سألني أحد المولعين بلعبة كرة القدم عن سرّ تأخرنا كرويا مقارنة ببعض الأمم التي وصلت إلى مرحلة متقدمة في التعاطي مع اللعبة، وباتت محل إعجاب الجماهير في كل أصقاع العالم· ولم تكن الإجابة على هذا السؤال بالصعبة طالما وأن المعطيات التي تتوفر عليها لعبة الكرة في بلد لا نعثر عليها في بلد آخر، وفق الأهمية التي يعطيها المسؤولون لتطويرها وجعلها تساير المنحى التصاعدي الذي بلغته، فكم من بلد تمكن من توفير أسباب نجاح اللعبة وأفلح في تحقيق خطوات هامة، بل وأصبح في مصاف البلدان المتطورة كرويا· وإذا كانت أدوات التطور تتطلب قدرا كبيرا من تسخير الأموال والخبرات وتصحيح الأخطاء، فإن أول محطة يمكن الوقوف عندها تكمن أساسا في تغيير الذهنيات البالية التي كانت سببا في بقاء كرتنا خلف القافلة، ولم تقدر على تحقيق الوثبات المنشودة· وفي هذا المجال، لا نضيف شيئا إن قلنا إن الوجوه التي تولت تسيير مختلف هيئات كرتنا بما في ذلك مسؤولي أنديتنا منذ عشرات السنين ما تزال موجودة بأفكارها وبرامجها وأهدافها التي تقترحها كل موسم وتجهد نفسها لتطبيقها، وتجسيدها على أرض الواقع، لكن دون جدوى، لأنها ببساطة تفتقر إلى الواقعية في معالجة مشاكل موضوعية وحقيقية، وهذه الكفاءات التي نصبت نفسها مسؤولة عن إصلاح الإعوجاج كانت وما تزال رهينة أساليب تحكمها المصالح الشخصية، وهي ما تزال تطمح إلى البقاء لسنوات أخرى، وترى نفسها مؤهلة، دائما لقيادة سفينة كرة غرقت منذ سنوات· ويكفي في هذا المجال إعادة شريط المهازل التي تسبب فيها هؤلاء المسؤولون على جميع المستويات لنقف على حجم ''الدمار'' الذي لحق بكرتنا، جراء نزوات البعض وانعدام حياء البعض الآخر، أمام مرأى الجميع· وكل هذه الإخفاقات التي سجلت كان ثمنها باهظا، لأن الأموال التي سخرت للأندية والهيئات الكروية، كانت كبيرة والأجيال التي ذهبت ضحية سوء التسيير والتأطير والتكوين كانت هي كذلك باهظة الثمن· ولا نحتاج إلى عناء تفكير أو مجهود للقول إن مظاهر العجز الذي تعانيه كرتنا في اللحاق بالركب قد تمثلت أساسا في عجز أنديتنا ومسؤوليها على الرفع من مستوى المنافسة، ناهيك عن الفشل الضريع الذي سجلته أنديتنا في مختلف المنافسات القارية والإقليمية التي شاركت فيها ليختتمها منتخبنا الأولمبي الذي كرّس مرة أخرى محدودية عطاء كرة ما تزال بعيدة عن الركب العالمي·