لست أدري لماذا أحسست بالتفاؤل عندما قرأت بأن أمير قطر يسجن شاعرا لأكثر من سنة بسبب قصيدة أوحت لحمد وموزة بأن حروفها يمكن أن تزعزع عرشهما الآمن. شعرت بالفرح لأنه وعلى الرغم من عصر الصواريخ العابرة للقارات إلا أن الملوك والأمراء والحكام ما زالوا يحسبون حساب الحرف والشعر، ومازالوا يمارسون ديمقراطية زج صاحب القلم في زنزانة القصر. نعم حمد صاحب الجزيرة، هذه الآلة الإعلامية المدمرة التي تنادي بحرية الشعوب بالدم والدمار عجزت أن تغطي قصيدة كتبها الشاعر ابن الذيب الذي ما يزال يقبع في السجون القطرية بينما وصل ذراعها إلى سجون ليبيا وتونس ومصر وحتى غوانتانامو. هذه هي الديمقراطية الخليجية التي تخرج من تحت جلابيب أمرائها وملوكها وتتسلل من أبوابهم الموصدة ضد الرأي الآخر الذي سئم نفاقهم ووجوههم المكشوفة. حمد لم يكن يعرف بأن كتابة الشعر هي محاولة لإمساك الحياة من عرقوبها، لأنه ربما أُسكر بقصائد المديح الممرغة في النفط والبترول والمخضبة في حرية الدم التي ينادي بها، ويبدو أن ابن الذيب مسك الأمير من عرقوبه وعلّقه بعقاله ليواجه الحقيقة العارية التي ستقول له يوما ارحل. أمراء الخليج يقبلون كل شيء سوى الرحيل، تحالفوا مع الناتو وتحالفوا مع أمريكا وتحالفوا مع إسرائيل وتحالفوا حتى مع الشيطان ولكن أن يتنازلوا على عروشهم مستحيل، لذلك لن يقبلوا بقصيدة تتداول مثل الحشيش حتى لو اضطروا لسجن الشاعر وقتل كل الشعب.