أصيب، ليلة أول أمس، أربعة أشخاص واعتقل اثنان آخران ببلدية ميزرانة الواقعة على بعد 30 كلم شمال ولاية تيزي وزو، إثر الاشتباكات التي اندلعت بين قوات مكافحة الشغب وسكان محتجين يطالبون بالتنمية ويرفضون إنجاز مقر للدرك الوطني والحرس البلدي. أصبحت قضية إنجاز مقرات للدرك الوطني بولاية تيزي وزو من الملفات الساخنة التي تنتظر معالجتها بكل حساسية وحكمة من طرف المسؤولين الأمنيين والمدنيين، وفي كل مرة يتم تسجيل مشروع لإنجاز مقر للدرك الوطني أو تتسرب معلومات عن عودة الدرك إلى منطقة معينة بالولاية ينتفض السكان ويثورون ضد القرار، حيث شهدت منطقة ميزرانة، أول أمس، أوضاعا مكهربة كادت أن تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه بعدما دخل السكان في مواجهة ساخنة مع قوات مكافحة الشغب، هذه الأخيرة التي انتقلت إلى المنطقة بأعداد هائلة صبيحة الاثنين لأجل حماية مقر الدرك الوطني والحرس البلدي من التخريب. وتعود جذور هذه الحادثة إلى يوم الأحد بعدما أقدم سكان قرية أزرو بوار بميزرانة على غلق مقر دائرة تيقزيرت للضغط على رئيس الدائرة قصد تجسيد لائحة مطالبهم التي رفعتها لجنة القرية منذ سنوات والمتمثلة في تخصيص مشاريع تنموية للقرية وكذا ربطها بشبكة الهاتف والانترنت، لكن رئيس الدائرة رفض استقبال ممثلي المحتجين، ما أثار سخطهم وتذمرهم، ووصفوا موقفه ب “السلبي" واعتبروه القطرة التي أفاضت الكأس وحمّلوه المسؤولية. وفي أوقات المساء من يوم الأحد تنقل المحتجون من مقر الدائرة إلى قريتهم قبل أن يقدم العشرات من الشباب على تخريب وإضرام النار في مقر الدرك الوطني والحرس البلدي الذي يتواجد في المكان المسمى “لاكريط" تنديدا بتخصيص مشاريع تنموية لمقرات الدرك وتهميش القرى من حقها التنموي، حيث علق المحتجون لائحات كتب عليها “نحن بحاجة للتنمية وليس لمقرات الدرك". وفي صبيحة أول أمس الاثنين تنقلت أعداد هائلة من قوات مكافحة الشغب إلى منطقة ميزرانة بهدف منع مواصلة عملية تخريب مقر الدرك وقامت بتحصينه من كل الجهات، وفي حدود الساعة السادسة مساء اندلعت اشتباكات ساخنة بين السكان وقوات مكافحة الشغب، واضطرت هذه الأخيرة إلى إطلاق القنابل المسيلة للدموع لتفريق المحتجين وإبعادهم من مقر الدرك، وقابلها الغاضبون بالرشق بمختلف أنواع المقذوفات كالحجارة و"المولوتوف". وحسب ما علمته “الجزائرنيوز" من مصادر محلية مطلعة، فإن هذه الاشتباكات أسفرت عن إصابة 4 أشخاص من صفوف المحتجين، أحدهم في حالة حرجة، كما تم اعتقال شخصين تم تحويلهما إلى مركز أمن دائرة ماكودة للتحقيق معهما. وزادت شدة غليان سكان المنطقة بعد انتشار خبر اعتقال شابين، حيث صعّدوا من لهجتهم وحاولوا اقتحام المقر وطالبوا بضرورة إطلاق سراحهما. وقد انتشر الخبر بسرعة البرق في الناحية الشمالية لولاية تيزي وزو، وفي حدود الساعة التاسعة ليلا خرج سكان بلدية ماكودة إلى الشارع تضامنا مع سكان ميزرانة ونظموا اعتصاما عارما أمام مقر أمن الدائرة تنديدا باستخدام القوة ضد السكان وطالبوا بضرورة إطلاق سراح المعتقلين تفاديا لحدوث انزلاقات، وهددوا باقتحام المركز في حالة تماطل المسؤولين في إطلاق سراح المعتقلين. ونقل شهود عيان أن الأحداث استمرت ليلة كاملة وقضى المحتجون ليلة بيضاء إلى غاية الساعة الثالثة صباحا بعدما نجحوا في إخلاء سبيل الشابين المعتقلين، ورغم ذلك واصل الغاضبون احتجاجهم وتدخل بعض العقلاء لتهدئة الأوضاع. وفي صبيحة أمس عادت الأوضاع إلى عادتها بمنطقة ميزرانة وماكودة ميزها هدوء حذر من الجانبين، خصوصا أن بلديات المنطقة الشمالية على غرار ميزرانة وماكودة وتيقزيرت وإفليسن استقدمت تعزيزات أمنية مكثفة وإضافية متمثلة في عناصر مكافحة الشغب تحسبا لتوسع رقعة الاحتجاجات إلى البلديات المجاورة أو تجددها في ميزرانة خصوصا وأن السكان مصرون على تخريب مقر الدرك الوطني.