بكل تواضع وبساطة يتحدث المخرج السينمائي الشاب سفيان بيلالي، صاحب ال 24 ربيعا، في هذا الحوار الذي خص به ''الجزائر نيوز''، عن دخوله عالم السينما من بابه الواسع دون تلقي أي تكوين·· ويكشف عن أسرار نحاجه في أول تجربة سينمائية بإنجاز فيلم خيالي ناطق بالأمازيغية بعنوان (الخطف) والذي تم اختياره للمشاركة في مهرجان ''كان'' السينمائي والممثل الوحيد لإفريقيا والوطن العربي، إلى جانب فيلم قطري، رغم الافتقار للإمكانيات المالية والمادية· بداية، هل بإمكانك أن تقدم لنا نفسك؟ إسمي سفيان بيلالي، من مواليد ,1986 أنحدر من منطقة بوغني بولاية تيزي وزو، أهتم بالموسيقى والسينما، أنجزت عدة كليبات موسيقية وفيلم بعنوان (الحي)، بعدها أنجزت فيلم (الخطف)· أهتم حاليا بالسينما الناطقة بالأمازيغية· كيف جاءتك فكرة دخول عالم السينما؟ بدأت الفن بالموسيقى والرقص، ومنذ أن كنت في ال 11 سنة كنت أكتب سيناريوهات، وبدأت أتعلم الإعلام الآلي، وبعد دخولي المتوسطة والثانوية كسبت تجربة أكبر مع أصدقائي، بعدها انتقلنا إلى استخدام آلة الكاميرا، وبفضل العمل الجماعي أصبحنا نبدع في جهاز الكمبيوتر، حتى أصبحت نظرتنا موجهة إلى ضرورة استثمار خبرتنا في مجال معين، وكان ميلنا الكبير إلى إنجاز كليبات موسيقية وغنائية، ثم تصوير بعض الروبورتاجات، وبعدها إخراج أفلام· شاركتم في الطبعة ال 11 لمهرجان الفيلم الأمازيغي، ما الهدف ما هو من هذه المشاركة؟ لدينا عدة أهداف من خلال مشاركتنا في هذا المهرجان، كالترويج لفيلمنا السينمائي من نوع ''الأكشن'' الذي يميل كثيرا إلى الطابع السينمائي الأمريكي، وكذا للتعريف بأنفسنا في أوساط الجمهور القبائلي، وكسب خبرة وتجربة في الميدان، حيث لم تكن لدينا فرصة للتكوين في هذا المجال· ونريد أيضا توجيه رسالة للمسؤولين على قطاع الثقافة قصد الالتفات إلينا كشباب سينمائيين ودعمنا ماديا ومعنويا· شاركتم في هذا المهرجان بفيلم (الخطف)، هل يمكن أن نربط هذا الإنتاج بظاهرة الاختطاف التي تستهدف منطقة القبائل؟ اختيار هذا الموضوع لم يأت عفويا، لأننا نعيش ظاهرة الاختطاف، وعليه قررنا إنجاز فيلم سينمائي من نوع ''الأكشن'' كون الظاهرة هي موضوع الساعة، فعندما نرى عدد الحالات التي سجلتها منطقة القبائل من الاختطافات نجدها جد مقلقة، ونفس الشيء تم تسجيله في العديد من ولايات الوطن، خصوصا اختطاف الأطفال، وأردنا من خلال هذا الفيلم نقل مخاطر وخلفيات هذه الظاهرة، وتقديم نصائح للمجتمع والعائلات والتلاميذ لتجنب الوقوع في شراك هذه الظاهرة· كيف جاءتكم فكرة إنجاز فليم من هذا النوع؟ الفكرة كانت جماعية، فالظاهرة تتزايد باستمرار، لا سيما في منطقتنا، ففي البداية اقترحت الفكرة على رفاقي، وناقشنا الموضوع جيدا، وخرجنا بإجماع على ضرورة إنجاز هذا الفيلم نظرا لما تحمله هذه الظاهرة من مخاطر تهدد المجتمع الجزائري عموما ومنطقة القبائل خصوصا، في البداية اتفقنا فقط على القيام بتجربة صغيرة وتصوير فليم تجريبي قصير مدته ثلاثة دقائق، وبعد التركيب والانتهاء من العمل التقني، اكتشفنا أنه بإمكاننا تحقيق حلمنا، لكن قبل أن نبدأ في إنجاز هذا الفيلم، أنجزنا فيلما بعنوان ب؟ُّىكب تناول ظاهرة المخدرات في أوساط الشباب· فيلم (الخطف) اختير للمشاركة في مهرجان كان السينمائي، وهو الفيلم الوحيد الذي يمثل إفريقيا، ما هو إحساسكم لا سيما وأن تجربتكم قصيرة جدا في هذا المجال؟ صراحة، لا يمكن أن أعبر عن إحساسنا وفرحتنا وسعادتنا بالمشاركة بفيلمنا في مهرجان كان، فهو ثاني تجربة لنا في المجال السينمائي بعد فيلم City، ونحن نعتقد أن مجرد قبوله من طرف لجنة اختيار الأفلام المشاركة في المهرجان هو أكبر نجاح لفرقتنا السينمائية الشابة· ماذا يمكن أن تضيفه هذه المشاركة لكم كمخرجين سينمائيين شباب؟ هذه المشاركة ستحمل لنا الكثير من الأشياء الإيجابية، أولا سنمثل بلدنا الجزائر في مهرجان عالمي بحجم مهرجان كان، ثانيا سيمنح لنا فرصة لاكتشاف عالم السينما عن قرب، كما سيساعدنا أيضا على كسب خبرات وتجارب أكبر مع مخرجين سينمائيين عالميين، ومن جهة أخرى باعتبارنا مخرجين سينمائيين شباب، ستشجعنا أكثر هذه المشاركة على بذل أكبر جهد ممكن في مجال السينما وإنجاز أفلام أخرى، وتمنحنا طاقة إضافية وقوة أكبر على الإبداع· قبل إنجازكم فيلم ''الخطف'' باللغة الأمازيغية الذي يتطابق كثيرا مع الأفلام البوليسية والمافيا الأمريكية، ألم تراودكم مخاوف عن فشله بالنظر لنقص تجربتكم السينمائية ونقص الإمكانيات؟ لا أخفي كليكم، فكرنا جيدا منذ البداية في هذا الموضوع، لكن توصلنا إلى نتيجتين، الأولى هي في حالة فشل فيلمنا الخيالي والبوليسي هذا سيتحول آليا إلى فيلم كوميدي هزلي، علما أن فيلمنا ناطق بالأمازيغية والجمهور غير متعود على مثل هذه الأفلام، لكن وبعدما انتهينا من التصوير والتركيب، تغيرت نظرتنا، وتوقعنا أن يحقق نجاحا، غير أننا بقينا متخوفين نوعا ما من رد فعل الجمهور، لكن خلال عرضه في الطبعة ال 11 لمهرجان الفيلم الأمازيغي بأزفون عاد إلينا الأمل، حيث أعجب الفيلم جزء كبير من الجمهور، بما فيهم كبار الشخصيات السينمائية، وهو ما شجعنا أكثر، كما لا أخفي عليكم أننا خلال عرض الفيلم كنت أنظر إلى ملامح المتفرجين، فأدركت منذ البداية أن الفيلم نال إعجابهم، وفي نهاية العرض تلقينا تهاني الحاضرين، والحمد لله حققنا على الأقل هدفنا الأول· هل بإمكاننا أن نعرف المشاكل والعراقيل التي صادفتموها خلال إنجاز هذا الفيلم؟ صراحة، واجهتنا عدة مشاكل مادية وتقنية، فالمشكل الأول تمثل في الإمكانيات المالية والمادية والوسائل والتجهيزات اللازمة، فقد أنجزنا هذا الفيلم بأموالنا الخاصة ولم تساعدنا أي جهة رسمية، لكن الحمد لله وجدنا بعض الأصدقاء والمواطنين الذي قدموا لنا يد العون على غرار المركبات، كما قدمت لنا بلدية بوغني بعض المساعدات لكن ليست مالية، كما واجهنا أيضا مشاكل في توفير تجهيزات وآلات التصوير لأننا لا نملك كاميرات محترفة، ما جعلنا نعتمد أكثر على جهاز الكمبيوتر لتغطية هذه النقائص· وفي الميدان وجدنا مشاكل في السيناريو لأننا لم نكن متكونين في المجال، حيث اقترحت على رفاقي نص سيناريو، لكن تم تطويره من طرف سالمي أرزقي، وبعدها وجدنا صعوبات في إيجاد ممثلين بإمكانهم تجسيد الأدوار بالطريقة اللازمة، لا سيما وأننا ركزنا أكثر على ملامح الوجه والبنية المورفولوجية لأننا مجبرين على الاعتماد على أشخاص يقدرون على تقمص شخصيات المافيا والشرطة لتجسيد أحداث الفيلم على طريقة ''الأكشن''· كما صادفتنا مشاكل كبيرة خلال التصوير لا سيما في المدينة، حيث الإمكانيات كانت غائبة وكذلك الأمن غير موجود· كونكم غير متعودين على تصوير أفلام ''الأكشن'' وبالنظر لخطورتها خصوصا وأن فيلم بُِّفزب صور بعض اللقطات الخطيرة بالمركبات، هل تعرضتم لمخاطر؟ بالطبع، لقد تعرضنا لبعض الحوادث التي خلفت ذعرا وقلقا شديدين في نفوسنا، على غرار حوادث المرور وتضرر المركبات بعد تكرار تصوير لقطات المطاردة والهروب بالسيارات، كما أصيب بعض الممثلين بجروح خلال التمثيل والصراعات الفردية، وهو ما حدث للممثلين قادر سالمي ونورالدين قبايلي· صورتم عدة لقطات ومشاهد في غابات بوغني وحظيرة جرجرة بالرغم من أن المنطقة يغيب فيها الأمن ومعروفة بالانتشار الكثيف للجماعات الإرهابية، ألم تكن مغامرة؟ في البداية فكرنا جيدا في هذا الموضوع لكن نظرا لمضمون الفيلم كان لزاما علينا المغامرة والتصوير في غابات بوغني نظرا لموقعها الغابي الهام، صراحة، الموضوع فيه نوع من الخطورة خصوصا وأننا استخدمنا الأسلحة البلاستيكية، وكان بإمكانها أن نتعرض للخطر، لكن الحمد لله لم نتعرض إلى أي مشاكل من هذا النوع· المشكل الذي صادفناه في حظيرة جرجرة هو عدم السماح لنا بالدخول إلى الغابات والتصوير من طرف الحراس حيث طالبونا بترخيص من الجهات المعنية· استخدمتم في فيلم (الخطف) الأبعاد الثلاثة، ألم تجدوا صعوبات في ذلك رغم تجربتكم الصغيرة في السينما؟ حقيقة، الأفلام من نوع ''الأكشن'' تتطلب استخدام الأبعاد الثلاثة، ولا أخفي عليكم أننا وجدنا عدة مشاكل تقنية في هذا المجال لأننا لا نتوفر على آلات وتجهيزات لاستخدام الأبعاد الثلاثة في الفيلم، فهذه التقنية تقوم بتغيير الصور واللقطات ويجب التحكم فيها بكل دقة، لكن استعمالنا للإعلام الآلي ساعدنا نوعا ما في استخدام هذه التقنية في فيلمنا· كمخرج سينمائي شاب نجحت في أول تجربة من نوع ''الأكشن'' بالأمازيغية، كيف ترى واقع السينما الأمازيغية؟ السينما الأمازيغية في بدايتها ولا يمكن أن ننتظر منها في الوقت الحالي نتائجها كبيرة، لكن أؤكد لكم أنها في الطريق الصحيح وأنها تشهد تطورا وتحسنا ملحوظا من سنة إلى أخرى، وهذا المهرجان في حد ذاته سيعمل على تنمية السينما الأمازيغية، حاليا عدة إنتاجات سينمائية ناطقة بالأمازيغية لا تزال تعاني نقائص كثيرة، لكن لاحظت أنه هناك نوع من التنوع في الأفلام الأمازيغية، ففي السابق انحصرت على الأفلام العاطفية والوثائقية والاجتماعية، أما حاليا هناك أفلام خيالية، لهذا نحن نطالب كل المنتجين بأن يجتهدوا أكثر وأن يعملوا قدر المستطاع لدفع عجلة تقدم السينما الأمازيغية خدمة لثقافتنا ولغتنا وتقاليدنا وهويتنا، وللسينما الجزائرية عموما· العديد من المخرجين السينمائيين يشتكون من وجود صعاب وعراقيل بالجملة في الميدان حالت دون تنمية السينما الأمازيغية، ما رأيكم؟ بصراحة، نعمل بشجاعة قوية وبتحد كبير جدا، فالمشاكل التي نصادفها في الميدان خلال إنتاجنا السينمائي كثيرة جدا ولا تعد ولا تحصى، خصوصا الغياب الكلي للإمكانيات، وانعدام الدعم المادي والمعنوي من طرف المسؤولين، فمعظم الأفلام التي ترونها الآن أنتجت بالإمكانيات الخاصة للمنتجين وبعض الممولين الخواص، ونحن نتأسف لغياب الدعم المالي والمادي· كمخرج سينمائي للأفلام الناطقة بالأمازيغية، ما هي الرسالة التي توجهها للمسؤولين والمعنيين؟ أدعو الدولة ووزارة الثقافة لتقديم كل أنواع المساعدة للمخرجين السينمائيين ومنحهم الإمكانيات المادية والمالية قصد إتاحة الفرصة لهم للاستثمار في مجال السينما، لأن القضية ثقافية وتخدم بالدرجة الأولى السينما الجزائرية، كما أدعو كذلك إلى عدم الاكتفاء بمهرجان واحد للسينما الأمازيغية، فمن الواجب أن يضاعف عدد التظاهرات على مدار السنة، ويتم الاعتماد أكثر على ورشات التكوين لفائدة المخرجين قصد تحسين وتنمية مستواهم· نختم الحوار بسؤال: من هي الشخصية السينمائية التي تأثرت بها؟ بدون أي تردد، أنا مولع بشخصية ميل غيبسون، وأتابع كل أفلامه، وأتعلم من أفلامه أشياء كثير بما في ذلك طريقة التمثيل·