إلتقيت عمار غول مصادفة في أحد الأماكن المرفهة التي لا تليق سوى بالوزراء وغيرهم من علية القوم، كان جالسا مع إحدى الشقراوات الجميلات اللواتي يصطدن الرجل من النظرة الأولى... لمحني من بعيد وأبدى اندهاشه لنظراتي الجريئة التي كانت ترمقه دون هوادة، ربما هذا ما أدخل الشك في قلبه وأصبح يلتفت يمينا ويسارا حتى يتأكد ألا أحد يتجسس عليه. أصدقكم القول إن نظراتي لم تكن من أجل شيء سوى لأتشفى في أبي جرة وأنا أرى غوله الذي أراد أن يتغوّل به وهو يصبح هرا وديعا في حضرة الجميلة التي تبدو إلى حد بعيد أنها تمسك جيدا بخناق وحش حمس. لا أعرف لماذا لم أقتنع يوما بوجود شيء مشترك بين الغول وزعيمه أبو جرة، لا لحية ولا قميص ولا سبحة ولا حتى أفكار، وزاد اقتناعي لما فاجأني أحد أصدقائي الواصلين بأن النجاح الأخير للغول في العاصمة لم يكن نجاحا لحمس بل كان نجاح الجهات التي رشحته حتى يكون الشعرة التي ستقصم ظهر الحزب. الشيخ أبو جرة الذي مارس نضاله السياسي بسلاسة متنقلا بين الرقية والدعوة والتحزّب تحت غطاء الخوانجية العصرية، كان يظن أنه يراهن على وحشه الذي سيصنع منه رجلا قويا ليعتلي به مناصب الدولة، ولم يشك يوما أنه مجرد كومبارس سياسي يؤدي دورا ثانويا، وأن من يصنع الرجال الأقوياء ليس هو، بل هناك مؤسسة حريصة على البناء والهدم كيف تشاء ومتى تشاء. غول سيعود لولي نعمته كما عادت خليدة الروجية وأصبحت تحت أمر بوتفليقة الذي استوزرها وهي ردت الجميل بفعل كل شيء سوى إنعاش الثقافة. تركتُ غول وشقراءه الجميلة يتهامسان ويستمتعان بأكلة السمك وغادرت المكان لا أدري من يكذب على الآخر، هل هو من يعدها بأشياء كثيرة حينما يصير ويصير أم هي التي تعده بأمور أخرى... المهم راح أبو جرة في كيل الزيت.