حذرت منظمة المراقبة “فريدم هاوس" الأمريكية من انزلاق حكام الدول العربية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في خضم حالة الفوضى التي تشهدها هذه الدول بسبب ثورات الربيع العربي إلى الحكم الديكتاتوري الشمولي كرد فعل على تراجع سيادة القانون بهذه البلدان. وإن كانت ما حققته الدول العربية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا صنفته منظمة “فريدم هاوس" الأمريكية ضمن المكاسب التي تحققت خلال الربيع العربي إلا أنها اعتبرتها مكاسب هشة للغاية وإنه يمكن خلال حالة الفوضى التي أعقبته أن ينزلق الحكام مجددا إلى الحكم الشمولي، وأشارت إلى أن “هناك حد لصبر المواطنين فيما يتعلق بالاستقرار السياسي وتعطل الاقتصاد وعدم الأمان الفعلي. والرغبة في العودة إلى بيئة أقل فوضوية قد تسمح للزعماء بالانزلاق مرة أخرى إلى عادات الحكم الشمولي المألوفة". وأكد تقريرالجماعة البحثية الأمريكية نشرته أول أمس، تحت عنوان “دول في مفترق الطرق" أنه على مستوى العالم فاق التدهور في طبيعة الحكم ما تحقق من تقدم وتصدر هذا تراجعا شديدا في محاسبة الحكومات وسيادة القانون في القضايا المدنية والجنائية، وهو ما ساهم بحسب التقرير في تراجع الحكم الديمقراطي على مستوى العالم كله عام 2011، وأضاف التقرير “ليس واضحا ما إذا كان الرفض الشعبي للنماذج القديمة للحكم الفردي ستترجم إلى تأييد مستمر لحكومة وليدة تمثل الشعب وإلى إصلاحات مؤسسية مثيرة للنزاع". ووجهت فانيسا تاكر، مديرة المشروع ب “فريدم هاوس" نداءات تنبيه وتحذير إلى دعاة الديمقراطية “إن هذا التدهور هو صيحة تنبيه للذين كانوا يأملون أن تكون الإطاحة بحكام شموليين في تونس وليبيا ومصر هي بمثابة انفراجة حاسمة، وقالت الجماعة البحثية الأمريكية إنه على مستوى العالم فاق التدهور في طبيعة الحكم ما تحقق من تقدم وتصدر هذا تراجع شديد في محاسبة الحكومات وسيادة القانون في القضايا المدنية والجنائية". ومن بين الدول التي أجرت عليها المنظمة التي تتوفر على خبراء ومراقبين وهيئة استشارية في أنحاء عدة من العالم، دراستها على كل بلدان العالم العربي في الشرق الأوسط وفي شمال إفريقيا إلا أنها استثنت إلا تونس من تحذيراتها مؤكدة على أنها البلد الوحيد الذي سجل تطورا ملحوظا في مجال الحكم بالرغم من المشاكل السياسية التي تعاني منها منذ سقوط نظام الرئيس زين العابدين بن علي. جاء في التقرير الذي نشرته “فريدم هاوس" أن تونس هي الدولة الوحيدة من بين دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي حسنت بشكل ملحوظ رصيدها في مجال الحكم بشكل عام، وفي التقرير الأخير تحسنت تونس في كل المجالات وتصدر ذلك زيادة كبيرة في المحاسبة وصوت الشعب مما رفع مستواها إلى 4.11 نقطة من حوالي 2.36 نقطة قبل الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي في جانفي عام 2011، وأبرز التقرير مجالا يثير القلق هو حقوق المرأة قائلا إن الأحزاب السياسية الإسلامية أثارت مخاوف بشأن تراجع الحقوق القائمة. وزادت المحاسبة وعلا صوت الشعب أيضا في مصر بعد الإطاحة بالرئيس حسني مبارك لكن الإجراءات الأخرى ظلت بلا زيادة ولا نقصان مما أدى إلى زيادة طفيفة من 1.98 في عام 2010 إلى 2.25 في عام 2011 بالرغم من الانتخابات الحرة. وشملت المجالات المثيرة للقلق القيود على وسائل الإعلام والعداء للمنظمات غير الحكومية ومحاولات تقييد النشاط السياسي للمرأة من خلال “كشوف العذرية" التي قام بها أطباء في الجيش على ناشطات مصريات، أما البحرين التي اعتبرت يوما واحدة من الدول التي حققت تقدما أكبر فقد تراجع رصيدها في كل المجالات إلى 2.03 نقطة من 3.27 نقطة عام 2004. وتستخدم جماعات تعمل في قطاع التنمية بدرجة كبيرة معايير فريدام هاوس لتساعدها على معرفة ما إذا كانت حكومة ما قادرة على الاستفادة من المساعدات الأجنبية بشكل فعال، وهناك أربعة معايير لتقييم 72 دولة شملها تقرير “دول في مفترق الطرق" وهي (المساءلة وصوت الشعب) و(الحريات المدنية) و(سيادة القانون) وأخيرا (محاربة الفساد والشفافية). وتقول فريدام هاوس إن حصول الدولة على خمس نقاط من سبعة هو أقل مستوى للحكم الديمقراطي الفعال والذي تعتبره ضروريا لوجود مجتمع منفتح وعادل ومزدهر.