تعود نفس المشاكل كل سنة وكأنها تعوّدت علينا ونحن تعوّدنا عليها ولا يمكن أن نتصور حياتنا دونها وكما قالت النكتة “البلاد لي ما فيهاش مشاكل ماشي بلاد"، القطارات في إضراب، الأساتذة يهددون بالإضراب، الحرس البلدي يهدد أيضا بمسيرات تشل البلاد، كل هذا والحياة جميلة وسعيدة. نهق حماري مطولا وقال.. وستصبح أسعد وأجمل عندما تتعقد الأمور أكثر. جحظت عيناي وأنا أسمع مثل هذا الكلام من حمار يدعي الوطنية وقلت له مندهشا.. ما بك تقول هذا الكلام؟ قال.. لست أنا من يقول ولكن تصرفات مسؤولينا تؤكد لك ما أقول. قلت.. من تقصد بكلامك والجميع يقول إنه يفعل المستحيل حتى يرفع الغبن عن المواطن. قال ساخرا.. شتان بين القول والفعل وهل ما تزال تصدقهم أنت؟ قلت.. لا أملك سوى ذلك على أمل أن تحل جميع المشاكل. قال.. بذلك ستسقط النكتة ونصبح خارج إطار الدولة ما دامت الدولة لا تكون بمؤسساتها القائمة بل بنوعية المشاكل التي فيها. قلت.. كفاك سخرية يا حماري وتكلم بجد. قال.. وهل ينفع الجد في بلاد الهف؟ قلت.. بلاد ضحى عليها مليون ونصف شهيد لا يمكن أن تكون بلاد الهف. تنحنح في مكانه وقال.. الشهداء مكانهم محفوظ في القلب وعلى الرأس ولكن كلامي عن هؤلاء الذين لم يحفظوا أمانة الشهيد وحولوا البلد إلى بازار كبير يباع فيه كل شيء حتى الضمائر والعقول. قلت.. أنت تبالغ ومبالغتك تخيفني كثيرا. قال ضاحكا.. لا تخف فأنت غريق وهل يخاف الغريق من البلل؟ قلت صارخا.. لقد دوختني ولم أعد أستوعب كلامك. قال.. أنت وسط النار ونحن جميعنا كذلك ولا أحد يملك القدرة على إطفاء الحريق لذلك اصمت ولا تتكلم.