نهق حماري نهيقا غريبا وهو يعلق على الأخبار التي تفيد بأن أكثر من مائة برلماني متابع في فضائح اعتداء واغتصاب وفساد· والأغرب من ذلك أن لا أحد حاسبهم بسبب الحصانة التي يتمتعون بها والتي منحتهم الحق في التعدي على المواطن البسيط الذي فوضهم في أمره· قلت لحماري: هاهي النماذج البشرية التي تريدنا السلطة انتخابها وتفويضها في تمثيلنا أمام العالم، هذه الأمثلة التي لا تشرف لا نفسها ولا بلدها، هي جزء من فساد السلطة في حد ذاتها· قال ناهقا: لقد وضعت يدك على الجرح، فعلا هذا الجزء الظاهر فقط من الفساد وما خفي منه كان عظيما، وما تزال السلطة تريدنا مشاركتها في اختيار المفسدين بطريقة شفافة· قلت ساخرا: هي توهمنا بأنها تريدنا أن نشاركها، ولكن في حقيقة الأمر هي من تختار لوحدها وفق مقاييس الفساد والكوطة وغيرها من المعايير المتفق عليها· قال بحزن: لو ترك الأمر للشعب فاختياره لن يكون بهذا الشكل، الشعب لا يثق في السارق والمعتدي والمفسد بقدر ما تثق فيهم السلطة· قلت: أليس عيبا أن يكون مثل هؤلاء في مؤسسات الدولة المهمة، أليس عيبا أن يصبح البرلمان مظلة يختبىء تحتها المشبوه والمعتوه؟ قال ناهقا: ما يحدث في البرلمان هو الصورة المصغرة لكل ما يحدث في البلد، الفساد استفحل ولم يجد من يردعه، بل بالعكس هناك من يعمل على زيادته لأن مصالحه تكبر بذلك وتزيد وليس في صالحه أن يختفي· قلت: تصور معي بلدنا دون فساد ودون تجاوزات، هل سيكون الحال أفضل مما نحن عليه؟ ضحك حماري ضحكا مستفزا وقال: هذا غير معقول يا صديقي، لم نكن يوما دولة نزيهة تحترم شعبها ومؤسساتها، بدليل ما حدث وما يحدث من مهازل في معارك دخول البرلمان والسباق عليه، هل فهمت لماذا كل هذه الحمى وهذا الصراع من أجل الظفر بمقعد هناك؟ قلت: المقعد يصلح لكل شيء سوى لخدمة الشعب؟ قال صارخا: للأسف هذا ما تريده السلطة التي لا تستطيع العيش دون هذا، ولا يمكن أن تستمر إلا بأقنعة لمثل هؤلاء الذين يضحكون على الشعب بمال الشعب·