أعطت قمة باريس الضوء الأخضر للبدء في العمليات العسكرية على ليبيا تنفيذاً لقرار مجلس الأمن رقم 1973 الذي يفرض حظراً جوياً على الطيران الليبي ويمنع قوات القذافي من أي تحرك عسكري· فقد أكد بيان الخارجية الفرنسي أن حوالي 20 طائرة شاركت في عمليات داخل ليبيا ودمّرت آليات مواقع يُعتقد أنها تابعة لجيش القذافي، في غضون ذلك قامت البوارج الحربية الأمريكية بإطلاق حوالي 110 صاروخا من طراز توماهاوك في ما أصبح يُعرف بعملية ''فجر أوديسا'' المراد منها وقف التقدم العسكري لجيش القذافي باتجاه شرق البلاد في محاولة منه لقمع الثورة والمعارضة الليبية· وقد جاء هذا التدخل العسكري بعد طول تردد وانقسام لدى الدول الغربية بشأن الضربات العسكرية، حيث ظلت العديد من الدول الأوروبية تعارض التدخل العسكري، على غرار ألمانيا التي امتنعت عن التصويت، في الوقت الذي قامت فيه الدبلوماسية الفرنسية بتكثيف جهودها من أجل ضمان توحيد المواقف· وقد كان لها ذلك بفضل مساندة الجامعة العربية لفكرة حظر جوي على الطيران الليبي، بهذا الخصوص أكد الأمين العام للجامعة السيد عمرو موسى أن التدخل العسكري يهدف في المقام الأول إلى حماية المدنيين· جاء هذا التصريح عقب أولى الضربات العسكرية، حيث عاد للتأكيد على أن الجامعة وإن وافقت على القصف الجوي إلا أنها لا تقبل بأي احتلال، في إشارة إلى عدم المساس بوحدة الأراضي الليبية وسيادتها· وفي الوقت الذي تتزايد فيه سرعة وتيرة الأحداث، تستمر بعض التنديدات الدولية الرافضة للتدخل العسكري الدولي في ليبيا، ولعل أهمها تلك الانتقادات التي أدلى بها رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، الذي استغل فرصة قمة منتدى جدة الاقتصادي المنعقد أمس من أجل التذكير بموقف بلاده الرافض لما يحدث، حيث أشار إلى ضرورة ''وقف إطلاق النار على الفور في ليبياب''، على اعتبار أنه دعا إلى عودة صوت الحوار، موجها كلامه إلى العقيد معمر القذافي بقوله: ''أبلغنا السلطات الليبية بعدم توجيه السلاح نحو الشعب وتسليم البلاد إلى من يملك منصبا رسميا· غير أن الموقف الرسمي الليبي تعهد بصد التدخل العسكري بكل ما تملكه قوات القذافي، إذ أكد العقيد الليبي أن بلاده لن ترضخ للعدوان الغربي أو كما أسماه القذافي ''العدوان الصليبي''، في إشارة إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية التي صرحت على لسان وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، أن أمريكا ستستخدم ''قدراتها الفريدة'' لمساعدة حلفائها وشركائها في أوروبا من أجل فرض تطبيق قرار الأممالمتحدة بشأن ليبيا· ويبدو أن المعلومات المتوفرة من ساحة المعركة الليبية تشير إلى نجاح قوات التحالف الدولي في إضعاف قوات جيش القذافي، بالرغم من استمرار المعارك البرية من طرف قوات كتائب القذافي في محاولة لإحراز تقدم نحو شرق ليبيا، الأمر الذي خلف العديد من الضحايا· ولعل هذا ما جعل قيادة القوات الغربية تؤكد على أن القذافي لم يحترم قرارات مجلس الأمن، وبالتالي استمرار العمليات العسكرية في الأيام المقبلة·