لا حديث هذه الأيام سوى عن طوابير البريد التي ما تزال تصنع الحدث كلما اقتربت أي مناسبة، ومنذ زمن ونحن نسمع وزراء القطاع يؤكدون أنهم سيقضون على هذا البعبع ومع ذلك لم يحدث شيء. نهق حماري وقال.. وزير التربية أيضا وعد بأن يقضي على الاكتظاظ في السنة القادمة. قلت ساخرا.. أحيني اليوم واقتلني غدوة. قال.. الوعود سهلة ولكن التنفيذ صعب.. صعب جدا. قلت.. ولكن هذه شكليات فقط، هل يعقل أن يصل الطابور إلى مداه ويبدأ المواطن فيه قبل طلوع الفجر ومع ذلك لا يحصل على ماله؟ قال.. هذه لعبة أخرى من الألاعيب التي تجعل الإنسان “يكره حياتو" ولا يفكر سوى في بطنه وتعبه وشقاه. قلت.. صحيح، لا أحد يأخذ بعين الاعتبار معاناة المواطن وكلهم يعدون بتحسين الأوضاع ولكن الأمر لم يحدث. قال ناهقا.. فعلا حياة المواطن كلها ذهبت بين الأوراق.. وبين أوراق البلدية التي أصبحت تشكل هاجسا كبيرا إلى الأوراق المالية التي أصبحت بدورها “غولا". قلت.. ولكن الشعب أيضا يتحمل مسؤوليته يا حماري؟ قال صارخا.. في ماذا؟ قلت.. يجب أن ينظم نفسه ويقرر ماذا يريد؟ نهق نهيقا طويلا وقال.. دائما تلوم الشعب في ذلك وتنسى أنه لا يملك زمام أمره وكل شيء مربوط بالسلطة التي جعلت منه آلة منفذة فقط. قلت.. يرفض الواقع مثلا ويثور. ضرب الأرض بحافريه وقال.. كم قلت لك هذا الكلام ووقفت ضدي، قلت لك يجب أن يتغير الوضع ويعود المال لأصحابه لكنك قلت لا، قلت لك يستحيل أن تستمر الحياة بهذا الشكل لكنك قلت إن الصبر جميل، إذن ما عليك سوى أن تقوم للطابور وتأخذ مكانك فيه وإلا ستجد نفسك خارج السرب.