بينما العالم في حالة ذهول من المجازر التي وقعت، وتقع، بحق السوريين على يد نظام بشار الأسد، كانت الصواريخ ''التنك'' تنطلق من غزة على إسرائيل.. والإسرائيليون، بالطبع، قاموا برد عنيف، وفجأة قيل إن المصريين توسطوا فهدأت الأمور، وأعلنت حماس أنها معنية بتلك التهدئة! لكن لماذا حدث ما حدث؟ ولماذا قبلت الوساطة المصرية أصلا؟ أتحدى أن يخرج لنا أحد من حماس أو غيرها في غزة بإجابة مقنعة عن: لماذا من الأصل تم إطلاق الصواريخ ''التنكية''؟ ولمصلحة من تُزهق أرواح الفلسطينيين بهذا الشكل المزري؟ فموازين القوة غير متكافئة بين حماس، أو الجهاد، وبين إسرائيل، والعرب كلهم مشغولون في محاولة حماية الدم السوري من طاغية دمشق، هذا عدا عن أن جُل الدول العربية مشغولة بنفسها اليوم، والعالم مشغول كذلك بوقف المجازر التي تقع بحق السوريين! أمر محير، ولافت للنظر، والمحير هو حجم استرخاص الدم الفلسطيني، واللافت أنه من الواضح اليوم أن الإنقسام الحاصل داخل حماس بات يكبر، فيبدو أن من سعى لتقسيم الفلسطينيين يوم انقلبت حماس على السلطة يسعى اليوم لكي تنقلب حماس على نفسها أيضا، وينقلب عليها حلفاؤها التابعون أساسا لإيران، وإلا فكيف يمكن أن نفهم دعم إسماعيل هنية المعلَن للثورة السورية، ثم نرى حماس تُقحم غزة في معركة غير متكافئة، ولا مستحقة، مع إسرائيل الآن؟ فما الذي تحقق من إطلاق تلك الصواريخ؟ وما الذي تحقق أصلا بعد الوساطة المصرية؟ فالواضح أن عمليات إطلاق الصواريخ من غزة على إسرائيل كانت تهدف لخدمة إيران والأسد. لكن، أوَلم يسأل كل من حماس والجهاد وغيرهما، في غزة، أنفسهم سؤالا بسيطا جدا وهو: لماذا لم يهب حزب الله للدفاع عن بشار الأسد، بينما يتم فعل ذلك من غزة؟ لماذا لم يضحِّ حزب الله بمقاتل واحد دفاعا عن الأسد أمام إسرائيل، بينما تُزهَق أرواح الأبرياء في غزة لمحاولة تشتيت الأنظار عن الجرائم الأسدية في سوريا؟ فمحزن أنه بينما يدعم حزبُ اللهِ وإيرانُ الأسدَ، بالمال والعتاد والرجال، ويمعنون بقمع السوريين العزل، تقوم حماس وحلفاءها بمحاولة إحراق غزة، فقط من أجل إنقاذ الأسد الساقط لا محالة. وعندما نقول إنه أمر محزن ومخزٍ فلأسباب بسيطة وواضحة، فمحاولة إشعال غزة في هذا التوقيت تدل على أن حماس، وغيرها، لا يكترثون بدماء السوريين، والمجازر الواقعة بحقهم، التي أصابت العالم العربي، والعالم كله، بالفزع والأسى، كما أنهم أنفسهم، حماس والجهاد وكل حلفاء إيرانبغزة، لا يكترثون أيضا بدماء أهل غزة، بل إنهم يتاجرون بها، للأسف، دفاعا عن نظام يقتل الأطفال والنساء، ويدمر بيوت الله. وعليه، فمن الواضح أن تجار غزة، تجار الدم الفلسطيني، يحاولون خوض معركة الأسد الذي قتل نظامه من الفلسطينيين ما قتل، بينما حزب الله وإيران مشغولان بدعم الأسد أيضا في القضاء على الثورة السورية. فإلى متى هذا العبث بالدم الفلسطيني؟ الله أعلم!