إذا انطلقنا من مقولة أن لعبة كرة القدم لغة عالمية يفهمها الجميع فإن النجاح فيها يتوقف فقط على العطاء الميداني وهي تبتسم لمن يحسن مداعبتها وتدير ظهرها لمن يفشل في التعامل مع منطقها· ويمكن القول أن ما حدث لمنتخبنا الوطني الأولمبي في سفريته إلى المغرب للتنافس على ورقة التأهل إلى أولمبياد لندن لا يمكن تفسيره بضربة حظ أو تحيز تحكيمي أو أرضية ملعب غير صالحة بقدر ما كان نتاج مردود هزيل قدمه أشبالنا أمام خصوم لعبوا بعزيمة أكثر منا وقدموا مجهودات تفوق تلك التي قدمناها، وعرفوا كيف يخطفوا منا تأشيرة مستحقة للحضور إلى العرس الأولمبي· عندما نعيد شريط المقابلات الثلاث التي أجراها منتخبنا نكتشف عدة حقائق ومعطيات ساهمت بقسط كبير في النتيجة النهائية التي آلت إليها المنافسة، وأبرزها خروج منتخبنا من السباق نحو لندن· ولنبدأ باللقاء الأول ضد المنتخب السينغالي الذي كسبناه بهدف يتيم، فتح لنا الشهية رغم الثغرات والنقائص التي ظهرت يومها وأبرزها ضياع العديد من فرص التهديف أمام منافس لم يرق مستواه إلى درجة الجيد· أما اللقاء الثاني أمام المغرب فقد جرى في ظروف ربما استثنائية منها أن الخضر كانوا مطالبين أولا بتأكيد نتيجة لقاء السنيغال ثم محاولة محو هزيمة العار (4 - 0) التي تلقاها منتخبنا الأول ذات يوم من شهر جوان الماضي، لكن الأمور سارت في الاتجاه المعاكس بعد أن تلقوا هزيمة عقدت مهمتهم في بلوغ هدف التأهل· ومع انطلاق المقابلة الثالثة ضد أضعف فريق في الدورة ونعني به نيجيريا كانت الأماني كبيرة في كسب الرهان وإحياء الآمال لكن ذلك لم يحدث مع الأسف الشديد، بل لنقل أن مجريات اللقاء وما عرفته حيثياته أفضت إلى حقيقة وهي أننا لا نستحق هذا التأهل الذي استعد له الخضر بقيادة مدربهم آيت جودي منذ عدة شهور وسخرت له الهيئة الكروية كل الإمكانات بشهادة الجميع، لتأتي النتيجة النهائية مخيبة للآمال ولتذهب الأموال التي صرفت في التربصات التي استفاد منها الأولمبيون أدراج الرياح، ليستفيق الكل على حقيقة مرة وهي أننا مازلنا بعيدين تماما عن المستوى الذي تتطلبه اللعبة حتى تبتسم لنا، لقد بدا مردودنا ضد نيجيريا متواضعا جدا ولم نستطع حتى حفظ ماء الوجه ولم يكن هدف السبق الذي سجلناه سوى سحابة عابرة ميزت الأجواء التي جرت فيها المقابلة بدليل أن صيرورة اللقاء كشفت لنا عن عيوب كثيرة على مستوى كل الخطوط خاصة الدفاع الذي عجز عن القيام بمهمته وارتكب عدة أخطاء كلفتنا غاليا· ويبقى تصريح المدرب عز الدين آيت جودي الأكثر جدلا عندما حاول تبرير انهيار فريقه الذي كان متفوقا حيث صرح قائلا: ''عندما علمنا بتفوق المنتخب السينغالي أمام نظيره المغربي في اللقاء الثاني، حاولنا إضافة هدف ثان لضمان التأهل، لكننا عجزنا عن بلوغ ذلك وتلقينا أهداف أقصتنا من السباق''· ولسنا ندري ماهي التغييرات أو التوجيهات التي أعطاها المدرب آيت جودي للاعبين عندما كانت النتيجة في صالحهم وبما طالبهم بفعله لتحقيق الهدف الثاني؟! بصراحة رغم أننا غير مؤهلين تقنيا وفنيا لتقمص شخصية مهنة مدرب إلا أن ما نملكه من معطيات ومعلومات حول اللعبة تجعلنا عاجزين عن تفسير الإفلاس الشامل الذي أظهره منتخبنا في الشوط الثاني إذ لا يعقل أن نقنع أنفسنا بأن الخصم كان قويا وهو الذي فقد كل أوراقه في التأهل إلى الأولمبياد بعد الهزيمتين اللتين تلقاهما أمام المغرب والسنيغال، فالذي حدث هو أن منتخبنا الذي بدأ مفككا في كامل خطوطه لم يستطع أن يقدم كرة راقية حيث كثرت أخطاؤه التقنية وغاب تمركز اللاعبين فوق الميدان خاصة على مستوى خط الدفاع وبدت اللياقة البدنية التي أنهى بها منتخبنا اللقاء في أضعف مراحلها ولا نضيف شيئا إن سلمنا بالقول أن المنتخب النيجيري لم يكن يملك الإمكانات التي تسمح له بتسجيل أربعة أهداف كاملة لو لم يجد سهولة كبيرة في اجتياز خطي الوسط والدفاع أمام مرأى لاعبينا· ما خرجنا به عند نهاية المقابلة هو أن ما سمعناه من تصريحات عن استعدادات منتخبنا لهذه الدورة المؤهلة إلى الأولمبياد وحظوظه الكبيرة في بلوغ الهدف لم يتعد كونه كلام للاستهلاك ليس إلا، وأن الواقع أثبت لنا العكس وبإشارات قوية تجسدت من خلال الصفعة القوية والمدوية التي تلقاها منتخبنا وهو يلعب آخر فرصة له لاستعادة آمالة في اللعب على ورقة التأهل ولا عجب إن اعترفنا اليوم ومعنا المدرب واللاعبون بأن الهزيمة كانت مذلة والإقصاء منطقيا والرهان خسرناه وخروجنا يعيد سمفونية الحديث عن أزمة كرتنا وإخفاقاتها المتكررة رغم التصريحات الرنانة التي تحاول إثبات العكس· حسن·ب ------------------------------------------------------------------------------------------- الأولمبيون آخر الضحايا بعد ''الخضر'' ومولودية الجزائر :مراكش·· شبح الكرة الجزائرية يعيد السيناريو نفسه وتسقط الجزائر مجددا في فخ شبحها الأسود وكأن القدر كتب علينا الشقاء عندما تلعب مباراة ما على ملعب مراكش الجديد بالمغرب· ومثلما يقول المثل الشعبي ''لا ثانية دون ثالثة''، فقد كان محتوما على المنتخب الوطني الأولمبي أن يحذو حذو المنتخب الوطني الأول ومولودية الجزائر في تكبد هزيمة على ملعب مراكش وبرباعية، حيث يرتبط هذا الرقم في الهزائم الثلاث المتتالية لممثلي الجزائر خلال العام الجاري· وفي ظل تقاسم الثلاثي المذكور آنفا الهزيمة على ملعب واحد، وهو مراكش، إلى جانب الرقم أربعة الذي يمثل حصيلة الأهداف المسجلة في مرمانا، فإن الفارق الوحيد يتمثل في المنافس، كون المنتخب الأول تحت قيادة الناخب الوطني السابق عبد الحق بن شيخة آنذاك، مني بخسارة قاسية أمام مستضيفه المنتخب المغربي في الخامس جوان الفارط لحساب الجولة الرابعة من تأهيليات كأس إفريقيا 2012 التي أقصي منها ''الخضر''، قبل أن يتكرر السيناريو نفسه مع فريق مولودية الجزائر أمام نادي الوداد البيضاوي المغربي لحساب الجولة الثانية من دوري مجموعات كأس رابطة أبطال إفريقيا، حيث مُني رفقاء بابوش برباعية نظيفة في تاريخ 30 جويلية المنصرم على ملعب محمد الخامس مدينة الدارالبيضاء، ليتكرر السيناريو ذاته مع أشبال المدرب عز الدين آيت جودي بنفس النتيجة، لكن أمام منافس مغاير، ويتعلق الأمر بمنتخب نيجيريا· وإلى إشعار آخر، يواصل ممثلو الجزائر سقطاتهم على ملعب مراكش الجديد الذي تم افتتاحه في شهر جانفي من السنة الجارية، في انتظار إبطال مفعول الشبح الأسود لممثلي الكرة المستديرة الجزائرية في أقرب وقت ممكن· عيشة· ق ------------------------------------------------------------------------------------------- مصطفى كويسي: لا أعذار أمام الأولمبيين تفاجأ اللاعب الدولي السابق، مصطفى كويسي، من الأداء الذي قدمه المنتخب الوطني الأولمبي أمام نظيره النيجيري الذي وصفه بالكارثي، حيث أكد في حوار ل ''الجزائر نيوز'' أن المسؤولية يتقاسمها المدرب الذي تسرّع في التغييرات واللاعبين الذين فقدوا السيطرة على الكرة بمجرد تعديل المنافس للنتيجة· وأشار لاعب شباب بلوزداد السابق إلى أن التشكيلة الوطنية لا تملك أعذارا في ظل الإمكانيات الكافية التي كانت موفرة لها لبلوغ هدف التأهل إلى الألعاب الأولمبية· المنتخب الأولمبي إنهزم برباعية أمام نظيره النيجيري، هل كنت تتوقع هذه النتيجة؟ أكذب عليك إن أجبتك بنعم، لم أكن أتوقع بتاتا أن نخسر المباراة، فما بالك هزيمة بأربعة أهداف كاملة، مستحيل أن يتوقع أي شخص هذه النتيجة نظرا للأداء الذي كان في مرحلته الأولى مقبولا، حيث تمكن المنتخب الوطني من مسايرة إيقاع المباراة، وكان قادرا على حسم المواجهة لصالحه بالنظر للفرص السانحة للتسجيل التي خلقها المهاجمون، لكنه -للأسف- عاد إلى الوراء في الشوط الثاني، وشاهدنا مستوى هزيلا· كيف تفسّر إقصاء الجزائر من التأهل إلى الأولمبياد من الدور الأول رغم الإمكانيات الموفرة للتشكيلة الوطنية، وذلك بشهادة المدرب آيت جودي وتصريحات رئيس ''الفاف''؟ يمكن القول، إنها خيبة أمل من طرف التشكيلة الوطنية والطاقم الفني الوطني، لأن الحقيقة يجب أن تقال، ''الفاف'' وفرت جميع الإمكانيات المالية والمادية للفريق الأولمبي من أجل بلوغ الهدف المسطر والتأهل إلى الأولمبياد، الوقت كان كافيا أمام المدرب الوطني حيث أجرى اللاعبون تربصات دورية بفترة كافية من أجل خلق الانسجام وشاركوا في عدة دورات وواجهوا منتخبات إفريقية، وبالتالي لا أعذار أمامهم من هذا الجانب، لأن الفشل كان فنيا وعلى الميدان لا غير، باعتبار أن الأمور الاستراتيجية كانت مضبوطة· والآن، كيف تفسر الإقصاء المبكر للعناصر الوطنية من سباق التأهل إلى الألعاب الأولمبية؟ صحيح، آيت جودي مدرب يملك اسما معروفا، لكنه يتحمّل جزءا من المسؤولية إلى جانب اللاعبين· وحسب رأيي الخاص، فقد قام بأخطاء في الشوط الثاني ساهمت في الهزيمة الثقيلة التي تعرضنا لها أمام منتخب انهزم في لقاءيه السابقين، لأن علامة الاستفهام التي تطرح نفسها بقوة لماذا أخرج سعيود الذي كان يمنح الكرات لزملائه ويشغل منصب صانع الألعاب، وأعتبره أحد أفضل اللاعبين فوق الميدان، كما أخطأ عندما لم يقم بإخراج اللاعب عبيد الذي نال إنذارا مبكرا، وكان يلعب بخشونة ونرفزة، حيث كان من الأفضل إخراجه قبل تعرّضه للطرد، المدرب تسرّع في خياراته التكتيكية· أعتقد أن المباراة خرجت من أيدي المنتخب بعد الهدف المبكر، وهنا يتحمل اللاعبون، بدورهم، المسؤولية، حيث لم يعرفوا كيف يحافظون على توازنهم، لأن الوقت كان كافيا أمامهم من أجل إضافة الأهداف، لكن العكس هو الذي حدث وفقدوا سيطرتهم تماما على أجواء المباراة، اللاعبون شبان وكانت الدورة فرصة لهم من أجل التعلم· ما رأيك في أداء المنتخب بصفة عامة؟ الأداء أمام نيجيريا كان مغايرا لمباراتي المغرب والسينغال التي وقفنا خلالها على مردود مقبول، لكن الملاحظة التي وقفت عليها أن مشكلة المنتخب كانت في الشوط الثاني، حيث تراجع مردوده بشكل رهيب، وهو العامل الذي قد يرجع إلى نقص التحضير النفسي للاعب سواء على مستوى المنتخب أو الأندية· الشوط الثاني الذي قدمه اللاعبون أمام نيجيريا كان الأسوأ لهم على الإطلاق خلال الدورة· كنت أتمنى تأهل المنتخب إلى الأولمبياد، لأن ذلك كان سيعطي مصداقية للاعب المحلي الذي يشكل أغلب عناصر التشكيلة الوطنية، وكان ضحية الضغط الرهيب المفروض عليه سواء من الجمهور أو حضور المدرب الوطني حليلوزيتش للمعاينة، لكن -للأسف- الأمر لم يحدث والآن اللاعب المحلي أمامه عمل كبير لتحسين إمكانياته مستقبلا والظهور بوجه أفضل· من وجهة رأيك، كيف ترى مستقبل آيت جودي على رأس العارضة الفنية الوطنية؟ المعروف أن المدرب عندما يوقع عقدا يكون مرتبطا بهدف معين لتحقيقه، وفي حال الفشل في بلوغه فمن الطبيعي أن يغادر العارضة الفنية· وحسب معرفتي بآيت جودي، فإنه لن يبقى وسيقدم استقالته رغم أنه مدرب مشهود له بالكفاءة، لكن -للأسف- هذه هي حياة المدرب· حاورته: عيشة· ق ------------------------------------------------------------------------------------------- لخضر بلومي :الهزيمة يتحمّلها اللاعبون وليس آيت جودي حمّل الدولي الجزائري السابق ومدرب المنتخب الوطني للمحليين، لخضر بلومي، لاعبي المنتخب الوطني الأولمبي مسؤولية الهزيمة أمام نيجيريا وإقصائهم من التصفيات المؤهلة لأولمبياد لندن ,2012 كما دافع بلومي عن آيت جودي وعن خياراته التكتيكية بإخراجه لسعيود، الذي كان -حسبه- خارج الإطار تماما، وأضاف إنه لا يمكن حصر الهزيمة في طرد عبيد فقط، بل للمردود الضعيف للاعبين· ما تعليقكم عن هزيمة الجزائر أمام نيجيريا وإقصائها من التصفيات المؤهلة لأولمبياد؟ أتأسف كثيرا لهزيمة المنتخب الوطني الأولمبي أمام نظيره النيجيري بنتيجة ثقيلة (1 · 4)، وإقصائه من التصفيات النهائية المؤهلة للألعاب الأولمبية بلندن في الدور الأول· صراحة، لم أكن أتوقع هذه النتيجة والهزيمة أمام منتخب كان أضعف فريق في المجموعة· وحسب ظني، فإن المسؤول الأول على هذه الهزيمة هم اللاعبون· هل بإمكانكم تفسير ذلك؟ أعتقد أن الهزيمة أمام نيجيريا يتحمّل مسؤوليتها في المقام الأول اللاعبون، وليس المدرب عز الدين آيت جودي، وهذا بالنظر إلى مردود اللاعبين، فهم لم يقدموا أي شيء فوق الميدان من أجل الفوز، وضيعوا على الأقل 3 فرص سانحة للتهديف، وكان بإمكان اللاعبين إنهاء اللقاء فائزين بنتيجة أربعة أهداف دون رد، كما تلقى الفريق الأولمبي أهداف ساذجة جاءت عن طريق التسديد من بعيد، لهذا أقول إن آيت جودي ليس لديه ما يقوم به في مثل هذه الظروف، وليس بإمكانه الدخول للتسجيل مكان المهاجمين الذين قدموا أداء شاحبا للغاية· وإلى جانب ذلك، كان أغلبية اللاعبين غير مركزين على المباراة ورؤوسهم منشغلة بأمور أخرى مثل المنح والمستحقات· البعض انتقد خيارات آيت جودي لما أخرج سعيود، ما تعليقكم على ذلك؟ شخصيا، أوافق آيت جودي في خياراته التكتيكية، وإخراجه للاعب سعيود كان قرارا صائبا، كون اللاعب لم يقدم أي شيء خلال اللقاء، وأنه لا يستحق أن يكون إطلاقا ضمن التشكيلة الأساسية، سعيود كان غائبا تماما في المواجهة رغم الكلام الكثير الذي قيل عنه، وأن الكل كان يعوّل عليه في هذه الدورة، لكن اللاعب خيب ظن الجميع، ما جعل آيت جودي يخرجه ويستبدله في الشوط الثاني، أعتقد أن قراره كان في المحل· هل ترى أن طرد عبيد خلط حسابات آيت جودي؟ نعم، طرد اللاعب عبيد في بداية الشوط الثاني أثر بشكل واضح على مردود المنتخب الوطني الأولمبي وخلط الحسابات التكتيكية لآيت جودي، وذلك بالنظر إلى وزن عبيد في التشكيلة والأداء الجيد الذي قدمه، لكن رغم ذلك لا يمكن حصر الهزيمة فقط في طرد عبيد، بل لأمور كثيرة سبق وأن تطرقت إليها· وعلى العموم، أود أن أقول إن اللاعب الجزائري المحلي لم يتطور بعد، والمستوى الضعيف للفريق في الدور الأول من هذه التصفيات، ما هو إلا صورة واضحة للاعب المحلي الذي يبقى بعيدا كل البعد عن المستوى العالي· ع· معمرت ------------------------------------------------------------------------------------------- الاستقالة·· العار والرباعية المكررة الآن وقد تبخرت الآمال واتضح الخيط الأسود من الأبيض، ووقف كل من تابع لقاءات منتخبنا الوطني ضد السينغال، المغرب، ونيجيريا، ستأتي لا محالة مرحلة أخرى سيختزلها الكثير في ضرورة رحيل الطاقم الفني الذي قاد منتخبنا في مغامرته الأولمبية التي انتهت بفشل ذريع· وبالطبع نعني هنا بالدرجة الأولى المدرب آيت جودي الذي لمح في تصريحاته بأنه سيقدم استقالته وهي أحسن وأقصر طريق يلجأ إليه أي مدرب إذا عجز في مهمته· ولئن كانت ظاهرة رمي المنشفة لا تقتصر فقط على الطواقم الفنية الجزائرية، كونها تعتبر مآل كل من يخفق في الوصول إلى الهدف أو يجد نفسه محرجا إزاء مسؤوليه وجماهيره، فإن ما يميز الاستقالة وأحيانا الإقالات التي تطال المدربين عندنا هو سرعتها وبساطتها، حيث لا تكلف صاحبها سوى إعلانها في وسائل الإعلام أو القيام بإشعار رئيس الفاف بها· ويبدو أن سلوك الاستقالة والإقالة التي بات الشعار الذي يرفعه كل مدرب ومسؤول كروي عندنا قد وجدت صدى كبيرا في الأوساط الكروية وحتى القائمين على رياضتنا وكرتنا على أعلى مستوى، فلم نحضر يوما إلى عملية محاصرة واستجواب كل من أخفق في تحقيق الأهداف، بل وساهم في الكوارث التي حلت بكرتنا على مدار عشريات من الزمن، فالكل يقبل بالمهمة التي يكلف بها، والكل يعترف بالإمكانيات والظروف الجيدة التي وفرت للمدرب للذهاب بعيدا والوصول إلى المبتغى، لكن في آخر المطاف يخفق في المهمة، ويكتفي وهو يغادر منصبه بالاعتذار وتبيان المبررات التي حالت في رأيه دون النجاح· ولعل ما يدعو حقا إلى الدهشة أحيانا والغرابة أحيانا أخرى هو أن كل شيء ينتهي بمجرد أن يضع المدرب الفاشل استقالته على مكتب رئيس الفاف أو يقوم هذا الأخير بإشعار المعني بأنه مقال من منصبه، حيث تهدأ العاصفة، ويتحول الغضب والخيبة التي تنتاب الجماهير كما المسؤولين، إلى مجرد حلقة من حلقات مسلسل الإخفاق الذي اعتدنا عليه كثيرا، كما أن السيناريوهات التي تقترح لتجاوز الأزمة والكارثة معروفة كذلك حيث يتم اللجوء في غالب الأحيان إلى تعيين خليفة للمدرب المقال أو المستقيل بسرعة فائقة، ومعه تبدأ رحلة جديدة بأفكار وتطورات وأهداف وبرامج جديدة، قد تختلف مع سابقاتها من حيث الشكل والأولويات والأساليب لكنها تلتقي في الأخير عند محطة واحدة وهي الإخفاق مع سبق الإصرار والترصد· وغالبا ما تلجأ الطواقم الفنية التي تنصب على أنقاض تلك التي أهينت وأقيلت أو تلك التي دفعتها نتائجها السلبية للاستقالة، إلى توجيه وابل من الانتقادات بدءا بالوضعية الكارثية التي وجدت فيها الفريق ومرورا بصعوبة المهمة التي تنتظرها لرفع التحدي وإعادة الأمور إلى نصابها وانتهاء بالآمال التي تعلقها وتعد بها الجماهير مستقبلا، لكنها سرعان ما تصطدم بالواقع المر عندما تواجه الحقائق الميدانية، وتقف على محدودية عطاء اللاعبين، التي تمتزج مع عجزها عن إيجاد البدائل، طالما أن فاقد الشيء لا يعطيه· وفي خضم كل هذه التموجات التي تنفرد بها لعبة القط والفأر بين المسؤولين والمدربين تبقى الإجابة مؤجلة على السؤال البسيط: أين المحاسبة؟ ومن يتحمل مسؤولية الإخفاق المتكرر والمفضوح والمخزي على منوال رباعية مراكش التي تكررت مرتين· حسن·ب ------------------------------------------------------------------------------------------- محدودية اللاعب المحلي بعيدا عن الدروس التقنية والتكتيكية والبدنية التي استخلصت من الهزيمة المهينة التي تلقاها المنتخب الأولمبي أمام نظيره النيجيري، التي أبعدته عن السباق إلى أولمبياد لندن، فإن ما يستوقف كل متتبع لمشوار أشبال المدرب آيت جودي هو مكانة اللاعب المحلي في الخارطة الكروية، والخدمات التي بمقدوره تقديمها لكرة أصبحت تعيش على ما تقدمه ثلة من اللاعبين المحترفين الذين ساهموا بقسط كبير في بعض النتائج المقبولة إلى حد ما التي سجلتها كرتنا في السنوات القليلة الماضية· لقد أثبت الانهيار الكلي الذي تعرّض له منتخبنا الأولمبي المكون أساسا من المنتوج المحلي، أن الهراء الإعلامي والتقني الذي أثير حول اللاعب المحلي لم يكن سواء جدلا عقيما سرعان ما أبان عن عدم جدية طرحه أو الدفاع عليه أو محاولة إقناع الشارع الكروي عندنا بمستواه وإمكانية حلوله محل القدرات التي يمتلكها اللاعب المحترف بكل ما تحمله الكلمة من معنى· لقد سقط القناع وأثبت اللاعب المحلي مرة أخرى بأنه لا يستطيع بأي حال من الأحوال أن يرفع التحدي ويثبت جدارته في المنافسات الإقليمية والقارية والعالمية التي تتطلب قدرا معينا من القدرة على مجاراة مستوياتها، واللحاق بركبها أو حتى حفظ ماء الوجه على منوال ما تلجأ إليه بعض الدول التي تكتفي بتبيان ما تحوز عليه من إمكانات بغض النظر عن النتائج التي تحققها· ونحن نحضر إلى مهزلة أخرى تسجلها كرتنا في المغرب بالذات، تستحضر ذاكرتنا تلك الحملة المسعورة التي وجهت للمدرب الوطني الأسبق، رابح سعدان، عندما أغلق الباب في وجه اللاعب المحلي، حيث عبّر يومها العديد من التقنيين عن تذمرهم من السياسة التي انتهجها الناخب سعدان، ليستفيق الكل اليوم على الحقيقة المرة التي ظهرت جليا وأكدتها محدودية عطاء نخبتنا الأولمبية التي ستكتفي بمتابعة أولمبياد لندن وتأجيل أمانيها إلى موعد آخر غير معلوم!