حسابيا لا يفصلنا عن موعد نهائيات كأس إفريقيا للأمم سوى 80 يوما، وهي فترة تدخل فيها جل المنتخبات الإفريقية مرحلة جد حساسة من خلال ترتيب أمورها وتخطيط تربصاتها وتحديد قوائم لاعبيها المعنيين بالحدث الإفريقي. وإذا كانت بعض المنتخبات قد انتهت تقريبا من إعداد نواة تشكيلاتها التي ستدافع بها عن حظوظها في جنوب إفريقيا، فإن البعض الآخر ما يزال لم يستقر بعد على التعداد الذي سيعتمد عليه، ويعتبر المنتخب الوطني بقيادة حليلوزيتش واحدا من هذه المنتخبات، حيث تعيش التشكيلة الوطنية مخاضا كبيرا بفعل عدم استقرار الناخب الوطني على نقص العناصر التي ستكون حاضرة بجنوب إفريقيا لعدة عوامل منها الإصابات التي تعاني منها بعض العناصر الأساسية التي يعول عليها حليلوزيتش ووجود أخرى في بطالة كروية منذ مدة، في حين يتواجد صنف آخر من اللاعبين في انتظار لفتة من الطاقم الفني، وهم الذين أبدوا استعدادهم للدفاع عن الألوان الوطنية ويملكون من المؤهلات ما تسمح لهم بتقديم الزاد الذي يحتاجه المنتخب الوطني. حليلوزيتش في انتظار بوڤرة ويبدة وحليش إذا اعتمدنا على التصريحات الأخيرة التي أدلى بها المدرب الوطني بخصوص بعض العناصر التي ينوي الاعتماد عليها، فأسماء اللاعبين بوڤرة ويبدة وحليش يكون قد دوّنها في أجندته، حيث تحدث عن إصراره على الاستفادة من خدماتهم، كونهم يملكون من التجربة والمستوى ما يسمح لهم بإعطاء الزاد للتشكيلة الوطنية المطالبة بالذهاب بعيدا في المنافسة الإفريقية. ولو حاولنا عبثا التدقيق في الوضعية التي يتواجد فيها الثلاثي، لخرجنا بفكرة واحدة وهي أنه (الثلاثي) لم يجر لفترات متفاوتة أي مقابلة رسمية أو ودية سواء تعلق الأمر بمجيد بوڤرة الذي يلعب لنادي لخويا القطري أو حسان يبدة الذي ينشط في صفوف غرناطة الإسباني أو رفيق حليش لاعب نادي أكاديميكا البرتغالي، وحتى إن كانت بعض الأخبار التي تداولتها الصحف قد أكدت بأن هؤلاء اللاعبين يستعدون للعودة إلى المنافسة، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو هل ستكفي الجولات القليلة التي سيلعبونها خلال 20 يوما من شهر ديسمبر ستكون كافية لاستعادة إمكاناتهم البدنية والفنية ويتداركون ما فاتهم من المنافسة؟! إذا كان وضع حليش الذي بقي لموسمين تقريبا حبيس كرسي احتياط ناديه السابق فولهام قد تنفس الصعداء بانضمامه إلى النادي البرتغالي، فإن حظه السيء مع الإصابات قد منعه من اللعب بانتظام منذ تغييره الأجواء، حيث سرعان ما أحيل على البطالة الكروية بخضوعه للعلاج من الإصابات التي تعرّض لها، وبالتالي يمكن القول إن هذا اللاعب يعيش موسمه الثالث على التوالي دون منافسة حقيقية تؤهله للتواجد في تشكيلة حليلوزيتش خلال شهري جانفي وفيفري بجنوب إفريقيا. أما اللاعب مجيد بوڤرة الذي اختار رفقة رهط من محترفينا الوجهة الخليجية، فهو كذلك أصيب منذ أشهر وخضع لعلاج مكثف. وإذا كانت الأصداء قد رشحته للعودة إلى جو المنافسة، فإن جاهزيته للموعد الإفريقي تبقى محل تساؤل واستفهام، ولعل الأكيد هو أن صخرة الدفاع الجزائري يكون فقد الكثير من إمكاناته في السنوات التي تلت كأس العالم وإمكانية بروزه بوجه قوي في جنوب إفريقيا يبقى رهين استعادة مستواه. وبخصوص اللاعب الثالث حسان يبدة، فإن وضعه سيبقى حساسا جدا باعتباره لم يلعب قرابة سنة كاملة، حيث اضطرته الإصابة إلى إجراء عملية جراحية، ورغم شفائه منها في الأشهر الماضية إلا أنه تعرّض لإصابة أخرى أخرت عودته إلى الميادين. ولئن كانت حالته قد تحسنت بشكل كبير وموعد عودته قد اقترب إلا المدة التي يستغرقها من أجل استعادة إمكاناته البدنية ولمسته الفنية قد تطول، ومن ثم ما يخافه الشارع الكروي هو أن يضطر الطاقم الفني إلى عدم الاعتماد عليه أو المغامرة به وفي كلتا الحالتين فوضعه يبقى شائكا. مفارقات ومقاربات أبدى، مؤخرا، حارس مولودية الجزائر فوزي شاوشي، استغرابه من الكيفية التي تسري بها الأمور داخل المنتخب الوطني، حيث أشار إلى أنه لم يفهم كيف أن لاعبا مثل الحارس مبولحي ما يزال يحظى بثقة المدرب الوطني وهو الذي يتواجد دون فريق منذ مدة طويلة، وهو الآن موجود بفرنسا في بطالة مستمرة. وحتى إن كنا غير متأكدين من تواجد هذا اللاعب ضمن قائمة حليلوزيتش الإفريقية، إلا أن وضع هذا اللاعب يحيلنا إلى الحديث عن أوضاع بعض اللاعبين الذين يوجدون في جاهزية تامة لتقديم الزاد إلى المنتخب الوطني، غير أنهم لم يتمكنوا من إقناع المدرب الوطني، ونقصد هنا بالتحديد اللاعب جمال عبدون الذي ينشط في نادي أولمبياكوس اليوناني، ويوجد في أفضل حالاته منذ الموسم الماضي، غير أنه لم تعط له الفرصة مرة أخرى لإثبات قدراته على اللعب للمنتخب الوطني. ولئن كان الشائع عن هذا اللاعب هو عدم انضباطه داخل التشكيلة، فإن ذلك قد لا يشفع للذين قرروا إبعاده نهائيا من المنتخب الوطني، حيث أنه لم يستفد من أي فرصة حقيقية منذ قدومه في عهد المدرب الوطني الأسبق رابح سعدان. ولا يمكننا الحديث عن اللاعبين الذين أبعدوا من التشكيلة، دون ذكر اسم اللاعب كريم زياني الذي ما يزال يطمح إلى العودة لصفوف “الخضر"، وقد أعلن عن ذلك في هكذا مناسبة، إلا أن المدرب حليلوزيتش ما يزال يصر على عدم استدعائه، رغم مستواه الحالي مع ناديه الجيش القطري، حيث يوجد في كامل لياقته البدنية والفنية، وحضوره يبدو مفيدا لتشكيلتنا أحسن من بعض العناصر غير الجاهزة، التي تملك حظوظا وفيرة للتواجد بعرس جنوب إفريقيا. نحو التضحية باللاعب المحلي إذا سارت الأمور على المنهجية نفسها التي يتبعها المدرب حليلوزيتش المعتمدة أساسا على انتظار شفاء اللاعبين المصابين، وبالتالي إقحامهم في القائمة النهائية المسافرة إلى جنوب إفريقيا، فإن كل الدلائل والتوقعات تذهب إلى حتمية التخلي عن بعض العناصر المحلية التي شاركت في التصفيات التأهيلية وحجزت لها مكانا في التشكيلة الأساسية، لأن عودة اللاعبين المصابين يعني منطقيا تقليص تعداد المنتخب الوطني الذي اعتمد عليه حليلوزيتش في الأشهر الأخيرة. وإذا حدث ذلك فهذا يعني أن الفكرة التي سادت في الماضي بالاعتماد فقط على الأسماء المحترفة مهما كان مستواها واستعدادها ستتكرر في الموعد الإفريقي القادم. وحتى إن كنا لا نريد استباق الأحداث، فإن المؤشرات الأولى التي حملتها تصريحات المدرب الوطني تصب كلها في خانة الاستغناء عن السواد الأعظم من محليين واستبدالهم بمحترفين غير جاهزين.