فرنسا الساركوزية، كانت قبل أسابيع قليلة، مكتئبة مطأطئة الرأس وعاجزة عن النظر في وجوه الآخرين، بسبب حصولها على علامة صفر من (عشرة) في امتحان ثورة الصبارب التونسية، بعد أن وجدت نفسها أمام سؤال بسيط: ما الموقف الأفضل إزاء ما يحدث في تونس؟ زملاء فرنسا من الصف الغربي أجابوا عن السؤال وانصرفوا، بينما هي بقيت عاجزة عن القراءة· فما بالك بالإجابة· وظلت تتهجى الأحرف، كمن يدفع عربة في طريق وعر· تتهجى وتتهجى إلى أن وجدت ''زين العابدين بن علي'' صديقها الوفي القديم، قد لفظه التاريخ تماما، ورمى به من أعلى القمة، فلم يجد أرضا يسقط عليها· فرنسا الساركوزية، الماثلة إلى التعافي أخيرا من مرض عقدة الذنب والوساوس، بسبب ما كشفت عنه تقارير صحفية من أن الوزيرة السابقة اميشيل أليو ماريب، قد عرضت قبل ثلاثة أيام من فرار ابن عليب، تقديم مساعدة فرنسية لشرطة مكافحة الشغب لممارسة القمع على المتظاهرين· فرنسا اليوم·· وقد اندلعت الأحداث في ليبيا، وجدت الفرصة لتصحح خطأها، وتعالج أمراضها ذاتيا، وذلك بوقوفها إلى جانب (الشعب) الليبي بطائرات أرافالب وبميراجب·· لقد قدمت باريس حلولها العسكرية لقمع القذافي، انتصارا للشعب الليبي كما تراه هي بمنظارها الكاشف· كما قدمت في السابق حلولا أمنية لقمع الشعب التونسي انتصارا لبن علي· إذن فليس في جعبة فرنسا من أفكار أو اقتراحات أو وساطات تؤدي إلى حقن الدماء، بل لديها فقط ما يجعل الدماء تسيل أكثر· إنها فقط تقنعنا بأن الحرب هي الحل الأحد لحماية المدنيين في ليبيا، وتريدنا أن ننظر لهذه الحرب بعين المشجع المتحمس، كأنها مباراة كرة قدم، بين االثوارب وميليشيا القذافي· يا سيد ساركوزي· إن سكان مدينة االزنتانب ينزحون جماعيا باتجاه الكهوف الجبلية هربا من القصف·· بينما خصمك القذافي محمي في باب العزيزية، وأصدقاؤك من جماعة المعارضة في العواصمالغربية محميون في الفنادق الفخمة، وجيوشك تجرب أسلحتها بالقرب من بلدنا، فيما قناة ''الجزيرة'' سعيدة جدا برواج بضاعتها، والشيخ القرضاوي يؤدي دوره جيدا في حملة المآخاة بين الفقه وقرارات مجلس الأمن·· لكن ماذا عن أطفال ونساء ليبيا·· ماذا عن شيوخها ومرضاها وفقرائها·· ماذا عن الشعب الليبي··؟ هذا هو السؤال الذي على فرنسا الساركوزية أن تجيب عنه، ونأمل أن تحسن نقاطها لاحقا، فمن المزري حقا أن تحصل مرة أخرى على علامة صفر من (عشرة)· إن التاريخ لا يرحم·