لم يبق من الصيام إلا القليل وهذا أحزنني كثيرا على الرغم من أن الضيف حلّ في ظروف غير لائقة من انقطاع للكهرباء والماء وعصابات الشوارع التي أصبحت تسجل حضورها يوميا قبل الإفطار. قال حماري ناهقا... رمضان يا رمضان... دوخت الجيعان وبكيت العطشان. قلت له... أنت مخطىء يا حماري نحن من دوخناه وجوعناه وعطشناه بتصرفاتنا غير اللائقة.. بربك قل لي هل رأيت ما يحدث في الشوارع؟ طأطأ رأسه وقال... والله نخجل من ذلك. قلت... فهمنا أن الدولة غائبة ولكن هل يصل غيابها لحد سيطرة العصابات على الطرقات؟ قال... الفوضى هذا هو ما يريده من غيّبوا الدولة. قلت مندهشا... هل هناك من يقصد هذا؟ أنا ظننت أن الدولة غائبة لأنها عاجزة أن تجد وزراء يسيرون وحكومة رشيدة ولم أكن أعرف أن الأمر مقصود؟ ضرب الأرض بحافريه وشرب من الماء البارد كثيرا وقال... كل شيء مقصود في بلادنا وبعد أن كنا نخاف من قنابل الموت التي عشناها لأكثر من عشرين سنة، ها هو الأمن أيضا يغيب من جديد عن الأحياء الشعبية والأسواق وحتى البيوت؟ قلت... والأكثر من ذلك حتى انتهاك حرمة الشهر بالكلام البذيء الذي تضطر لسماعه ولو كنت داخل بيتك أكيد سيصلك الصراخ من الخارج. قال... أصبحنا نعيش في زمن العصابات على كل المستويات... مافيا سياسية ومافيا اقتصادية ومافيا مالية ومافيا أخلاقية وكلّ على طريقته ومنهجه ولا رادع لذلك. قلت... ربما هذا ما جعل أويحيى يقول إنه عجز أمام المافيا وأشار على الحاويات وغيرها من الإشارات التي تبين ذلك؟ نهق حماري نهيقا مخيفا وقال... إذا كان هذا كلام الوزير الأول فماذا بقي لحمار مثلي سوى الاندهاش أمام فوضى عارمة ودولة غائبة وشعب مغلوب على أمره يجري في كل الاتجاهات ولا يصل أبدا. قلت... هكذا سنبقى ولن يصلح أمرنا حتى لو تم استيراد وزراء شناوة.