عاشت قاعة المحاضرات بقصر الثقافة الإمامة بتلمسان، مساء الإثنين الماضي، جدلا تاريخيا بخصوص مداخلة الفرنسي كلود ألزيو حول علاقة الأمير عبد القادر بسكرتريه ليون روش، حيث رفض محمد بوطالب وعدد من المشاركين فكرة الصداقة بين الرجلين. الحادثة أظهرت إصرار المنظمين على تغييب النقاش بعد كل تدخل. قال كلود ألزيو في مداخلته بعنوان: ''الأمير عبد القادر وليون روش: صداقة غير قابلة للانكسار''، إن القائدين كانا قربين من بعضهما البعض، وأنهما عاشا معا سنتين كاملتين، عرف كل واحد الآخر بشكل دقيق للغاية: ''كانا عمرهما 27 عاما عندما إلتقيا، عاشا معا تحت خيمة واحدة، تقاسما المأكل والمشرب، والجولات الميدانية، والرحلات أيضا يوضح ألزيو، الذي قدم نبذة عن كتاب أصدره بدار نشره بغرونوبل، وهو عبارة عن مجموعة رسائل كتبها الأمير إلى روش على مدار ثلاث سنوات متتالية، كالتي بعثت في 20 مارس .1830 وأكد ألزيو أن من بين كل الكتب التي نشرت على الأمير، لا يوجد كتابا قريب من حقيقة عبد القادر ككتاب ليون روش بعنوان ''32 سنة عبر الإسلام (1832 - 1864)'': ''حتى ما كتبه تشرشل عن الأمير لا يرقى إلى المعلومات الواردة عن طريق روش''، على حد تعبير الناشر الفرنسي. تحدث المشارك أيضا عن المترجم والمساعد والمستشار، ولم يصف أبدا طيلة مداخلته بالمتلون أو المتغير أو الخائن أو المرتد عن الإسلام، ولا حتى بالجاسوس كما تورده بعض المصادر التاريخية، بل أبرز ملامح الرجل العاشق للفتاة خديجة ابنة أحد أعيان الجزائر، وكيف اتبع خطاها متعلم اللغة العربية حتى يحسن مراسلتها، بل أن إعلانه اعتناق الإسلام كان لغرض التقرب من عائلتها، التي رفضت رفضا قاطعا ارتباطهما. وأقر الناشر أن: ''شهادات روش مهمة للغاية، يجب معرفتها، خاصة للتقرب من الملامح الحقيقية لشخصية ابن محي الدين، فهي تكشف مراكز القوة والضعف أيضا بل تصف بدقة الخلاف العميق بين الأمير وبعض الزوايا خاصة منها الزاوية التيجانية التي سريعا ما قضى عليها الأمير'' . ومن بين الأوصاف التي ذكرها روش عن الأمير: عيناه زرقاوان، بشرته البيضاء، يدان رقيقتان، لحيته السوداء، حاجبان دقيقان، أظافر وردية مقلمة بعناية، لباسه الراقي (قميص قطني)، كما وصف روش الأمير في صلواته. لم يكن ألزيو يتوقع أن ينهض محمد بوطالب الجالس في مقدمة الصفوف، يطلب صمته وسكوته: ''لا أريد أن تتمم مداخلتك، كثيرة هي المغالطات التي تقولها هنا، روش لم يكن سوى خائن ومنافق.. اصمت اصمت.. أخرج من القاعة''، ما أثار حفيظة بقية الحضور الذين طالبوا بفتح النقاش، إلا أن رئيسة الجلسة لم تصغ للطلب، لأن منظمي الملتقى لم يبرمجوا منذ انطلاقه في 25 فيفري الجاري، نقاشا بعد المداخلات الكثيرة والمتراكمة. زعيم خنشلاوي، رئيس اللجنة العلمية، أكد ل ''الجزائر نيوز''، أنه من الجائز أن لا يفتح النقاش في مثل هذه اللقاءات الكبرى، قائلا: ''ثمة ملتقيات تتجاوز 300 متدخل تناقش ما يرد على المنصة الرسمية، إلا أن القصد من ملتقانا هو فتح نوافذ لمواضيع قد تكون محل مواعيد لاحقة''، وعليه فضّل خنشلاوي أن يأخذ الخلاف بين بوطالب وألزيو من باب الاختلاف في الرؤى، ودعوة لتحليل العلاقة من وجهات نظر متعددة.