اعتبر عامر الوكيل المنسق العام ل “تحالف ثوار مصر"، أن الحالة الدقيقة التي تعيشها مصر، عائدة لشعور الإخوان أنهم القوة الوحيدة القادرة على فعل ما تريد في البلاد، وهو الشعور الذي تنامى لدى الجماعة بعد وصول الدكتور محمد مرسي للسلطة، مما اضطر مكتب إرشاد الجماعة إلى دفع الرئيس لمثل هذه القرارات الأخيرة المتمثلة في إصدار “إعلان دستوري" دون أي حوار مجتمعي أو مشاورات مع القوى الوطنية. حسب قوله وكشف الوكيل في حواره مع “الجزائر نيوز" أن طرفا في الرئاسة قد اتصل بتحالفه للقاء الرئيس مرسي، إلا أن “التحالف" لم يقرر بعد، بشأن الجلوس مع الرئيس من عدمه سيما وأن “جبهة الإنقاذ الوطني" التي تحظى باحترام التحالف، قد اتخذت موقفاً سلبيا من لقاء الرئيس قبل إلغاء الإعلان الدستوري الجديد. ما هو التوصيف الموضوعي للحالة السياسية القائمة اليوم في مصر؟ التوصيف أننا نشهد مرحلة سياسية دقيقة ومحفوفة بالمخاطر، كنتاج طبيعي لشعور الإخوان المسلمين بأنهم القوة الوحيدة في مصر، وتصرفهم وفق هذا المنطق الذي يستأثر بالحكم، ويتطلع إلى طموحات شرهة للجماعة، بعيدا عن تطلعات الشعب المصري، في تحقيق أهداف ثورته. وقد بدا الأمر واضحاً من خلال إصدار الإعلان الدستوري الأخير، الذي أعلنه الرئيس دون العودة إلى القوى السياسية والثورية، أو حتى استشارة مجموعة مستشاريه، وبالرغم من أننا قبلنا جانبا من تلك القرارات باعتبارها تلبية لمطالب الثوَار فإننا نعترض طريقة اتخاذها، فضلا عن رفضنا التام لمبدأ تحصين القرارات من الطعن، وكذلك تحصين مجلس الشورى والجمعية التأسيسية للدستور، وهما مجلسان ينظر القضاء في أمرهما. كل ذلك هو نتيجة لهذا الشعور الذي يسكن الإخوان بأنهم يختزلون الوطن داخل الجماعة، ولا يحترمون القوى الأخرى ولا يستمعون للصوت الآخر، وهذا ما بدا واضحا أيضاً في الخطاب الذي ألقاه مرسي الجمعة الماضية أمام أنصاره، ملغياً مظاهرات معارضيه، مما يقرب حقيقة المنحى الخطير الذي بدأت تسير فيه مؤسسة الرئاسة التي لم تعد مؤسسة سيادية تخص كل المصريين بقدر ما أضحت مؤسسة تابعة لمكتب إرشاد الجماعة. وفق هذه التصورات الغريبة، وذلك بالرغم من خطاب مرسي، الذي أكد فيه بأنه رئيس لكل المصريين، وهو ما زاد من حالة الاحتقان والاستقطاب وضاعف من سخط الشارع المصري على الإخوان، حيث تفاجأوا بالحركة الواسعة للمعارضة. اليوم (الثلاثاء) هناك دعوتان لمليونيتين، الأولى في “ميدان التحرير"، دعت لها معظم القوى الثورية، وأخرى أمام قصر عابدين، دعا لها الإخوان والسلفيون، ألا يشير ذلك إلى تزايد حالة الاستقطاب وأن الإخوان ماضون في تأييد القرارات الأخيرة وغير آبهين لحركة الشارع المصري؟ هذه إحدى الوسائل الاستبدادية الغريبة التي يعتمد عليها الإخوان، فإذا كانت القوى الوطنية والثورية قد اتفقت على الخروج اليوم الثلاثاء للتعبير عن رفضها لقرارات مرسي أو بعضها، فلماذا يخرج الإخوان.. هذه سنة غريبة، هل رأيت في دول العالم حزبا سياسيا حاكما يخرج مناضليه لتأييد قرارات اتخذها الرئيس.. المعروف أن المسيرات والمظاهرات هي إحدى وسائل التعبير للمعارضة، من أجل إيصال صوتها للحاكم، لكن ما بال الحاكم يخرج مؤيديه للشارع ثم يذهب ليخطب فيهم. هذا هو منطق المغالبة الذي يعتمد عليه الإخوان في مواجهة خصومهم ومخالفيهم السياسيين، وهي سنة سيئة تسعى إلى ترهيب القوى الأخرى عبر الحشود المؤيدة، والغريب أنهم يستخدمون ذات الآلية عند اتخاذ أي قرار، بل يحشدون الجمع لأي قرار بشكل مسبق، وقبل اتخاذه كما حدث الخميس الماضي، عندما احتشد مناضلو الإخوان أمام دار القضاء العالي ترقبا لصدور القرارات التي وحدهم يعرفون مضمونها وتوقيتاتها وهذه حالة خطيرة تعصف بسيادة مؤسسة الرئاسة من جهة، وبفقدان مصداقية الرئيس من الناحية الأخرى سيما عند القوى التي تحالفت معه في الانتخابات الرئاسية وصوتت له، كتحالف ثوار مصر وغيرها من القوى الثورية. كنتم ممن تحالف مع مرسي في الانتخابات الأخيرة، هل مازالت القنوات بينكم وبين الرئيس مفتوحة، أم أن الأمر انتهى عند الاستحقاق الانتخابي؟ أولاً: دعمنا للرئيس محمد مرسي في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، ضد الفريق أحمد شفيق الذي كان يمثل رمزاً من رموز النظام السابق، كان خاضعا لعدد من النقاط المشتركة، بيننا وبين مرشح الإخوان، الذي تعهد بتحقيقها، إلا أننا للأسف تفاجأنا بعد فوزه، أن تلك الوعود راحت أدراج الرياح، خاصة ما يتعلق منها بالتشاور السياسي، وعدم الاستئثار بالسلطة، وتعيين ثلاثة نواب للرئيس منهم امرأة وقبطي وشاب.. كل تلك الوعود لم يلتزم بها للأسف محمد مرسي بعد فوزه. أما بالنسبة للقنوات فرغم ضعفها فهي قائمة، مثلا بالأمس تقدمت إلينا رئاسة الجمهورية بطلب اللقاء مع الرئيس، وأبلغتنا أن الرئيس مرسي ينوي الجلوس مع مجموعة من الإئتلافات الثورية، للحديث عما يمكن فعله في ظل هذه الأزمة القائمة.. ونحن كتحالف ثوار مصر لم نقرر بعد، قبول الدعوة، سيما وأنها قوبلت برفض كبير من قبل أعضاء المكتب التنفيذي للتحالف، وقد نبت فيها مساء هذا اليوم ونعلن موقفنا الرسمي حولها، خاصة بعد أن اطلعنا على نتائج اللقاء الذي عُقد أمس (يقصد الاثنين) بين الرئيس ووفد يمثل المجلس الأعلى للقضاء. هل تتوقع أن تقبل الأغلبية في التحالف بمبدأ الجلوس والحوار مع الرئيس سيما وأن “جبهة الانقاذ الوطني" التي تضم شخصيات سياسية كبيرة كمحمد البرادعي وحمدين صباحي وعمرو موسى، رفضت مبدأ الحوار مع مرسي قبل إلغاء الإعلان الدستوري الأخير بكل ما تضمنه؟ لا يمكنني التنبؤ بقرارات التحالف التي تتخذ بشكل ديمقراطي.. لكن بالنسبة لجبهة الإنقاذ الوطني، فهي جبهة تحظى باحترامنا وتقديرنا، سيما وأن فيها شخصية كالدكتور محمد البرادعي، وكذلك الدكتور عبد الجليل مصطفى، هذا الأخير نعود إليه غالبا للإستشارة ومناقشة عدد من القضايا أو اتخاذ عدد من القرارات.. لذلك فنحن نحترم موقف هذه الجبهة ومطالبها، لكن موقفنا سيتخذ بعد استكشاف ما أفضى إليه حوار مرسي مع القضاة. وفي حال اتخاذكم موقف إيجابي من لقاء مرسي، ما هي المطالب التي ستقدمونها له، وهل تطالبون كبقية القوى بإلغاء البيان بكل مضامينه؟ نحن لدينا جملة من المطالب قد نتقدم بها لمرسي في حوار مباشر، أو حتى في حال عدم موافقة المجلس التنفيذي للجلوس معه، أهمها إسقاط مبدأ تحصين القرارات التي تتخذ من قبل الرئاسة أو أي جهة أخرى، ومهما كانت طبيعتها، وإلغاء تحصين مجلس الشورى والجمعية التأسيسية للدستور، المنظورين أمام القضاء، بل ونطالب بحل التأسيسية دون انتظار حكم قضائي لأنها تعاني من عوار قانوني وسياسي، وعدم التكافؤ في تمثيلها لأطياف المجتمع. هناك أيضا مطالب تتعلق بالفصل بين السلطات والحفاظ على استقلالية السلطة القضائية التي لا يجوز التغول عليها، بالإضافة إلى مطلب إيقاف كل مظاهر الاستفراد بالحكم، فمصر دولة كبيرة لا يمكن لأي تيار سياسي مهما كان حجمه، أن يحكمها منفرداً سيما في هذه الفترة الانتقالية الصعبة، وبالتالي نطالب مرسي بعدم المضي قدما في عمليات استحواذ الإخوان على كل مفاصل الدولة، كذلك ضرورة وضع بروتوكول المستشارين واضحا وألا يقتصر دورهم ك “مجرد ديكور". إذن أنتم لستم من دعاة إلغاء “الإعلان الدستوري" والقرارات الأخيرة، واعتبارها لاغية كما تطالب بعض القوى المعارضة؟ بالطبع، فمعظم القوى الوطنية متفقة على قرار عزل النائب العام وتفعيل قانون حماية الثورة، وتعويض أسر الشهداء والمصابين، هذا البند تقريبا محل اتفاق معظم القوى الثورية، لأنه بالأساس مطلب ثوري، وبالتالي نقبله ولكننا نرفض بقية بنود الإعلان الدستوري والقرارات الأخرى، خاصة ما يتعلق منها بتحصين قرارات الرئيس وكذلك بالنسبة لمجلس الشورى والتأسيسية. لكن ألا ترون أن الرئيس - ومن خلفه الإخوان- حتى في طلبهم للحوار يحاولون الاستفراد بكل طرف على حداه، كما حدث فيما سمي بالمشاورات مع القوى الوطنية حيث التقى مرسي مرشحي الرئاسة السابقين، والدكتور البرادعي كل على حداه.. ثم اكتشف الجميع أن ما حدث لاحقاً، لا علاقة له بما تم مناقشته؟ مبدئيا أنا أوافق على طريقة اللقاءات الثنائية فيما يتعلق بالمشاورات التي تمت بصرف النظر عن نتائجها، لأننا كمصريين تعودنا في اللقاءات المشتركة أن نسهب في الحديث، وألا نصارح بعضنا ربما، وأن نتحدث في العموميات، فهذه الطريقة أراها مجدية في المشاورات. لكن فيما يتعلق بالحالة السائدة اليوم، قد يتطلب الأمر إجراءات استثنائية وقرارات تتمتع بقدر من الوطنية من خلال الاستماع للقوى الوطنية المصرية. في رأيكم ما هي أسباب تخبط الرئيس مرسي واتخاذه لقرارات لا تحظى بالتوافق فضلا عن عدم مشروعيتها كقرار إعادة مجلس الشعب، ثم إقالة النائب العام الأولى ثم هذا الإعلان الذي فجر الوضع بحدة؟ في رأيي هذا عائد إلى مسألة استفراد “الجماعة" برؤيتها الأحادية، التي تعتقد أنها تختزل مصلحة الوطن، سيما وأن الرئيس يعتمد على عدد من المستشارين من ذوي الرؤية الأحادية الخالصة وذوي الغرور السياسي غير المسبوق، هؤلاء الذين يتسببون دوما في كبوات مرسي المتتالية، وبالتالي عليه التفكير في توسيع أفق تفكيره واتساع صدر الرئاسة لكل الأطياف السياسية الممثلة للوطن.