وضعت منظمة "فريدم هاوس" التي تعنى بقضايا حقوق الإنسان، الجزائر ضمن 64 دولة تنعدم فيها حرية الصحافة، في حين صنفت في تقريرها بمناسبة إحياء اليوم العالمي لحرية التعبير 61 دولة على أنها تتمتع بحرية جزئية، و36 دولة توجد بها حرية الصحافة، وبطبيعة الحال يتضمن هذا التصنيف خلفيات سياسية أصبحت معروفة، فهذه المنظمات الحقوقية غير الحكومي التي تتوفر على سجل حافل من المواقف السلبية اتجاه الجزائر، ترفض التعامل مع الحقائق بموضوعية وتستسلم في المقابل إلى ضغوطات اللوبيهات والقوى الدولية الكبرى. وضعت منظمة "فريدم هاوس" في تقريرها الأخير الذي نشرته الجمعة الفارط، بمناسبة إحياء اليوم العالمي لحرية الصحافة، الجزائر في الرتبة 136 عالميا في مجال احترام حرية التعبير للعام 2009 متقدمة مغاربيا عن كل من المغرب وتونس وليبيا، في حين تربعت موريتانيا على المرتبة 124، وصنفت المنظمة 70 دولة في العالم على أنها دول تتمتع بحرية الإعلام (36 في المائة من دول العالم)، فيما اعتبرت 61 دولة بأنها تتوفر على حرية جزئية (32 في المائة من دول العالم)، و64 دولة قيّمتها على أنها دول تنعدم فيها حربية الإعلام (33 في المائة من دول العالم). ووضع التقرير 4 دول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على أنها تتمتع بحرية صحافية جزئية (إسرائيل، الكويت، لبنان، مصر)،علما أنه لأول مرة توضع إسرائيل ضمن الدول التي تتوفر فيها حرية جزئية، فمن قبل كانت تصنف ضمن الدول التي تتمتع بحرية التعبير بشكل مطلق، ويبدو أن الحرب الإسرائيلية على غزة والتي أثارت غضب العالم، ومنع الصحفيين من تغطية مجريات العدوان على الفلسطينيين بكل حرية هو الذي دفع بهذه المنظمة الحقوقية غير الحكومية إلى مراجعة تصنيف الدولة العبرية، وتضمن التقرير أيضا الدول الأخرى تنعدم فيها حرية الصحافة (من بينها: الجزائر، الأردن، المغرب، قطر، العراق، الإمارات العربية المتحدة، البحرين، عُمان، اليمن، السعودية، تونس، سوريا، إيران، فلسطينالمحتلة، ليبيا. وبحسب نتائج الدراسة التي أجريت على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أكدت المنظمة أن هذه المنطقة ما تزال تعيش أدنى مستوى من حرية الصحافة، وأنها لا زالت تعاني من القيود المفروضة على الصحافيين والمسؤولين، وأشار التقرير إلى أن مستوى الحرية في هذه الدول تراجع ، فرغم انتشار وسائل الإعلام وشبكة الإنترنت بصورة واسعة في دول هذه المنطقة، إلا أن الإعلام فيها لا زال مقيداً بسبب القوانين المقيدة للعمل الإعلامي، وخصوصاً تلك المتعلقة بالقذف والتشهير، وإهانة الشخصيات العامة، وقانون الطوارئ. وأشار تقرير "فريدم هاوس" من جهة أخرى إلى القوانين العقابية التي تمارسها بعض الحكومات والأفراد للحد من حرية وسائل الإعلام من خلال القوانين التي تحظر التعليق على الموضوعات الحساسة مثل الدين أو العرق بحجة "التحريض على الكراهية" أو "تعريض الأمن الوطني للخطر"، مشيرا في الوقت نفسه إلى قضايا القذف والتشهير التي انتشرت في الدول على نطاق واسع، واعتبرها التقرير وسيلة لمعاقبة الصحف. صحيح أن تقرير هذه المنظمة الحقوقية يستند أساسا في أغلب الحالات على الممارسة الواقعية لحرية الصحافة، ويقيم مستوى هذه الحرية بناءا عن المعلومات التي ترد إليها سواء من النقابات الصحفية أو من تقارير منظمات حقوقية وطنية، لكن من الخطأ التسليم بالتصنيف الذي تقوم به لمختلف الدول والذي يخضع في الغالب إلى اعتبارات سياسية وإلى ضغوطات تمارسها لوبيهات لها مصلحة في عملية التصنيف أو الدول الكبرى التي تؤثر هي الأخرى وتوجه في اتجاه مصالحها. ويبدو تصنيف الجزائر ضمن الدول التي تنعدم فيها حرية الصحافة مبالغ فيه إلى حد بعيد، وإذا كان صحيحا أن الصحافة الجزائرية تعاني من حين لأخر من بعض المضايقات خاصة بفعل المتابعة القضائية للصحفيين، فهذا لا يبرر ما ذهبت إليه "فريدم هاوس" التي ضربت عرض الحائط بكل المكاسب التي حققتها الصحافة الجزائرية في مجال حرية التعبير، علما أنه لم يسبق في الجزائر، حسب ما أكده مصطفى فاروق قسنطيني، رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان مؤخرا في منتدى التلفزيون، وهو المحامي المطلع على هكذا قضايا، أن سجن أي صحفي بسبب أفكاره أو مواقفه من القضايا المختلفة، وأن ما تم من متابعات قضائية يرتبط بقضايا القذف كما هو معمول به في العديد من الدول التي صنفها التقرير في خانة الدول التي تحترم حرية الصحافة.