قال حماري الذي يعاني من تعاسة كبيرة هذه الأيام والتي لم أقدر على فهم سببها أو الوصول إلى فك شفراتها المعقدة، لا أدري لماذا أخبار المخدارت والحرڤة عادت لتتصدر العناوين؟ قلت.. ماذا تريد من شعب تعيس مثلك أن يفعل سوى الهروب إلى سيجارة زطلة أو القفز في قارب موت؟ تنحنح بحزن بالغ وقال.. فعلا هذا هو الحال. قلت مندهشا.. هل أنت أيضا تفكر في سيجارة زطلة أو قارب موت؟ نظر لي باستغراب شديد وقال ألست من الشعب المتعب وكل معاييري أصبحت مخلطة ومتداخلة في بعضها؟ قلت.. وهل من يتعب من الحياة يفكر في الزطلة أو الموت؟ نهق نهيقا مخيفا وقال.. بربك قل لي لماذا صارت أخبار المخدرات تنافس أخبار البطاطا والحليب والإضرابات إذن؟ قلت.. لأن البلاد أصبحت غير آمنة واستحلها البعض للعبور بمخدراتهم نحو الآخر؟ قال ضاحكا.. من هو الآخر الذي تتكلم عنه؟ إنه شعب أيضا.. الشعوب يا عزيزي لم يبق لها سوى الموت بسيجارة ملفوفة حتى تهرب من واقعها المرير. قلت.. يبدو أنك غيّرت مبادئك يا حماري وصرت مثل الضائعين تتكلم كلاما غامضا لا يحمل أساسا أو حجة؟ قال.. وهل من يقول الحق يصبح بلا دليل ولا حجة؟ قلت.. الحق أن ترضى بواقعك على الرغم من مرارته وتقبل ما كتب القدر لك دون معارضة أو تبطر؟ نهض من مكانه وقد جنّ جنونه وصار يصرخ في كل مكان.. هذا ليس قدري، هذا ليس قدر الشعب.. نحن نستحق الأفضل.. نستحق الأفضل ولكن هم يريدوننا هكذا دون حياة، نعيش مثل الطفيليات دون حقوق ودون واجبات.. قلت.. كفاك سوادا يا حماري وانظر للنصف المملوء من الكأس لم يسمع كلامي وأصرّ على الغضب والصراخ.. ربما معه كل الحق.