شاب جامعي يدرس سنة رابعة علوم تجارية، موسيقي يعزف على آلتي القيثار والباتري، ومدير ناجح لعديد من صفحات الفيسبوك التي من بينها أكبر صفحة جزائرية، رغم هذا لا يحب الظهور كثيرا عبر الإعلام· آراؤه تبدو أحيانا صادمة بالنسبة لشاب، لكنه يبديها بهدوء ويفتح منابره لنقاشها ضمن حدود الاحترام، حاورناه فأجاب بصراحة· ما الذي يدفع شابا جامعيا مثلك، رغم مشاغله اليومية، لافتتاح صفحة على فيسبوك؟ الفايسبوك هو الملجأ الشائع لكل شاب جزائري في هذا العصر، شخصيا أستعمله من أجل البقاء على اتصال مع أصدقائي الكثيرين عبر ولايات عديدة. دخلت صفحات الفايسبوك من باب الفضول فقط، وقمت بإنشاء البعض منها، في البداية لم تنجح فعلا، ولم يكن لها صدى كبير. عادة الصفحات تفتح دون هدف معين، مجرد تسلية وتمضية للوقت. الآن، أدير أكبر صفحة جزائرية على فيسبوك تحت مسمى ''فارغين شغل''، وقد نجحت في اجتذاب 666 ألف مشترك. ما هي السياسة التي انتهجتها حتى كسبت ثقة مئات الآلاف، وأصبحت صفحاتك أكبر الصفحات الجزائرية على فيسبوك؟ إحترام الرأي مهما كان، احترام الشخص والمعتقدات، الابتعاد عن ألفاظ الشارع والمواضيع التي تمس بالأطراف دون وجه حق. تقصد أنك تحذف كل من يقول كلاما غير لائق على الصفحة؟ بالتأكيد مباشرة، صفحاتي ليست حكرا على فئة معينة فقط، هناك أشخاص جد محترمون، كبار في السن، وحتى أمهات، وبالتالي يجب الحفاظ على حد أدنى من اللياقة. بين الاختلاف في الرأي والألفاظ التي تبدو غير لائقة هناك خيط رفيع، كيف تحافظ على التوازن؟ مع تكرار العملية والحث على الابتعاد عن الكلام الفاحش في النقاش، وأن تناقش فكرة الشخص لا الشخص نفسه. ومع مرور أشهر في العمل بهذه الطريقة، أظن أنني استطعت التأثير على مجموعة كبيرة، وقليلا ما نرى مثل هذا الأمر في الصفحات الجزائرية. أفهمك من زاوية أنه هناك بعض الصفحات التي تدعي أنها أكبر الصفحات الجزائرية على فيسبوك تنخرط أحيانا في السب المباشر، هل ترى أنه من يمثل الجزائر يجب أن يحافظ على حد أدنى من الاحترام؟ للأسف، فيه صفحات كبيرة لكن محتواها مخجل ودون المستوى فعلا، أنا لا ألوم المسؤول عن مثل هذه التصرفات حينما أكتشف أنه قاصر لم يبلغ الخامسة عشرة من عمره. من يمثل الجزائر يجب أن يحافظ على الاحترام، أن يصبر وأن يعامل الجميع على قدم المساواة. صفحاتنا لها صدى كبير حتى في الدول العربية مثل مصر وليبيا وسوريا، وهم دائمو الحضور بشكل يومي معنا ويشاركوننا بكل جديد. جوابك يفتح الباب لسؤالين: الأول تسبب بعض الصفحات في أزمات مجانية مع مصر والمغرب، هل ترى أنه من المفترض أن تتم مهاجمة دول شقيقة؟ السؤال الثاني: أنت نفسك تملك صفحة تنعت فيها الثوار الليبييين بالجرذان، كيف يتابعك الليبييون إذن؟ فعلا، هناك صفحات أنشئت خصيصا لمهاجمة بعض البلدان الشقيقة. صدقني مجرد صفحة فايسبوكية تستطيع أن تقوم بدمار شامل لما يسيء استعمالها· وفيما يخص صفحتي، فهي أنشئت للدفاع عن البلاد أولا، وأحيانا نقوم بالرد على أطراف تدعو للفتنة وتشتم الجزائر وتاريخ الجزائر. بالنسبة لليبيين صدقني أن الأكثرية مؤيدون لي، وهم شاكرون على دعمنا لهم، ومساندتهم ضد من يسمون أنفسهم بالثوار، نحن من مساندي الزعيم الراحل معمر القذافي. ألا ترى كلمة جرذان كلمة قبيحة؟ جرذان فعلا قبيحة ولا أنكر ذلك، كان ذلك مباشرة بعد شتم الليبيين لنا، ووصفنا بالمرتزقة. كما يعلم الجميع الجزائري ''دمه سخون'' ولا يسكت عن الإهانة. مباشرة أنشأت الصفحة، والمفاجأة أنها نجحت في اجتذاب أكثر من 6000 مشترك من مختلف البلدان العربية، كما لقيت تجاوبا من طرف الإعلام، حيث كتبت عنها الكثير من الصحف والمواقع الإلكترونية. في النهاية، وصف الجرذان بالنسبة لي ليس محتكرا على الليبيين، بل جميع من يخون ويبيع بلده ويكون عميلا للغرب. ما رأيك فيما يحدث في سوريا الآن؟ في سوريا الكثير من التساؤلات تطرح فعلا، شخصيا أنا مع الشعب السوري المؤيد لبشار، ولما نرى ما تقوم بفعله قنوات الفتنة من تلفيق للأكاذيب، في حين نرى كل يوم فيديوهات لملايين السوريين يتظاهرون ويساندون بشار، اقتنع أنها خطة لتحطيم سوريا. لماذا أنت متأكد لهذا الحد أن ما يعرض على الفضائيات هو تلفيق؟ بفضل صفحاتنا أصبح لديّ العديد من الأصدقاء السوريين، ممن هم على أرض الواقع، وصدقني هم يثبتون أن أغلبية الأحداث هي كذب وتلفيق. لكن صفحتك تجتذب الموالين للنظام، ألا ترى أنه من المنطقي أن يكون كلامهم مؤيد له؟ صحيح، لكن هناك العديد من السوريين المعارضين مشتركون كذلك في صفحاتنا، ونحن نبقي عليهم مادامت مشاركاتهم تتم باحترام وموضوعية. حتى الجزائريين الذي يتهجمون عليّ وعلى أصدقائي ممن نتشارك في إدارة الصفحات، لا أقوم بحذفهم، إلا من يأتي ليشتمنا فقط ودون أية موضوعية، حينها أقوم بحذفه مباشرة لأن الرد عليه لا يأتي بفائدة. أنت من الداعمين لكل المبدعين الشباب، من فنانين وكتاب، وغيرهم، هل ترى أن الفيسبوك أصبح مسوقا جيدا للفنان في الجزائر مثل بقية الدول؟ نعم، كل من يطلب الدعم أو الإشهار لصفحته الخاصة أقوم بمساعدته، كما سبق وقلت، بفضل الفايسبوك تستطيع القيام بأشياء كبيرة ومفيدة. الشيء الغائب حاليا هو الاتصال المباشرة بين الشباب والهيئات المختصة بإعطائهم فرصا. أحيانا نستفيد من بعض الجهات الخاصة التي تتبع ما يحصل في الأنترنت. لماذا برأيك لا يهتم الفنانون الجزائريون بالتسويق لأعمالهم في فيسبوك مثل بقية الدول؟ أظن بكل بساطة أن شريحة الفايسبوك الجزائري لا تهتم بمثل هذه الأشياء كثيرا، كل ما يهمّها هو تمضية الوقت والضحك، لذلك مهما يبذل الفنان من جهد على صفحته لن يلقى دعما كبيرا من طرف الفايسبوكيين إلا بعض الاستثناءات القليلة. ما رأيك في السياسيين الجزائريين الذين فتحوا صفحات مؤخرا، وهل تظن أن الصفحات الكبرى التي تدعمهم تقول بذلك دون مقابل؟ بكل صراحة، لا أعتقد أن الدعاية مجانية، لديّ صديق قد تم مراسلته شخصيا من أجل إعلانات لصفحات المعنيين مقابل أن يتقاضى أجرا على هذا الفعل. بالنسبة لي حتى وإن قام السياسيون بفتح صفحات، والقيام بمخاطبة الشعب ''مايقنعونيش يا خو الله غالب''.