يسأل سائل آخر: كيف يقبل كاتب كبير بوزن ''رشيد بوجدرة''، الذي كنا نحلم أن يشرف الجزائر بحصوله على جائزة ''نوبل''، أن يرتبط اسمه بمشروع لا يدري عنه الأدباء الجزائريون شيئا·· فما بالك بالمواطن العادي؟ حقا·· أين هو ''رشيد بوجدرة''·· أظن أنه منهمك في العمل ببيت الترجمة·· ولا وقت لديه ليلفت انتباهنا؟