عندما يطلق لقب العميد على نادي مولودية الجزائر فمعنى هذا أنه يعتبر أقدم الأندية الجزائرية على الإطلاق، وهو ما يفهم كذلك منطقيا بأنه أكثرهم إمكانات وتقاليد كروية· غير أن المتمعن في الظروف التي يعيشها العميد كل موسم سيقف مندهشا من الوضعية التي آل إليها، فعندما يجد نفسه هذا النادي في رحلة دائمة للبحث عن ملعب يمارس فيه نشاطه وتتقاذفه الأقدار من بلدية إلى أخرى، فإن ذلك يعني ببساطة أن العميد لم يعد يعتمد على ماضيه وقدمه والتراكمات الكروية التي يعرف بها وأبرزها على الإطلاق كونه النادي الجزائري الأول الذي عانق كأس إفريقيا للأندية سنة 6791, وهو كذلك النادي الذي أهدى بعض لاعبيه الكبار الألقاب والانتصارات للكرة الجزائرية، فعندما يتحدث اليوم الكبار إلى الصغار ويسردون عليهم حكايا وانتصارات ومهارات لاعبي العميد سيتذكرون دائما انجازات عمار بتروني، بن شيخ، بوسري، أيت موهوب، كاوة وآخرين، وعندما يرون هؤلاء الصغار الذين يناصرون اليوم نادي المولودية يطرحون بدون شك أسئلة بريئة كقولهم مثلا لماذا لا يتوفر عميد الأندية الجزائرية على فضاء يمارس فيه نشاطه العادي، ولماذا بقيم هذا النادي قرابة القرن رهين مسؤولي الملاعب الأخرى الذين يسمحون له تارة باللعب في ملاعبها وتارة أخرى يديرون ظهره إليه· فلا نضيف شيئا إن قلنا أن العميد اليوم يمثل حقيقة بؤس الكرة الجزائرية، وهو على هذا المنوال يختزل الحديث عن الوضع الكروي المزري عندنا في كلمة واحدة هي الضياع، وأن أكثر المتفائلين بمستقبله لا يتكهنون ببلوغه مرحلة الإحتراف التي يتغنى بها مسؤولو كرتنا، لا لشيء سوى لأن ما يعيشه العميد قد يكون أكثر بؤسا مما تعانيه أندية أخرى تملك هي الأخرى تاريخا كبيراوساهمت في نجاحات كرتنا منذ الاستقلال، لأنها هي الأخرى تعيش أوضاعا كارثية حتى وإن كان معظمها يملك الملاعب التي يلهث وراءها العميد لأن الأوضاع الخطيرة التي تمر بها كرتنا منذ عشريات من الزمان لا يمكن حشرها فقط في جانب الملاعب، بل أن المرض الذي ينخر جسدها نجده كذلك في طرق التسيير والتلاعب بالأموال والرشوة والمحسوبية والكذب والنفاق والمصالح الشخصية، وهي أمراض مزمنة كانت لها اليد الطولى في تقهقر المستوى العام، وسط سكوت رهيب وتآمر واضح وانتهازية حقيرة· عندما نتأمل اليوم في أوضاع العميد ومعاناته مع الملاعب، لا يسعنا إلا أن ندعو له بالفرج القريب حتى وإن كنا نراه بعيدا·